بدء تسليم أراضي الإسكان المتميز بمدينة بني سويف الجديدة.. الأحد المقبل    59 تهمة بينها 15 قتل.. تفاصيل التهم الموجهة لمنفذ هجوم سيدنى الإرهابى    حالة الطقس اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025.. الأرصاد تكشف خرائط الأمطار    صور أثار حريق شقة الفنانة نيفين مندور بالإسكندرية    رئيس جامعة أسيوط يؤكد على أن الفتوى الرشيدة تمثل دعامة رئيسية للاستقرار ومجابهة التحديات المعاصرة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17-12-2025 في محافظة الأقصر    الأربعاء.. 18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    الصحة: إطلاق دليل إرشادي للوقاية من الأمراض المعدية داخل المدارس    بدء مؤتمر الهيئة الوطنية بشأن اليوم الأول لإعادة المرحلة الثانية بانتخابات النواب    إيران تدعو الولايات المتحدة الأمريكية إلى دبلوماسية الاحترام المتبادل    أبو الغيط: الاحتلال يُمعن في إفراغ وقف إطلاق النار بغزة من مضمونه    إعلام الاحتلال: إسرائيل تستعد لمواجهة عسكرية مع حزب الله نهاية العام    شيكاغو فاير يتمسك بصفقة ليفاندوفسكي    مجموعة مصر في أمم أفريقيا.. الفراعنة يبدأون مشوارهم أمام زيمبابوي    وزير الري يتابع أنشطة قطاع شئون مياه النيل وملفات التعاون الثنائي    إقبال كثيف من الناخبين بمعهد كوم اسفين بالقليوبية في اليوم الأول لإعادة المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    نيابة المنتزه تحقق فى مصرع الفنانة نيفين مندور داخل شقتها بالإسكندرية    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    ضبط المتهم باستدراج طفلة يتيمة والتعدي عليها في الشرقية    معلومات الوزراء: الاقتصاد العالمى يشهد تحولات عميقة تعيد رسم موازين القوى    بعد إدراج الكشري في اليونسكو.. التراث غير المادي مهدد بالاندثار دون توثيق    إقبال المواطنين على لجان قليوب في إعادة انتخابات مجلس النواب    سطوحي قائمًا بأعمال عميد علوم عين شمس وطنطاوي للآثار    نائب رئيس مجلس الوزراء يشهد احتفالية العيد الوطني لدولة قطر الشقيقة    الصحة تكشف تفاصيل تجديد بروتوكول مواجهة الطوارئ الطبية لمدة 3 سنوات جديدة    أصول الأكلات التراثية.. من أين جاءت؟    اسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17 ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاربعاء 17-12-2025 في محافظة قنا    سعر الدولار اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 في مصر    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام الطرح الخاص للشركة العملية للطاقة» وإدراجها في بورصة الكويت    السجن 5 سنوات لعامل بتهمة إشعال النيران بسيارة مياه معدنية فى قنا    رسل الموت تنزل فى سراييفو    إعتماد تعديل المخطط التفصيلي لمدينتي القرين والسنبلاوين بمحافظتي الشرقية والدقهلية    مصطفى أبو سريع يعلن انفصاله عن زوجته ويعلق: كانت حق الأم المثالية لأولادي    محمد رمضان: "كنت عارف إن مسلسل "موسى" مش لجمهوري"    وفاة نيفين مندور بطلة فيلم "اللي بالي بالك"    المرأة والشباب.. رواد أعمال    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    من سندرلاند إلى ليفربول.. خريطة غيابات الدوري الإنجليزي في كان 2025    أحمد أيمن منصور: الزمالك يتعرض لظلم كبير وأتمنى مساندة نجومه القدامى    رئيس مجلس الشيوخ يدلى بصوته فى إعادة المرحلة الثانية بانتخابات النواب 2025    الأطباء تحذر| حمية غذائية تتبعها الفتيات قبل الزفاف قد تؤدي إلى مخاطر صحية    وكيل صحة الإسماعيلية تُحيل المقصرين بوحدة «أبو جريش» للتحقيق    اليوم انطلاق جولة الإعادة للمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب في 13 محافظة    إحباط مخطط لهجوم في نيو أورليانز الأمريكية واعتقال جندي سابق بحوزته أسلحة ودرع واق    «ترامب» يحذر فنزويلا من صدمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة    إعلان أسماء الفائزين بجائزة مسابقة نجيب محفوظ للرواية في مصر والعالم العربي لعام 2025    ياسمينا العبد: ميدتيرم عمل شبابي طالع من شباب.. وكل مشاهده واقعية جدًا    أحمد مراد عن فيلم «الست»: إحنا بنعمل أنسنة لأم كلثوم وده إحنا مطالبين بيه    أحمد مراد: لم نتعدى على شخصية "أم كلثوم" .. وجمعنا معلومات عنها في عام    الأزمات تتوالى على القلعة البيضاء، الأوقاف تهدد بسحب جزء من أرض نادي الزمالك بميت عقبة    مصدر أمني ينفي مزاعم الإخوان بشأن هتافات مزعومة ويؤكد فبركة الفيديو المتداول    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    اللاعب يتدرب منفردًا.. أزمة بين أحمد حمدي ومدرب الزمالك    بعد أيام من زواجها.. أب يطلق النار على ابنته في أسيوط    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاختيار الديمقراطي للشعب
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 05 - 2012

بدأت مصر الثورة السير بخطوات حثيثة نحو صياغة ديمقراطية مصرية جديدة علي غير مثال‏:‏ وهاهي عملية انتخابات رئاسة الجمهورية التي بدأت وقائعها أمس تدور بكل مافي هذه المعركة التاريخية من تنافس وصراع بين تيارات أيديولوجية متعارضة وبين أشخاص متباينين في خلفياتهم السياسية وتواريخهم الشخصية‏.‏ ولعل الصراع الأساسي الذي يدور في المجتمع منذ ثورة25 يناير, والذي تبلور بعد فوز حزب الحرية والعدالة من ناحية وحزب النور السلفي من ناحية أخري بأكثرية مجلسي الشعب والشوري, هو بين أنصار الدولة المدنية وأنصار الدولة الدينية.
أنصار الدولة المدنية يريدون تأسيس دولة ديمقراطية عصرية يحكمها مبدأ سيادة القانون, ويستظل بشجرتها الوارفة كل المصريين بغير أدني تمييز بينهم في ضوء مبدأ المواطنة, وهذا المبدأ هو من الميراث الديمقراطي المصري, والذي تجلي في دستور عام1923 حين نص بصورة صريحة علي أن المصريين سواء أمام القانون ولاتمييز بينهم.
وهذه الدولة المدنية تعد امتدادا في الواقع للتراث الليبرالي المصري والذي تبلور ابتداء من دستور1923 واستمر حتي قيام ثورة23 يوليو.1952
وقد أدت الثورة والتي كان لنشوبها أسباب موضوعية تجلت في الموقف الثوري الذي نشأ في أواسط الخمسينيات في مصر إلي قطيعة تاريخية جمدت المسار الليبرالي أفكار أو احزاب ومؤسسات, وفتحت الباب أمام نظام سلطوي يهدف إلي تحقيق العدالة الاجتماعية والرقي بالطبقات الفقيرة والمتوسطة التي عجزت الوزارات المتعددة في ظل الحكم الليبرالي عن إعطائها حقوقها المشروعة.
بعبارة أخري عجز النظام الليبرالي عن حل المشكلة الاجتماعية والتي تفاقمت قبيل ثورة23 يوليو, ونعني بها الفجوة الطبقية الكبري بين من يملكون ومن لايمتلكون في ريف مصر وحضرها, كما أنه عجز أيضا عن حل المشكلة الوطنية ونعني إجلاء قوات الاحتلال الإنجليزي التي جثمت علي صدر البلاد سبعين عاما كاملة.
ثورة يوليو1952 قطعت إذن المسار الليبرالي المصري, والذي كان مقدرا له ان يتطور ويتلافي الأخطاء السياسية القاتلة التي ارتكبتها النخبة الليبرالية بكم أنانيتها السياسية وقصر نظرها التاريخي.
وهكذا بدأت مسيرة النظام السلطوي المصري منذ ثورة يوليو1952 والذي انتقل من عهد عبدالناصر الذي ساده نظام الحزب الواحد( الاتحاد الاشتراكي العربي) إلي عهد أنور السادات الذي ألغاه وفتح الباب أمام تعددية سياسية مقيدة وصولا إلي عهد الرئيس السابق مبارك الذي قنن السلطوية المطلقة, وهمش جميع الأحزاب السياسية المعارضة بل إنه قنن الفساد الذي أصبح علامة من علامات نظامه والذي وصل إلي ذراه بالزواج المحرم بين السلطة والثروة!
ومن هنا فأنصار الدولة المدنية إنما يبنون مشروعهم الجديد مستندين في ذلك إلي تراث ليبرالي كان له في زمانه إنجازات فكرية باهرة, لأنه أعلي من سلطان العقل إيمانا بالفكرة الحداثية الأساسية أن العقل وليس النص الديني هو محك الحكم علي الأشياء كما أنه كانت له ايجابيات سياسية متعددة عوقتها تدخلات القصر ممثلة في الملك فاروق والإملاءات السياسية للسلطة الإنجليزية المحتلة التي بلغت ذروتها بحادث4 فبراير الشهير الذي فرضت فيه السلطة علي الملك تكليف مصطفي النحاس باشا زعيم حزب الوفد وهو حزب الأغلبية بتشكيل الوزارة.
غير أن هذه الدولة المدنية الليبرالية التي تشكلت عقب صدور دستور عام1923, وقفت في وجهها تيارات دينية تقليدية رفضت إنجازات الحداثة الغربية, وهاجمت بعنف شديد كبار المفكرين الذين أرادوا تطبيق مقولات المنهج النقدي علي التراث, وهكذا هوجم المفكر التنويري العظيم طه حسين لأنه أصدر كتاب الشعر الجاهلي وفصل من الجامعة عقابا له علي أنه أعمل المنهج النقدي في دراسة التراث كما هوجم أيضا الشيخ علي عبد الرازق لأنه اجتهد في مجال العلاقة بين الدين والسياسة في كتابه الإسلام وأصول الحكم علي غير هوي الجماعات الدينية التقليدية الجامدة.
غير أنه يمكن القول ان اكبر تحد واجه الدولة المدنية الديمقراطية في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات هو تشكيل الشيخ حسن البنا رحمه الله لجماعة الإخوان المسلمين عام1928, والتي قدمت نموذجا مضادا للدولة المدنية الديمقراطية لأن مشروعها الاستراتيجي كان هو تأسيس دولة دينية تطبق أحكام الشريعة الإسلامية.
ولانريد ان ندخل في تفصيلات الصراع الدامي بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام الليبرالي, والذي ارتكب الجهاز السري الذي أسسه الشيخ حسن البنا جرائم اغتيالات متعددة لمن اعتبروا خصوما للجماعة, وأولهم المستشار الخازندار الذي حكم علي أعضاء الجماعة, وثانيهم النقراشي باشا رئيس الوزراء.
وقد أدت هذه الأعمال الإرهابية إلي حل الجماعة عام1948, وتم اغتيال الشيخ حسن البنا, وكان ذلك علامة مبكرة علي ان الصدام بين الدولة المدنية الديمقراطية وأنصار الدولة الدينية يمكن ان يكون صداما داميا يقع فيه الضحايا بالعشرات غير أنه إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين قد تجمد نشاطها في الحقبة الناصرية بحكم اعتقال أعضائها, إلا أنها عادت للظهور في عهد الرئيس السادات والذي أراد ان يفسح لأعضائها مجال العمل السياسي ظنا منه أنه يمكن ان يوازن بهم القوي الناصرية واليسارية التي كانت تعارض سياساته.
غير أنه ظهر نبت جديد لأنصار الدولة الدينية تمثل في الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد. وهاتان الجماعتان مارستا الإرهاب بشكل شديد الشراسة سواء ضد المدنيين المصريين أو ضد السياح الأجانب.
ودار الزمن دورته بعد ان نجح نظام الرئيس السابق مبارك في قمع هذه الجماعات الإرهابية التي خرج أنصارها من السجون, بعد أن قاموا بعملية نقد ذاتي محمودة في ذاتها, من خلال سلسلة من كتب المراجعات التي اعترفوا فيها بأخطائهم وأعلنوا توبتهم عن استخدام العنف.
وهاهم الآن في الساحة المصرية قد شكلوا أحزابا سياسية مدنية ويبدو خطابهم وياللغرابة أكثر اعتدالا من خطاب جماعة الإخوان المسلمين والتيارات السلفية!
الصراع السياسي الرئيسي في مصر الآن لايدور حول شخص رئيس الجمهورية في الواقع أيا كان, ولكن حول خيار الدولة المدنية الذي يمكن ان يؤسس لديمقراطية مصرية عصرية تنسجم مع الأوضاع العالمية, أو خيار الدولة الدينية التي يسعي أنصارها إلي استعادة نظام الخلافة وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بطريقة استخدام القياس الخاطيء والتأويل المنحرف!
علي الشعب المصري ان يختار!
المزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.