نقيب الصحفيين: تقديم بلاغ ضد «ڤيتو» مؤشر يجب التوقف أمامه في ظل غياب آليات واضحة لتداول المعلومات    محافظ المنوفية: النزول بدرجات القبول ببعض مدارس التعليم الفني للتدريب والتعليم المزدوج    سعر الذهب اليوم الخميس 21 أغسطس 2025 وعيار 21 الآن بعد آخر انخفاض بالصاغة    جامعة بنها الأهلية تطلق احتفالية أسبوع الابتكار وتدشن منصة «Inoventre Gateway»    «عبداللطيف» يلتقي وزير الخارجية الياباني (تفاصيل)    الخارجية الأمريكية تقيل مسؤولا بسبب عبارة «تهجير سكان غزة» وتعزية «الشريف»    الكشف عن امتلاك كوريا الشمالية قاعدة عسكرية سرية تنذر بخطر نووي على شرق آسيا والولايات المتحدة    غارة إسرائيلية استهدفت بلدة دير سريان جنوبي لبنان    "الأونروا": 1من كل 3 أطفال يعاني سوء التغذية في قطاع غزة    «نتنياهو» يصعّد هجومه ضد رئيس وزراء أستراليا    الشباب والرياضة تبدأ تعميم الترتيبات التنفيذية بعد تصديق الرئيس على تعديلات قانون الرياضة    مواجهات مرتقبة في إفتتاح دوري المحترفين    شرط هويلاند للرحيل عن مانشستر يونايتد    ب 8 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    «الداخلية» تكشف تفاصيل «فيديو المعصرة».. القبض على المتهم بسكب البنزين وإشعال النار في آخر    حالة الطقس اليوم الخميس 21 أغسطس في القاهرة والمحافظات.. درجات الحرارة تصل ل43    تصادم مروع على طريق الإسكندرية – مطروح يسفر عن اشتعال وتفحم 4 سيارات و20 إصابة    خلافات أسرية تنتهي بجريمة مروعة.. مصرع سيدة وإصابة ابنتها طعنًا بالدقهلية    بسمة داوود صحفية في مسلسل «ما تراه ليس كما يبدو» (صور)    وزير السياحة: مصر أصل علم المصريات ومهد الحضارات.. ويجب استعادة صدارتها في هذا المجال    وكيل وزارة الصحة تُفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيري وتحيل المقصرين للتحقيق    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى رأس الحكمة ويوجه بسرعة تشكيل فرق عمل لرفع كفاءتها    ندوة حول التأمين الصحي الشامل وتطوير الخدمات للمواطنين في بورسعيد    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 126 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    خلال 24 ساعة.. ضبط (385) قضية مخدرات وتنفيذ (84) ألف حكم قضائي    رابيو يعرض نفسه على يوفنتوس    من حريق الأقصى إلى مواقع غزة.. التراث الفلسطيني تحت نيران الاحتلال    رفضه لجائزة ملتقى الرواية 2003 أظهر انقسامًا حادًا بين المثقفين والكتَّاب |السنوات الأولى فى حياة الأورفيلى المحتج    تكريم المخرجة والكاتبة الإسبانية مرسيدس أورتيغا في مهرجان الإسكندرية السينمائي المقبل    دار الإفتاء: سب الصحابة حرام ومن كبائر الذنوب وأفحش المحرمات    صعود مؤشرات البورصة هامشيا بمستهل تعاملات جلسة نهاية الأسبوع    «الكنيسة القبطية الأرثوذكسية»: الأعياد مناسبة لمراجعة النفس والتقرب إلى الله    وزير الإسكان يعلن الانتهاء من إجراء القرعتين 17 و18 للمواطنين الذين تم توفيق أوضاعهم بالعبور الجديدة    ريبيرو يمنح لاعبي الأهلي راحة سلبية ويستكشف المحلة    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن شخصين    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    هندسة بنها تحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية في مسابقة "صنع في مصر"    إجازة المولد النبوى .. 3 أيام متتالية للموظفين    3 وكلاء جدد بكلية الزراعة جامعة عين شمس    تشمل 21 مستشفى.. تعرف على خطة "الصحة" للتوسع في خدمات زراعة الأسنان    هل يجوز سؤال الوالدين عن رضاهم عنا؟.. أمين الفتوى يجيب    القبض على البرلماني السابق رجب هلال حميدة سببه قضايا شيكات بدون رصيد    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية العشرين إلى قطاع غزة    كامل الوزير يتفقد المجمع المتكامل لإدارة المخلفات بالعاشر من رمضان    عاجل- مصر تدعو اليابان لإنشاء منطقة صناعية كبرى والتعاون في تحلية المياه واستضافة مؤتمر "جيدا" الدولي    وصول قيادات الجامعات لافتتاح معرض التعليم العالي بمكتبة الإسكندرية |صور    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ أسوان الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    نجم الأهلي السابق: عمر الساعي كان «ضحية» كولر.. وأتمنى انضمامه للمنتخب    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    الإسماعيلي يتقدم باحتجاج رسمى ضد طاقم تحكيم لقاء الاتحاد السكندرى    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاختيار الديمقراطي للشعب
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 05 - 2012

بدأت مصر الثورة السير بخطوات حثيثة نحو صياغة ديمقراطية مصرية جديدة علي غير مثال‏:‏ وهاهي عملية انتخابات رئاسة الجمهورية التي بدأت وقائعها أمس تدور بكل مافي هذه المعركة التاريخية من تنافس وصراع بين تيارات أيديولوجية متعارضة وبين أشخاص متباينين في خلفياتهم السياسية وتواريخهم الشخصية‏.‏ ولعل الصراع الأساسي الذي يدور في المجتمع منذ ثورة25 يناير, والذي تبلور بعد فوز حزب الحرية والعدالة من ناحية وحزب النور السلفي من ناحية أخري بأكثرية مجلسي الشعب والشوري, هو بين أنصار الدولة المدنية وأنصار الدولة الدينية.
أنصار الدولة المدنية يريدون تأسيس دولة ديمقراطية عصرية يحكمها مبدأ سيادة القانون, ويستظل بشجرتها الوارفة كل المصريين بغير أدني تمييز بينهم في ضوء مبدأ المواطنة, وهذا المبدأ هو من الميراث الديمقراطي المصري, والذي تجلي في دستور عام1923 حين نص بصورة صريحة علي أن المصريين سواء أمام القانون ولاتمييز بينهم.
وهذه الدولة المدنية تعد امتدادا في الواقع للتراث الليبرالي المصري والذي تبلور ابتداء من دستور1923 واستمر حتي قيام ثورة23 يوليو.1952
وقد أدت الثورة والتي كان لنشوبها أسباب موضوعية تجلت في الموقف الثوري الذي نشأ في أواسط الخمسينيات في مصر إلي قطيعة تاريخية جمدت المسار الليبرالي أفكار أو احزاب ومؤسسات, وفتحت الباب أمام نظام سلطوي يهدف إلي تحقيق العدالة الاجتماعية والرقي بالطبقات الفقيرة والمتوسطة التي عجزت الوزارات المتعددة في ظل الحكم الليبرالي عن إعطائها حقوقها المشروعة.
بعبارة أخري عجز النظام الليبرالي عن حل المشكلة الاجتماعية والتي تفاقمت قبيل ثورة23 يوليو, ونعني بها الفجوة الطبقية الكبري بين من يملكون ومن لايمتلكون في ريف مصر وحضرها, كما أنه عجز أيضا عن حل المشكلة الوطنية ونعني إجلاء قوات الاحتلال الإنجليزي التي جثمت علي صدر البلاد سبعين عاما كاملة.
ثورة يوليو1952 قطعت إذن المسار الليبرالي المصري, والذي كان مقدرا له ان يتطور ويتلافي الأخطاء السياسية القاتلة التي ارتكبتها النخبة الليبرالية بكم أنانيتها السياسية وقصر نظرها التاريخي.
وهكذا بدأت مسيرة النظام السلطوي المصري منذ ثورة يوليو1952 والذي انتقل من عهد عبدالناصر الذي ساده نظام الحزب الواحد( الاتحاد الاشتراكي العربي) إلي عهد أنور السادات الذي ألغاه وفتح الباب أمام تعددية سياسية مقيدة وصولا إلي عهد الرئيس السابق مبارك الذي قنن السلطوية المطلقة, وهمش جميع الأحزاب السياسية المعارضة بل إنه قنن الفساد الذي أصبح علامة من علامات نظامه والذي وصل إلي ذراه بالزواج المحرم بين السلطة والثروة!
ومن هنا فأنصار الدولة المدنية إنما يبنون مشروعهم الجديد مستندين في ذلك إلي تراث ليبرالي كان له في زمانه إنجازات فكرية باهرة, لأنه أعلي من سلطان العقل إيمانا بالفكرة الحداثية الأساسية أن العقل وليس النص الديني هو محك الحكم علي الأشياء كما أنه كانت له ايجابيات سياسية متعددة عوقتها تدخلات القصر ممثلة في الملك فاروق والإملاءات السياسية للسلطة الإنجليزية المحتلة التي بلغت ذروتها بحادث4 فبراير الشهير الذي فرضت فيه السلطة علي الملك تكليف مصطفي النحاس باشا زعيم حزب الوفد وهو حزب الأغلبية بتشكيل الوزارة.
غير أن هذه الدولة المدنية الليبرالية التي تشكلت عقب صدور دستور عام1923, وقفت في وجهها تيارات دينية تقليدية رفضت إنجازات الحداثة الغربية, وهاجمت بعنف شديد كبار المفكرين الذين أرادوا تطبيق مقولات المنهج النقدي علي التراث, وهكذا هوجم المفكر التنويري العظيم طه حسين لأنه أصدر كتاب الشعر الجاهلي وفصل من الجامعة عقابا له علي أنه أعمل المنهج النقدي في دراسة التراث كما هوجم أيضا الشيخ علي عبد الرازق لأنه اجتهد في مجال العلاقة بين الدين والسياسة في كتابه الإسلام وأصول الحكم علي غير هوي الجماعات الدينية التقليدية الجامدة.
غير أنه يمكن القول ان اكبر تحد واجه الدولة المدنية الديمقراطية في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات هو تشكيل الشيخ حسن البنا رحمه الله لجماعة الإخوان المسلمين عام1928, والتي قدمت نموذجا مضادا للدولة المدنية الديمقراطية لأن مشروعها الاستراتيجي كان هو تأسيس دولة دينية تطبق أحكام الشريعة الإسلامية.
ولانريد ان ندخل في تفصيلات الصراع الدامي بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام الليبرالي, والذي ارتكب الجهاز السري الذي أسسه الشيخ حسن البنا جرائم اغتيالات متعددة لمن اعتبروا خصوما للجماعة, وأولهم المستشار الخازندار الذي حكم علي أعضاء الجماعة, وثانيهم النقراشي باشا رئيس الوزراء.
وقد أدت هذه الأعمال الإرهابية إلي حل الجماعة عام1948, وتم اغتيال الشيخ حسن البنا, وكان ذلك علامة مبكرة علي ان الصدام بين الدولة المدنية الديمقراطية وأنصار الدولة الدينية يمكن ان يكون صداما داميا يقع فيه الضحايا بالعشرات غير أنه إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين قد تجمد نشاطها في الحقبة الناصرية بحكم اعتقال أعضائها, إلا أنها عادت للظهور في عهد الرئيس السادات والذي أراد ان يفسح لأعضائها مجال العمل السياسي ظنا منه أنه يمكن ان يوازن بهم القوي الناصرية واليسارية التي كانت تعارض سياساته.
غير أنه ظهر نبت جديد لأنصار الدولة الدينية تمثل في الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد. وهاتان الجماعتان مارستا الإرهاب بشكل شديد الشراسة سواء ضد المدنيين المصريين أو ضد السياح الأجانب.
ودار الزمن دورته بعد ان نجح نظام الرئيس السابق مبارك في قمع هذه الجماعات الإرهابية التي خرج أنصارها من السجون, بعد أن قاموا بعملية نقد ذاتي محمودة في ذاتها, من خلال سلسلة من كتب المراجعات التي اعترفوا فيها بأخطائهم وأعلنوا توبتهم عن استخدام العنف.
وهاهم الآن في الساحة المصرية قد شكلوا أحزابا سياسية مدنية ويبدو خطابهم وياللغرابة أكثر اعتدالا من خطاب جماعة الإخوان المسلمين والتيارات السلفية!
الصراع السياسي الرئيسي في مصر الآن لايدور حول شخص رئيس الجمهورية في الواقع أيا كان, ولكن حول خيار الدولة المدنية الذي يمكن ان يؤسس لديمقراطية مصرية عصرية تنسجم مع الأوضاع العالمية, أو خيار الدولة الدينية التي يسعي أنصارها إلي استعادة نظام الخلافة وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بطريقة استخدام القياس الخاطيء والتأويل المنحرف!
علي الشعب المصري ان يختار!
المزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.