فى مساء السادس والعشرين من رجب الموافق الثالث من مايو من العام الحالى، وهى الليلة التى أقيمت فيها الاحتفالات الرسمية والشعبية بذكرى الاسراء والمعراج ، وفى ذات الليلة التى كانت تمر فيها نقابة الصحفيين بأزمتها مع وزارة الداخلية ، وخلال متابعتى لتصاعد الأحداث فى القنوات التليفزيونية الفضائية فوجئت عندما طالعت ، بطريق المصادفة، برنامجا يبث تحت مسمى «صندوق الاسلام» فى قناة فضائية تصدر بالخارج فتوقفت لحظات للاستماع لهذا البرنامج ، وقد هالنى ما سمعته من المذيع والذى بدأ البرنامج ببث شريط فيديو لبعض أفراد من ِ«داعش» يصيحون فيه «الله أكبر» ثم يقومون بعد ذلك بعملية اعدام وحشية لعدد من الأشخاص والصورة تتشابه مع اعدام المواطنين المصريين فى ليبيا ، وتتوالى بعد ذلك صور مشابهة يقتلون فيها أشخاصا مختلفين فى أماكن متعددة ، وبعد هذه الاثارة الدموية يظهر المذيع بهدوء شديد ويبدأ كلماته بقوله انه يحدث اليوم المشاهدين عن التشابه الواضح بين هتلر النازى و محمد ، معاذ الله وهذه من عندى، دون أن يلقبه بالنبى أو الرسول مشيرا الى أن بينهما قواسم مشتركة عديدة، وقبل الاستطراد فى سرد تلك القواسم يبلغ المشاهدين انه يكفى أن هذا الدين يسمى الاسلام والذى يعنى فى حقيقته الاستسلام، وأنه يطلب من تابعيه الطاعة التامة دون القاء أى أسئلة أو استفسارات حوله ، وأن هذا الدين تميز بمبادىء الفاشية منذ ظهوره وأنه يضطهد اليهود ويطلب فناءهم حتى آخر فرد منهم وفقا لتعاليمه مؤكدا أن ما تردد عن أن محمدا (صلعم) كان قد رهن درعه قبل وفاته لدى رجل يهودى هو «كلام فارغ»لأنه حسب قوله كان لدى وجوده فى المدينة قد قضى على اليهود وممتلكاتهم جميعهم ، واستمر المذيع على هذا المنوال فى التطاول على رسول الله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام مع سرد الأكاذيب حول الدين الاسلامى والاستخفاف بتعاليمه.. وبعد المفاجأة قررت أنه لابد من وقفة ازاء ما بثه هذا البرنامج الذى أذيع فى السابعة مساء الثلاثاء 3 مايو الحالى، وهى الوقفة التى تطرح العديد من التساؤلات : أولها كيف يذاع مثل هذا البرنامج وكيف يسمح به فى قناة فضائية تبث على النايل سات؟؟ وفى الوقت الذى يسود فيه مناخ التسامح فى خطوات مجتمعية قوية ومنها العمل على اقرار قانون انشاء الكنائس وأماكن العبادة للاخوة المسيحيين فى مجلس النواب. وهل توجه القنوات الدينية لازدراء الديانات الأخرى ؟؟ وكيف تخرج هذه القناة على النظام العام فى المجتمع الذى تكون فيه الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع مع احترام الشرائع السماوية الأخرى. وكيف أن ما بثه ذلك البرنامج يعطى ذرائع لا نهاية لها لكل من يسعى لشق هذه الأمة الى أجزاء بل والى أشلاء ؟ ومع متابعتنا لقنوات دينية اسلامية مثل «اقرأ» و «الرسالة» وهى قنوات اسلامية لم نشاهد أو نسمع على الاطلاق أى تطاول على الأديان الأخرى بل ان الله جل جلاله فى كتابه الكريم أمرنا بالايمان بكتبه ورسله جميعا دون أن يفرق بين أحد منهم ، بل انه سبحانه جعل ذلك شرطا من شروط الايمان به ، فكيف يحدث ذلك فى قناة فضائية موجهة الى المصريين ويحملها اليهم قمر صناعى يملكه المصريون ؟؟ وأخيرا فان هذا الأمر يستدعى التصدى له وهذا بلاغ منى مفتوح تجاه تلك القناة ومسئوليها ، الى جانب مطالبتى بضرورة بث قناة الأزهر التى طال انتظارها مع شمولها كل الحجج التى ترد بها على شبهات المشككين المغرضين وعلى مثل هذه الأكاذيب التى لا تستهدف الا الى تأجيج مزيد من الفتن بين مواطنى الأمة الواحدة وهو الأمر الذى يخدم أعداء مصر بل وأعداء الاسلام فى كل مكان وهو الاسلام الصحيح الذى لا يعنى الاستسلام بل أن نسلم وجوهنا لله خالقنا والذى يعنى السلام بين كل البشر وليس اسلام اداعشب أو اسلام المنظمات الارهابية التى تستهدف كل البشر وتغتال الانسانية سواء كان ضحاياها من المسلمين أو المسيحيين أو اليهود. لمزيد من مقالات نهال شكري