احتفت مجلة ناشونال جيوجرافيك العربية الصادرة عن أبوظبي للإعلام في عددها الأخير بحديقة الازهر بوصفها واحدة من اهم وأجمل المناطق الخضراء في المدن الكبري بالعالم. تقول السعد المنهالي رئيس تحرير المجلة في كلمتها: عندما زرت الحديقة لأول مرة في عام2008 اي بعد ثلاث سنوات علي افتتاحها لم يشر دليلي اطلاقا الي اصل هذه المساحة الخضراء التي تبلغ30 هكتارا والمحاطة كليا بأكبر متحف مفتوح للآثار الاسلامية في العالم وتسكن قلب القاهرة. ولكن في زيارة اخري عام2014 كان دليلي هذه المرة شابا متحمسا يحكي عن المكان بكل فخر وكأنه منزله إذ أخذ يذكر ارقام المساحات وأنواع الاشجار والزهور وعدد الزوار بكل اعتزاز ولكن فخره بدا يخفت عندما صرح بأن هذه البقعة التي تشبه الجنة في مخيلتي كانت في الاساس مكب نفايات لقترة تزيد علي500 سنة وكانت هذه المعلومة بالنسبة لي بمنزلة السر الاعظم للمكان. تكشف المنهالي في حيثيات اختيارها لحديقة الازهر او للاماكن الاخري كمنتزهات ان الامر ليس سياسة فقط انما ارادة فالسر ليس في الادوات انه الانسان والجوهر ليس ذاك الاكتشاف او الابتكار او الانتاج انما في تلك العملية الانسانية الاعظم التي تحدث في عقل بعض البشر وتجعلهم يستكشفون ويبتكرون ويخترعون. موضوع واحات المدن يتطرق الي جمالية المناطق الخضراء في الحواضر وأهميتها لسكان المكان الذي ابتلعته المباني ومن هنا يظهر الدور الذي تؤديه شخصيات معينة في احداث فرق في المكان والزمان. وتحت عنوان جنينة القاهرة ذكرت المجلة انه بعد11 عاما علي افتتاحها باتت تلك الحديقة قبلة لمليون زائر سنويا من السياح والمصريين الباحثين عن طب الطبيعة. قصه انشاء الحديقة مملوءة بالتحديات والعقبات المدهشة التي تم التغلب عليها بالعزم والإرادة كان اهمها حسب ما ذكره الدكتور ماهر استينو المهندس الذي اسند اليه مهمة وضع وتنفيذ المخطط العام لحديقة الازهر حجم عمق طبقة المخلفات التي بلغت30 مترا اذ كان الموقع مكانا لجمع النفايات علي مدي اكثر من500 عام الي درجة انها ابتلعت جزءا من السور التاريخي لمدينة القاهرة والذي عثر عليه اثناء عمليات التطهير التي تطلبت حمولة80 الف شاحنة من التراكمات قبل بدء اعمال التشييد والمثير للدهشة ان عمليات رفع الانقاض كشفت عن1.5 كيلو متر من سور القاهرة الايوبية بأبراجه وشرفاته اضافة الي كتل حجرية كبيرة منقوش عليها كتابات هيروغليفية كانت قد جلبت من معابد فرعونية مجاورة لإتمام عملية بناء السور لكن لم يتم استخدامها. وبعد21 عاما من العقبات وتكاليف بلغت زهاء30 مليون دولار افتتحت الحديقة رسميا في مارس.2005 تتجلي روعة حديقة الازهر في منح زائريها رؤية بانورامية ساحرة للقاهرة ففي الجزء الغربي الملاصق لها الذي يضم القاهرة الفاطمية يمكن رؤية المجموعات الاثرية الفريدة من المساجد والأضرحة والتي يحفها خط ممتد طويل من المآذن ومن ناحية الجنوب مسجد السلطان حسن وجامع محمد علي وقلعة صلاح الدين الايوبي وفي المشهد الشمالي منها الجامع الازهر ومسجد الحسين فيما يطوق شارع صلاح سالم خاصرة الحديقة علي طول حدها الشرقي فاصلا اياها عن منطقه السلطان احمد الاثرية القديمه ومن ورائها جبل المقطم. واليوم وبعد مرور اكثر من30 عام علي قرار انشائها تتربع حديقة الازهر علي عرش جنائن مصر والشرق الاوسط ببهائها وملامحها الاسلامية العريقة. وهي تبدو لمن يراها من الفضاء اشبه بعين ذات بؤبؤ اخضر اللون تسبح وسط شبكة معقدة من شرايين الازقة والحواري العابقه بلون التاريخ الرمادي وكان بها تعويذة او قلادة تحرس قبابا ومآذن واضرحة في المقلب الاخر من السور القديم للمدينة العريقة. عدد أبريل يعد وثيقة شديدة الرصانة والموضوعية حول حديقة الازهر يستحق من المصريين قراءته بعناية وحب.