أكد الدكتور الطيب محمود، عميد كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بأم درمان بالسودان، وعضو لجنة التحكيم بالمسابقة العالمية لحفظ القرآن الكريم التى نظمتها وزارة الأوقاف المصرية بمدينة شرم الشيخ، أن مصر بلد الأمن والأمان، وان المشاركين فى المسابقة جاءوا سفراء لبلادهم وسيعودون سفراء لمصر فى العالم كله، فهى بلد الأمن والأمان وستظل بإذن الله تعالي. وطالب الأئمة والدعاة وخطباء المساجد، بضرورة مراعاة فقه الواقع، وتناول القضايا التى تهم المجتمع، مؤكدا أن التحديات الكثيرة التى تواجه الأمة حاليا، تتطلب داعية عصريا ملما بقضايا المجتمع، لأن انفصال الدعاة عن الواقع، يصب فى مصلحة الدخلاء على الدعوة. وأوضح فى حوار مع «الأهرام» على هامش مشاركته فى المسابقة أن المساجد هى خط الحماية الأول فى مواجهة الفكر المتطرف، ولذلك يجب الاهتمام بتأهيل وتدريب الدعاة وخطباء المساجد، للقيام بمهمة نشر الثقافة الإسلامية الصحيحة ومواجهة التشدد ونشر الوسطية والاعتدال، والرد على الأكاذيب والافتراءات التى تثار حول الإسلام .. وإلى نص الحوار : ما انطباعكم عن المسابقة العالمية لحفظ القرآن التى نظمتها وزارة الأوقاف المصرية؟ إن حفظ القرآن شرف لصاحبه حيًّا وميتًّا، وقد تميزت المسابقة بجوانب عدة، فإقامة هذه المسابقة هنا فى شرم الشيخ جاءت للتأكيد على سماحة الإسلام وتعانقه مع الحضارات، فالإسلام دين الجمال والكمال، ولقد عبر أعضاء لجنة التحكيم من مختلف الدول العربية والإسلامية عن انبهارهم بما رأوه من آثار دينية وتاريخية، وما شاهدوه من مظاهر طبيعية وحضارية، وقد جئنا سفراء لبلادنا وسنعود سفراء لمصر فى العالم كله، فمصر بلد الأمن والأمان وستظل بإذن الله تعالي. كما نعبر عن شكرنا وتقديرنا لمصر حكومة وشعبًا، ووزارة الأوقاف على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، سائلين الله لمصر وأهلها دوام الأمن والأمان. الأفكار المتشددة والتفسيرات الخاطئة للنصوص تعد تحديات تواجه تجديد الخطاب الديني، كيف يمكن مواجهة الظاهرة ؟ عند الحديث عن تجديد الخطاب الديني، يجب أولا أن نتحدث عن مواجهة الفكر المتشدد، الذى هو نتيجة للتفسيرات الخاطئة للنصوص، وهذا ما تقوم به الجماعات المتطرفة لاستقطاب الشباب، من خلال المتاجرة ببعض المفاهيم والمصطلحات، ولذلك وبصفتى أحد محكمى المسابقة العالمية الثالثة والعشرين للقرآن الكريم، التى أقامتها وزارة الأوقاف المصرية، فى مدينة شرم الشيخ، فى أبريل الماضي، فقد كان من الأمور الحسنة، أن تكون هناك أفرع فى المسابقة، لفهم المعانى والقيم الواردة فى القرآن الكريم، ولا تكون المسابقة فى حفظ القرآن فقط، وهذا ما يجب أن يكون فى جميع مسابقات القرآن، بل لابد أن يقوم الدعاة والأئمة وخطباء المساجد، بشرح هذه القيم والمفاهيم فى الدروس الدينية فى المساجد، فتجديد الخطاب الدينى يكون أولا بمواجهة الفكر المتشدد، وعرض سماحة وعظمة الإسلام، وتأكيد أنه دين التعايش السلمي، وأن الشريعة الإسلامية تقوم على حفظ النفس والمال والعقل والعرض، وأن الإسلام يرفض كل صور التخريب والتدمير، وأنه دين التسامح والرحمة . ما هى أهم الموضوعات التى يجب أن يركز عليها الخطاب الدينى فى الوقت الحالى ؟ هناك قضايا كثيرة تتطلب أن نواجهها ونركز عليها، ولذلك أنصح بمراعاة الواقع ومناقشة قضايا المجتمع، وأن يكون الداعية مرتبطا بمشاكل الناس، يعيش بينهم ويعرف مشاكلهم، ويتواصل مع رواد المسجد، ويقدم لهم الموعظة الحسنة، التى تساعدهم على مواجهة المحن والمشكلات، لأنه من العيب أن ينفصل الدعاة عن الواقع وقضايا المجتمع، ففى هذه الحالة لن تكون هناك روابط بين الدعاة والناس، ووقتها قد يذهب الناس إلى غير المتخصصين، وما يصاحب ذلك من أفكار متشددة، نتيجة عدم التخصص والجهل بالعلوم الشرعية، كما أنصح بضرورة الرد على كل القضايا التى تثار من فترة لأخري، ونخاطب الشباب ونصحح لهم المفاهيم، ونقدم لهم منهج الإسلام الصحيح، حتى لا نترك الشباب فريسة للدخلاء على الدعوة، كما أرى ضرورة أن يركز الخطاب الدينى على المعاملات، وحث الناس على التكافل وصلة الأرحام وحب الأوطان، وبشكل عام لابد أن يقدم الخطاب الديني، علاجا لجميع القضايا التى يعانيها المجتمع، وهذا يتطلب أن يكون الداعية على علم تام بالواقع . وكيف يمكن أن نصل للخطاب الدينى المنشود الذى يعالج قضايا المجتمع؟ هذا يتحقق من خلال تأهيل وتدريب الأئمة والدعاة، وأن تكون هناك دورات يشرف عليها كبار العلماء، وأن تكون هذه الدورات متخصصة وشاملة، وتكون هناك مميزات للأئمة الذين يحصلون على هذه الدورات، لأن تجديد الخطاب الدينى ليس فقط فى الموضوع، ولكن التجديد يكون فى الأسلوب والتواصل مع رواد المسجد، والرد على أسئلة واستفسارات الناس، ويكون أيضا من خلال القوافل الدعوية، والنزول إلى المجتمع، والتواصل مع الشباب فى الجامعات والمدارس ومراكز الشباب، والمؤكد أن الداعية هو الأساس فى تجديد الخطاب الديني، ولذلك فأهم ما يجب أن نسعى إليه، هو تأهيل الدعاة لمواجهة الدخلاء على الدعوة، وهناك مسئولية تقع على عاتق الدعاة أنفسهم، من خلال اكتساب الخبرات، واستخدام وسائل التواصل الحديثة فى الدعوة، وذلك بهدف الوصول لشريحة كبيرة من الناس، وخصوصا الشباب . وما النصائح التى تقدمها لشباب الأئمة والدعاة ؟ أنصح الأئمة والدعاة بالعمل بكل جهد، لنشر الثقافة الإسلامية الصحيحة، والوجود بين الناس، وأن يدرك الداعية أنه صاحب رسالة، وأن هذه الرسالة لها دور كبير فى تقدم المجتمع، لأن الجميع ينظر نظرة تقدير واحترام للعلماء والدعاة، ولذلك يجب أن يضرب الداعية أروع الأمثلة فى الإخلاص فى العمل، والتفانى فى خدمة الدعوة، وأن يحث الناس على الفضيلة والعفة والطهارة، وأن يوجد بينهم، كما أنصح بضرورة التحضير الجيد للدروس، واختيار الموضوعات التى تفيد عامة الناس، وأن يكون الخطاب الدينى فى المسجد موجها لجميع الفئات، وأن تتناول الدروس الدينية فى المساجد، جوانب من الأخلاق والقيم الواردة فى القرآن، وأن يعمل الدعاة بكل جهد لغرس الأخلاق والقيم لدى الشباب والأطفال، لأن الأمة عندما تتمسك بكتاب الله عز وجل تسود القيم والفضيلة داخل المجتمع، لأن المساجد هى خط الحماية الأول فى مواجهة التطرف والإرهاب، ولذلك لابد أن تكون المساجد مراكز للتنوير والوسطية والاعتدال. وكيف تفسر حملات الهجوم على التراث التى تظهر من فترة لأخري؟ هذه ظاهرة تحتاج إلى توضيح وتوعية، بهدف أن يدرك الشخص العادى أسباب الهجوم على التراث، فهذا يحدث دائما إما عن جهل بالتراث، الذى تركه الفقهاء والعلماء والمجتهدون فى الماضي، أو يحدث عن قصد بهدف خدمة توجهات معينة، تهدف للتشكيك فى التراث، وهنا يجب أن يقوم العلماء بدورهم فى توعية الناس، لأن تراث الأمة جاء من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والهجوم على كل ما تركه الفقهاء أمر مرفوض تماما، فيجب أن نحترم ونقدر التراث، ونعمل بكل جهد لمواكبة العصر، والاجتهاد بما يناسب الزمان والمكان وظروف الناس واحتياجات المجتمع، وأن نقوم بدراسة القضايا المستجدة، وهذا يتطلب جهدا من العلماء والفقهاء المعاصرين، كما اجتهد الفقهاء فى العصور السابقة.