لا يمكن أن ننهض ببلدنا بدون تحقيق التنمية الشاملة. والخطأ الذى ارتكبناه أننا عمقنا الشعور لدى الرأى العام بأن المسئول عن التنمية هى الدولة ولذلك شعر الجميع بأن دورهم هو المطالبة والنقد والتفتيش عن النقص فى كل مجال. ولكن البعد الذى يجب ان نركز عليه الآن هو «المشاركة الشعبية» لأن تجارب الدول التى بدأت التنمية من نقطة قريبة من الصفر (مثل فرنساوالمانياوبريطانيا) كانت للمشاركة الشعبية التأثير الأكبر فى النهوض والتقدم وقد شاهدت فى متحف فى برلين صورا من الواقع الذى كانت تعيش فيه المانيا بعد الحرب والرجال والنساء يعملون فى إزالة الانقاض، والقيام بعمليات البناء وإصلاح ما تم تخريبه وكان المشهد منهما والجميع يعملون وملابسهم متسخة وممزقة، وخرجت من المتحف لأرى برلين عاصمة القوة الاقتصادية والسياسية فى اوروبا وفى العالم ولأرى الرجال والنساء والأطفال وآثار التقدم ظاهرة عليهم.مما يدل على انه لا يمكن اعادة بناء مجتمع بدون تضحية من كل فئات الشعب. خرجت من هذا المتحف وأنا مقتنع بأننا قد نجد فى العالم من يساعدنا، (ولن يساعدنا أحد إن لم يكن فى ذلك مساعدة ومصلحة له ايضا) قد يساعدنا أحد ولكننا لن تجد ابدا من يحملنا ويحل لنا كل مشاكلنا ويعطينا كل ما نحتاج اليه ويبنى لنا بلدنا لمصلحتنا ووفق تصورنا.. وتجارب الأمم على مدى التاريخ تؤكد أن البلاد المتقدمة اليوم خرجت من قمقم التخلف بجهد ابنائها ثم بمساعدة الاصدقاء والأشقاء (مشروع مارشال مثلا الذى ساعد اوروبا). ابناء بريطانيا هم الذين صنعوا ثورتها الصناعية، وأبناء المانيا هم الذين صنعوا اسطورة التفوق الالماني، ومواطنو أمريكا هم الذين اقاموا بناء أقوى دولة فى العالم، ولايذكر التاريخ أن بلدا تم بناؤه بسواعد آخرين من غير أبنائه ومواطنيه، البعض يرى أن استدعاء الملايين للمشاركة فى العمل وقبول التضحية تحتاج إلى إعادة صياغة الشخصية المصرية، والبعض الآخر يرى أن البداية فى اعادة الثقة بالتصدى الجاد للذين يتربصون للانقضاض على ما يتحقق من ثمرات التنمية مستخدمين شعارات زائفة عن المصلحة العامة وضرورات المرحلة. واعتقد ان الشخصية المصرية بطبيعتها مستعدة للتضحية من اجل بلدها بلا حدود، وأرض سيناء التى رواها المصريون بدمائهم شاهد على ذلك، ما ينقصنا هو (العمل الجماعي) أن نتوقف عن المهاترات وتبادل الاتهامات وادعاءات احتكار الوطنية، وأن نعمل معا للبناء، لا أريد أن أسمع منك ولكن أريد أن أرى ما تفعله وما فعلته من اجل البلد. ليكن ذلك شعارنا الذى نرفعه فى وجه الأحزاب السياسية (إن كانت هذه احزابا سياسية بحق، وفى وجه زعماء الحنجورية الذين يملأون الساحة بالشعارات والصراخ والحماس المفتعل، ونقول ذلك لكل وزير، وكل محافظ، وكل رئيس شركة او مؤسسة، وكل مدير مدرسة، وكل مدرس، وكل موظف، وكل مصرى بدون استثناء. لمزيد من مقالات رجب البنا