سب وقذف .. تحريض .. تضليل .. شائعات .. انتحال شخصية .. كاريكاتيرات مهينة .. معلومات خاطئة .. تشوية سمعة .. أكاذيب .. فتنة تزوير وتزييف .. بلبلة .. ترويج أفكار هدامة ضارة بالمجتمع .. إثارة الرأى العام ..احتيال .. قرصنة .. سرقة وربما قتل، وغيرها من الجرائم ترتكب كل ثانية على النت ومواقع التواصل الاجتماعى وتلف العالم كل هذا دون عقاب، وكثيرون يستقون معلوماتهم من هذه المواقع المضللة، التى فى أغلب الظن تبث أكاذيب لأغراض مدمرة تهدف إلى زعزعة الأستقرار فى البلاد والتشكيك فى الأنجازات ومصداقية الدولة وإشاعة الفوضي، وتشوية السمعة. ويمكن تعريف الجريمة الإلكترونية على أنها أى مخالفة ترتكب ضد أفراد أو جماعات بدافع إجرامى ونية الإساءة لسمعة شخص أو لجسده أو لعقليته، سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، و أن يتم ذلك باستخدام وسائل الاتصالات الحديثة مثل الإنترنت، غرف الدردشة أو البريد الإلكترونى أو المجموعات، وهو ما ينذر بتطور طرق ارتكاب الجريمة، وقد يتطلب معه تطور طرق الإثبات والتحقيق والمحاكمة، وكذلك توعية المواطنين بها حتى لا ينزلقوا إليها ، سواء كان الدافع التسلية أو الانتقام أو تحقيق مكاسب مادية أو دوافع سياسية، لأنها تتسم بسهولة التنفيذ وصعوبة المراقبة عليها.. لهذا فإن الأمر يحتاج إلى وقفة للتصدى لها .. هذا ما أكده المهتمون والمهمومون بشأن الوطن فى كافة المجالات. .د.جميل عبد الباقى الصغير أستاذ القانون الجنائى والعميد السابق لكلية الحقوق جامعة عين شمس يقول : الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعى سهلة بصفة عامة، فمن يتمكن من الاشتراك فى النت فإنه يشترك ببياناته الشخصية ومن ضمنها الرقم القومي، ولكى يمر من خلال متعهد الوصول لابد من إدخال بياناته أيضا، والبعض يدخل عن طريق أسماء مستعارة، وهناك بعض الحالات التى تستلزم جهدا لمراقبتها .. وكل الجرائم التقليدية تتم من خلال النت حتى السرقة والدعارة والاهانة والتحريض. ولابد من توقيع العقوبات على كل من يتم إثبات التهمة عليه ليكون عبرة وعظة ، ولهذا تم وضع مشروع قانون للجريمة الالكترونية منذ عام ونصف تقريباً، فهناك أفعال تعرض على المحاكم وتحصل على البراءة بسبب عدم وجود نصوص للعقاب على هذه الأفعال.. وقد وضعت فرنسا نصوص للجريمة الالكترونية وتم تطوير النصوصا الإجرائية المتعلقة بالإثبات الجنائى لمواجهتها. والجرائم التى ترتكب مثل الحض على الكراهية ، محاولة زعزعة نظام الحكم فى البلد، تصفية الحسابات، القذف والسب، لابد فيها أن يكون الحبس وجوبيا وليس غرامة فقط، لأنها أيضاً تتسبب فى فضيحة تلف الدنيا فى ثوانٍ معدودة، ويجب أن يتلقى القائمون على هذا النوع من الجرائم من ضباط الشرطة والنيابة والقضاة دورات تدريبية متخصصة متعمقة فى هذا المجال ، ويتسنى ذلك فى كليات الحاسبات والمعلومات وقسم الاتصالات فى كليات الهندسة. ويضيف د.جميل عبد الباقى الصغير : إذا تعرض أى مواطن للقذف أو السب فإنها تعتبر من الجرائم المعلقة على شكوى بالنسبة للمواطنين ولذا فعلى أى مواطن أن يقدم شكوى ليتم اتخاذ اللازم تجاهها، أما الأفعال الخاصة بالسب أو القذف بالنسبة لموظف عام أو مأمور ضبط (من أمين الشرطة لمن يعلوه) فيتم تحريك الدعوى الجنائية من جانب النائب العام دون شكوى لأنها وقعت عليه بصفته وليس بحياته الخاصة. والقذف والسب يدخلان تحت طائفة ثابتة من الجرائم وهى الإهانة، ويعاقب بالحبس كل من اعتدى على موظف فى أثناء تأدية وظيفته أو بمناسبتها بلفظ أو بحركة أو بإشارة أو تهديد .. ولذا لابد من قبضة من حديد وحسم فلن تقوم الدولة إلا إذا طبقت القانون تطبيقاً صارما على الجميع دون استثناءات. أما من ينتحل شخصية مثل أن يدعى أنه أحد ضباط الشرطة أو الجيش أو أحد المسئولين ليطلق تصريحات ومعلومات خاطئة فهو يرتكب جنحة انتحال شخصية كما يدخل فى تهمة بث شائعات كاذبة وتعتبر جناية تمتد عقوبتها للسجن المشدد، أما إذا كان يهدف الاستيلاء على مال الغير فهذا يعتبر احتيالا.. ثم نأتى لجريمة إحداث بلبلة وإيهام المواطنين بمعلومات مضللة وشائعات كاذبة فهى من الجرائم الملحقة بالمادة 36من قانون العقوبات. ويشير د.جميل الصغير إلى أنه لا يمكن أن يحدث فى أى دولة ما يحدث فى بلدنا من كل هذا الكم من الجرائم الالكترونية لأن القانون يطبق بحسم ولا مجال للخطأ ولا يتعارض هذا مع الديمقراطية فهناك فارق كبير بين حرية الرأى والشائعات والأكاذيب. ولابد من تعديل إجراءات التقاضى لتصبح هناك محاكمات سريعة ليست متسرعة فإن بطء التقاضى يضعف وسيلة العقوبة فى الردع .. وجدير بالذكر أنه فى عهد محمد على كان فى قانون الفلاحة وقانون السياسة يجلد على ظهره من يفكر فى أن يزعزع الأمن أو النظام، أما فى وقتنا هذا فتنظر القضية سنوات طويلة فينسى الناس الموضوع برمته ولا يتحقق الردع، ولذا فإننى أطالب بالمحاكمات السريعة مثل القضاء العسكرى حتى تستقيم الأمور. شرط العلانية الدكتور إبراهيم عيد نايل أستاذ القانون الجنائى كلية الحقوق جامعة عين شمس، يوضح أنه بالنسبة لجريمة القذف فإنها تشترط أن تكون هناك علانية وتتمثل فى أن يوجه الشخص لغيره عبارات لو صحت لاستوجبت عقاب الشخص الذى يوجهها له واحتقاره عند أهله أو مجتمعه أو وطنه، وهى وسيلة من ارتكاب الجريمة يطبق عليها المادة 206 من قانون العقوبات بالحبس أو الغرامة، ويقدم البلاغ للجهة المختصة لمكافحة الجريمة الالكترونية والتى تتولى التحقيق فيها وإثباتها يمكنها مراقبة المبلغ عنه بعد ذلك للتأكد من صحة البلاغ المقدم ثم يتم تحويلها للنيابة. أما التحريض على الإرهاب فيعتبر جريمة من الممكن أن تقع بوسيلة عادية أو الكترونية .. مثل التحريض على المظاهرات أوالعنف أوالحرق أو غيرها، وإذا استجاب أحدهم للتحريض وارتكب الجريمة فإن الفاعل الذى ينفذها يعتبر شريكا بالتحريض وممكن يتم ذلك عن طريق النت، ويأخذ الشريك نفس عقوبة المنفذ «فمن اشترك فى جريمه فعليه عقوبتها». ويضيف د.ابراهيم عيد نايل قائلاً إن هناك جرائم أخرى ترتكب على هذه المواقع فنجد من يبث معلومات مضللة بهدف الإضرار بالاقتصاد القومى أو تكدير الأمن العام بهذه الوسائل المستحدثة لارتكاب الجرائم وهو ما يستلزم تفعيل آليات تنفيذ القوانين لمواجهتها، فإذا تمت معاقبة أحد من المضللين سيكون رادعاً لغيره.. ولابد من إعداد كوادر مؤهلة ومدربة سواء فى الداخل أو فى الخارج مثل فرنسا أو ألمانيا لموجهة الجرائم الالكترونية. المباح والمجرم الكتور أحمد سعد أستاذ القانون المدنى بكلية الحقوق جامعة بنى سويف، يرى أنه لابد من وضع حدود للشىء المباح وهو التعبيرعن الرأي، والشىء الذى يجرم وهو مثل السب والقذف وترويج الشائعات وإثارة الرأى العام وبث معلومات خاطئة وأكاذيب، ويتأتى ذلك بطرح الحقيقة أمام الشعب ومن ثم يصبح الخروج عن الحقيقة جريمة، وتتوافر الجريمة كما جاء فى المادة 302وما بعدها من القانون158 لسنة37 من قانون العقوبات «يعد سباً أو قذفاً معاقباً عليه إذا نشر الشخص أقوالاً أو أفعالاً أو صوراً أو رموزاً او نقشا على حجارة أو بأى طريقة أخرى (النت مثلاً) بأن ينسب أموراً لشخص لو صدقت لوجب عقابه أو احتقاره بين بنى وطنه فيعاقب بالسجن».. وقد تتوافر هذه الجريمة حتى لو ما نسب تم باللمز والغمز، وقال المشرع أو بأى طريقة أخري، ووضع مراقبة لتحديد مكان بث هذه الجرائم الالكترونية، وهنا يحتاج الأمر إلى وجود أدوات إثبات متطورة حتى تضارع أدوات ووسائل الاعتداء، وهنا سيتم الإحجام عن هذه الجريمة أو على الأقل التقليل منها.. ولكى تستعيد الدولة هيبتها لابد من تطور وسائل الإثبات، لان سب الدولة والمسئولين يتصاعد ويتزايد نتيجة التقاعس عن تطوير وسائل الإثبات وتنفيذ العقوبة اللازمة..وهنا يجب البدء من اشتراط تدوين الرقم القومى على حساب الفيس بوك لتحديد هوية الشخص واثبات ما يرتكب من جرائم. وينهى د.أحمد سعد كلامه قائلاً يجب أن تضع الدولة الحقيقة أمام الشعب على أسس علمية مع رفع مستوى الإعلام بما يليق بمكانة مصر وسياستها لتجنب تغييب عقل المواطن وإحداث البلبلة، ولا نعطى الفرصة لما يعرف يالجريمة الإلكترونية أو المصطنعة أو المتطورة أو الاحتمالية أو الجنائية أو المستحيلة، فلابد من جهاز متخصص على درجة كبيرة من الخبرة والكفاءة يليق بالدولة ليتصدى لكل هذه الجرائم ويضع حدوداً لها.