الدكتور فهيم فتحي عميداً لكلية الآثار بجامعة سوهاج    محافظ قنا يستقبل وفدا من مطرانية دشنا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    تسيير 3 خطوط طيران مباشرة إلى دول إفريقية.. "الهجرة" تكشف التفاصيل    طلاب جامعة حلوان يشاركون في حلقة نقاشية بأكاديمية الشرطة    تبدأ من 205 جنيهات.. قيمة المصروفات الدراسية للعام الدراسي المقبل    تراجع أسعار العدس والزيت واللحوم والدواجن في الأسواق اليوم الخميس    تحرك برلماني عاجل بشأن اختفاء الأشجار: قطعها يضر بالبيئة وبصحة المصريين    أسعار الأسمنت اليوم الخميس 13-6-2024 في محافظة قنا    «القليوبية» تحذّر من التعدي على الأراضي الزراعية في العيد: سننفذ حملات مفاجئة    وزارة الصناعة تعلن وقف استيراد هذا النوع من إطارات المركبات    تعرف على أهم توصيات وزارة الزراعة لمزارعى الذرة الشامية خلال يونيو    بسبب موسم الحج.. بن سلمان يعتذر عن المشاركة في قمة مجموعة السبع    الرئيس الأوكرانى: أثق فى دعم مجموعة السبع دائما    أمريكا توافق على حزمة مساعدات عسكرية جديدة تؤمن لأوكرانيا أنظمة دفاع جوية    الخارجية الإيراني: يجب إيقاف الإبادة الجماعية في غزة دون قيد أو شرط    كيف ستبدو السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا في حالة فوز ترامب أو بايدن بالرئاسة؟    حسام غالي يُغني في حفل زفاف محمد هاني (فيديو)    كولر يضع اللمسات النهائية على خط الأهلي لمواجهة فاركو    وكيل وزارة الشباب بالغربية يشهد انطلاق ماراثون احتفالا باليوم العالمى للدراجات    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    موعد تظلمات نتيجة الشهادة الإعدادية بالقليوبية    الصحة: تقديم خدمات الكشف والعلاج ل15 ألفا و361 حاجا بعيادات بعثة الحج    "بينها ضبط 148 توكتوك".. جهود الإدارة العامة لمرور الإسكندرية في يوم واحد    الأمن يضبط جزار لقيامه بالتعدي على شخص في الجيزة    تجديد حبس شخصين 15 يوما لاتهامهما بترويج المواد المخدرة بالهرم    إخماد حريق داخل محل فى إمبابة دون إصابات    "رجل أحلامي".. أول تعليق من سلمى أبو ضيف بعد الاحتفال بعقد قرانها (صور)    «اللعب مع العيال» يحتل المركز الثاني في شباك التذاكر    عمرو دياب يغلق خاصية التعليقات على أحدث أغانيه الجديدة "الطعامة"    فيديو القبض على رجل وضع "السحر" بالكعبة    المفتى يجيب.. ما يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت أضحيته قبل يوم العيد    نائب محافظ الوادي الجديد تتابع سير العمل بمستشفى الخارجة التخصصي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 13-6-2024    تحذير لمرضى الكبد من الإفراط في تناول اللحوم.. واستشاري تغذية: تؤدي إلى غيبوبة    أستاذ طب نفسى: اكتئابك مش بسبب الصراعات.. إصابتك بالأمراض النفسية استعداد وراثى    مقتل شخص وإصابة 4 في مشاجرة بين بائعي «أيس كريم» بسوهاج    إصابة 12 شخصا إثر انقلاب أتوبيس أعلى الطريق الدائري بمدينة أكتوبر    بيان من الجيش الأمريكي بشأن الهجوم الحوثي على السفينة توتور    5 أعمال لها ثواب الحج والعمرة.. إنفوجراف    يديعوت أحرونوت: اختراق قاعدة استخباراتية إسرائيلية وسرقة وثائق سرية    الخشت يتلقى تقريرًا عن جهود جامعة القاهرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة    انتهاء 96 % من أعمال ترميم مسجد أبو غنام الأثري بمدينة بيلا    "عودة الدوري وقمة في السلة".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    "الله أكبر كبيرا.. صدق وعده ونصر عبده".. أشهر صيغ تكبيرات عيد الأضحى    فطيرة اللحمة الاقتصادية اللذيذة بخطوات سهلة وسريعة    حظك اليوم برج الأسد الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    «هيئة القناة» تبحث التعاون مع أستراليا فى «سياحة اليخوت»    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرلمان البريطانى منقسم حول داعش
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 04 - 2016

فى العراق وسوريا تم اغتصاب عشرات الآلاف من النساء والفتيات من المسيحيات واليزيديات والكرديات والأشوريات،
وطرد مئات الالاف من أراضيهم بحيث أن مناطق مسيحية وكردية ويزيدية وأشورية طهرت بالكامل من سكانها بعد سيطرة داعش عليها، وأعدم عشرات الالاف بتهم مختلفة، وأجبر مئات الآلاف على دفع الجزية، ودفن مئات الشباب والصبية في مقابر جماعية، ومع ذلك تتحفظ الحكومة البريطانية وحزب المحافظين الحاكم على تصويت مجلس العموم البريطاني على مشروع قرار يصف هذه الجرائم التي ترتكبها داعش ب"إبادة جماعية" مما أدي إلى انقسامات في البرلمان، فقرار اعتبار جرائم داعش في العراق وسوريا "إبادة جماعية" من شأنه إذا ما تم التصديق عليه أن يفتح الباب أمام رفع ملف جرائم داعش إلي المحكمة الجنائية الدولية.
فلماذا تدعم غالبية أعضاء حزب العمال المعارض ونواب آخرين من أحزاب مثل "الخضر" و"الأحرار الديمقراطيين" و"القومي الأسكتلندي" وبعض النواب من حزب المحافظين الحاكم مشروع القرار، بينما تتحفظ عليه الحكومة البريطانية بزعامة ديفيد كاميرون والكثير من نواب حزب المحافظين الحاكم، بل وتضغط الحكومة على نوابها في البرلمان لمعارضة الخطوة؟.
يقول حزب المحافظين وأعضاء بارزون في الحكومة البريطانية إنهم يعترفون بأن الجرائم المرتكبة ضد الأقليات االعرقية والدينية في سوريا والعراق هى "إبادة جماعية"، لكن هذا وحده لا يزيل تحفظهم الأساسي وهو عدم تفضيل خروج قرار بهذا المعنى من البرلمان (هيئة تشريعية)، مفضلين أن يصدر القرار من هيئة قضائية.
ويقول توبياس الوود وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الأوسط والنائب في البرلمان عن حزب المحافظين في هذا الصدد إنه يعتقد أن داعش مارست أعمال إبادة جماعية ضد الأقليات العرقية في العراق وسوريا، وإن هذه الأقليات عانت "هجمات منهجية ومنظمة مروعة" على يد داعش، لكنه برغم هذا الاعتقاد يرى أن توصيف الإبادة الجماعية هو "مسألة قانونية" وليست "رأيا سياسيا" يصدر من البرلمان، وأن السلطات القضائية المختصة هى الأصلح لقرار من هذا القبيل.
لكن هذا المنطق لا يبدو مقنعا بما يكفي للكثير من النواب في مجلس العموم. فالنائبة فيونا بروس التي تقدمت بالطلب للبرلمان لإعتبار جرائم داعش ضد الأقليات في العراق وسوريا جريمة "إبادة جماعية"، وتنتمي لحزب المحافظين الحاكم، تعارض بشدة موقف كاميرون والحزب الرافض للخطوة، معتبرة أن تصويت مجلس العموم البريطاني لصالح القرار سيشكل ضغطا إضافيا على المحكمة الجنائية الدولية كي تفتح ملفا حول الجرائم المروعة في العراق وسوريا بهدف ملاحقة ومحاسبة المتورطين فيها.
وفي القانون الدولي فإن جريمة الإبادة الجماعية تشير إلي "الجرائم التي ترتكب بهدف التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو عرقية أو لونية أو دينية". ومنذ دخل المصطلح معجم القانوني الدولي عام 1948، أرتكبت جريمة الإبادة الجماعية في عدد كبير من الحالات وفي غالبية مناطق العالم، من رواندا إلي البوسنة ومن دارفور في السودان إلي العراق، إلا أن دول العالم، خاصة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن كثيرا ما قاومت استخدام الإبادة الجماعية لوصف هذه الجرائم وفقا لمصالحها السياسية. فمثلا قاومت روسيا وصف جرائم الصرب ضد مسلمي البوسنة بالإبادة الجماعية.
وينص مشروع القرار الذي تقدمت به بروس إلي مجلس العموم على اعتبار أن اليزيديين والمسيحيين والآشوريين وأقليات عرقية ودينية أخرى في العراق وسوريا يواجهون خطر الإبادة الجماعية على يد داعش. ويحض مشروع القرار الحكومة البريطانية على إحالة الجرائم فورا إلي مجلس الأمن الدولي المدعو بدوره لإحالة القضية للمحكمة الجنائية الدولية من أجل تقديم الجناة للعدالة. ورغم تحفظات الحكومة وحزب المحافطين على مشروع القرار، تأمل بروس أن يكون دعم عدد كبير من النواب لصالح القرار دافعا للحكومة لتغيير موقفها.
ومثلما يعاني مجلس العموم البريطاني انقساما بشأن مشروع القرار المقترح، رفض مجلس اللوردات قبل نحو شهر قرارا مماثلا يعتبر جرائم داعش في العراق وسوريا "إبادة جماعية" بأغلبية 148 صوت مقابل 111 صوتا.
هذا الرفض المزدوج من مجلس اللوردات ومن الحكومة البريطانية وأعضائها في البرلمان فتح الباب لتفسيرات أخرى عديدة بخلاف الحجة الرسمية الممثلة في رفض مبدأ تدخل البرلمان في قرار هو بطبيعته قضائي. ومن هذه التفسيرات أن أعتراف الحكومة البريطانية بجرائم إبادة جماعية ضد الأقليات في العراق وسوريا يلزم الحكومة قانونيا وأخلاقيا بفتح أبواب بريطانيا وإستقبال مئات الآلاف من اللاجئين بموجب القانون الدولي الإنساني. وهناك مشروعات قرارات طرحت في مجلس اللوردات بالفعل لتعديلات في قانون الهجرة تقضي باعتبار الأقليات المهددة بالإبادة الجماعية، مستوفين لشروط اللجوء السياسي بحيث يسمح لهم بالدخول والبقاء في بريطانيا على أن تقرر المحكمة العليا لاحقا ما إذا كانت الإنتهاكات التي تعرضوا لها ينطبق عليها توصيف الإبادة الجماعية.
التفسير الثاني لتحفظ الحكومة على تصديق البرلمان على مشروع القرار هو أن الأعتراف بوجود جرائم إبادة يقتضي ربما تحركا دوليا قد يتمثل في إرسال قوات على الأرض في سوريا والعراق أو تعزيز الهجمات الجوية وتوسيع نطاقها وتوفير مظلة حماية للسكان عبر مناطق منزوعة السلاح ومناطق آمنة. وخيار التدخل البري ترفضه الدول الغربية كليا، أما توفير مناطق آمنة منزوعة السلاح فهو صعب ومعقد من حيث الترتيبات السياسية والإستراتيجية.
التفسير الثالث، يمكن تلخيصه في كلمة واحدة وهى تركيا. فأنقرة أتفقت مع الاتحاد الأوروبي على تشديد القيود على حدودها لمنع المزيد من اللاجئين. كما وافقت على استقبال آلاف اللاجئين من اليونان الذين ترفض أوروبا استقبالهم. هذا المستوى من التنسيق والتفاهم الأوروبي- التركي يعكس تحسنا نسبيا في العلاقات بين أنقرة وأوروبا بعد فترة توترات وخلافات. وآخر شىء تريده الدول الأوروبية هو إعادة أجواء التوتر عبر توصيف ما يحدث للأقليات في العراق وسوريا بجريمة إبادة جماعية. فتركيا أولا لديها حساسية كبيرة وتاريخية من كلمة "إبادة جماعية" التي استخدمت لوصف جرائمها ضد الأرمن في مطلع الحرب العالمية الأولى عام 1915. كما أن الأقليات التي يفترض ان يحميها القرار تتضمن اليزيديين والأكراد (هناك تنسيق وتقارب بينهما)، الذين تعاديهم أنقرة وتعتبر الأجنحة العسكرية للأكراد منظمات إرهابية.
أما التفسير الرابع فهو أن جريمة الإبادة الجماعية لا يجب، كما ترى لندن أن تصبح سهلة الإستخدام أو يتم تسييسها. فهى تتطلب عبء الإثبات القانوني وفق معايير صارمة بحيث تمنع دولا مثل تركيا أو صربيا من إنكار ما قامتا به ضد الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، أو مسلمي البوسنة في التسعينيات أوالتعلل بأن تهمة "الإبادة الجماعية" كانت مدفوعة بأهداف سياسية.
وتقول الحكومة البريطانية إن موقفها الثابت هو "أنه ليس من وظيفة الحكومات تسمية جرائم ما إبادة جماعية، خاصة إذا كانت ما زالت تحدث على الأرض وأن هذا دور الهيئات القضائية الدولية وليس الدول"، موضحة أنه طالما ما زال الصراع مستمرا، فإن توصيف الجرائم قد يتم إستغلاله سياسيا. لكن أكبر حلفاء لندن، وهى أمريكا لم تتردد مثلا في وصف جرائم دارفور بإبادة جماعية، بينما كانت المذابح ما زالت مستمرة على الأرض. وتتزايد الضغوط على بريطانيا خاصة بعد اعتبار البرلمان الأوروبي جرائم داعش ضد الأقليات في العراق وسوريا "إبادة جماعية" في فبراير الماضي، واتخاذ الخارجية الأمريكية ومجلس النواب الأمريكي الموقف نفسه في مارس الماضي.
ضحايا جرائم داعش في سوريا والعراق لا يحتاجون إلي تسمية الجرائم "إبادة جماعية" كي يشعروا بأثارها المدمرة على حياتهم وقراهم ومدنهم، ولا يحتاجون أيضا إلي أعتراف دولي رمزي بذلك. فداعش نفسها بإيديولوجياتها وبياناتها وممارساتها اليومية تعترف بأن ما ترتكبه هو إبادة جماعية.
لكن القرار، إن صدر، قد يؤدي إلي رفع ملف الإنتهاكات الجسيمة إلي المحكمة الجنائية الدولية. ومع أن داعش وعناصرها، الذين يفجرون أنفسهم باسم ايديولوجية مريضة، لن يرتعبوا خوفا من خطوة محاكمتهم أمام المحكمة الجنائية، لكن اعتقالهم وإجبارهم على المثول أمام القضاء بوصفهم مجرمين وقتلة وإزالة إي غلالة ما زالت باقية حول وجههم الحقيقي، وسماع شهادات الناجين من جرائهم من الفتيات والنساء والشباب والصبية وتوثيق ذلك، سيكون الوجه الوحيد للعدالة الذي يأمله ضحايا جرائمهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.