اعتبرت أن إصابة ابنتها بشلل الأطفال هى بداية جديدة فى حياتها، تركت الدنيا وما فيها، وتفرغت لرعايتها تعليميا ورياضيا، مرت الأعوام ثقيلة فى أغلب أيامها، فكانت تأتى بصحبة ابنتها من محافظة الشرقية إلى القاهرة بصفة أسبوعية وأحيانا يومية، تحملتها بصبر الأم المصرية التى نعرفها جميعا، وعوضها الله خيرا، وتفوقت الابنة فى رياضة رفع الأثقال التى اختارتها، لم تتركها الأم تواجه مصيرها الرياضى بمفردها، بل حصلت على دورات تدريبية فى ألعاب القوى لتكون هى « المدرب والأم» معاً .. تفاصيل كثيرة عن قصة وفاء الأم لابنتها تحملها السطور التالية. ...الإبنه فى لحظة فرح بعد فوزها فى إحدى البطولات تقول جيهان مأمون: أنا مثل كل أم مصرية، كل اهتمامها هو البيت والزوج والأولاد، ولكن شاء الله أن يرزقنا بابنتي «مى» 18 عاماً، أصيبت بإعاقة حركية منذ الصغر نتيجة الولادة المبكرة ونقص الأكسجين الذى أثر بدوره على جهازها الحركى – الأطراف السفلية- كما حدث تأثير أيضاء على مناطق الكلام فى المخ، وكانت عبارة عن بداية حياة جديدة مختلفة لنا فى كل شىء من النشأة إلى الآن، علمتها وعلمتنى، وأخذنا عهدا على أنفسنا بأن اليقين بالله والصبر هما مفتاح طريقنا للنجاح، وإصرارنا وتحدينا للظروف والروتين هما أهم من تحدى الإعاقة نفسها، وقررت أن أقف بجانبها رغم كل شىء، تاركين كلام الناس، ومشينا فى طريقنا بكل فخر وبلا خوف من نظرات الناس، وقررنا أن نفعل الشىء الصعب، لأن الفرحة بالنجاح هى التى تجعل المر حلوا. وتضيف: بدأنا مشوارنا بتحدى الشارع والطريق، وتخطى المستحيل، وأنجزنا كثيرا فى التعليم حتى وصلت ابنتى إلى المرحلة الثانوية العامة،وفى نفس الوقت سلكنا طريق الرياضية لنثبت لأنفسنا أولا ثم لمن حولنا أننا نستطيع تحقيق النجاح، ورغم المعاناة التى مررنا بها بسبب أننا من قرى محافظة الشرقية التى لم يكن لها أى اهتمام من المقيمين والمسئولين عنها برياضة ذوى الإعاقة، قررنا أن نذهب إلى القاهرة، وسجلتها لاعبة رفع اثقال فى نادى الشرطة الرياضى، ورغم التعب ومشقة السفر والمصاريف المادية إلا إننا قررنا أن نثبت وجودها، وكنت أتابع التمرينات مع الكابتن ثم انفذ التمرين معها فى البيت مره أخرى، واستطعنا معا تخطى التاثير السلبى والاحباطات التى كانت تواجهنا من بعض الناس، بل كنا نجعلها دافعا لنا إلى الأمام. وتكمل: فى أثناء مشوارنا الرياضى علمت بوجود دورة تدربيه تقيمها اللجنة البارلمبية فى ألعاب القوى، فتقدمت بالأوراق اللازمة ودفعت الرسوم المطلوبة، وكانت لمدة شهرين متتالين، وكنت أحضر يوميا من الشرقية إلى القاهرة حتى حصلت عليها، وبعدها التحقت بنقابة المهن الرياضية أصبحت عضوا فيها، وكنت لابنتى نعم المدرب ومثل الأم والمعلمة، وفازت ببطولات على مستوى الجمهورية مركز أول، وحصدت الميداليات الذهبية، والتحقت بعد ذلك بنادى المصرى القاهرى الجديد وحصدت المراكز الأولى وكأس النادى، وزادت فى ارتفاع الثقل، وبإذن الله سأستمر فى مساندتها حتى تصل إلى البطولات العربية والعالمية وتسير جنبا إلى جنب فى الدراسة والالتحاق بالجامعة فكما يقولون «العقل السليم فى الجسم السليم» ولنثبت أن الإعاقة طاقة. وتختتم حديثها قائلة: اكن لابنتى كل الحب والتقدير والاحترام لكونها أحست بالمسئولية تجاه نفسها وأمها، وأتمنى بعد مرور سنين طويلة من المعاناة والمشى فى الشوارع غير المؤهلة والصبر عليها أن تحصل ابنتى مى على حقها فى سيارة من سيارات المعاقين، حتى ترحمنا من معاناة السفر من محافظة الشرقية إلى القاهرة وحتى تستطيع التركيز فى تحصيل دروسها وهى الآن فى مرحلة الثانوية العامة، وأرسل بسمة أمل إلى كل أم، وانصحها بأن تفعل كل شىء يخدم أبنها المعاق، ولا تخجل منه، وتساعده على تنمية مهاراته فى شتى المجالات حتى يكون مواطن صالح يستطيع أن يفيد نفسه ومجتمعه.