لم يعد هناك حديث علي طول البلاد وعرضها سوي حديث الانتخابات الرئاسية في مصر والتي يترقب العالم بأسره وقائعها ونتائجها المحتملة من خلال مدي مطابقتها للمعايير من حيث تجسيدها لعمق التوجه الديمقراطي من ناحية وجدية الحرص علي نزاهة وشفافية العملية الانتخابية من ناحية أخري! والحقيقة إنه لا يمكن الحديث عن انتخابات نزيهة وديمقراطية حقيقية دون بلوغ المجتمع مرحلة الرشد السياسي التي توفر القدرة علي الاختيار الصحيح بين البدائل المطروحة من الأسماء والأفكار لأن مثل هذا الرشد السياسي هو الذي يصل بالناخب إلي الإيمان بأن الحقيقة ليست حكرا علي أحد, وأنه ليس صحيحا أن هناك تيارا سياسيا بعينه يملك في يديه الحل السحري الوحيد لحزمة القضايا والهموم والمشاكل التي يتعين احتوائها والعمل علي حلها! بوضوح شديد أقول: إن الرشد السياسي هو الذي يمكن أن ينتقل بنا إلي خانة الاختيار الموضوعي بين الأفكار والبرامج بدلا من الاستسلام للعصبيات والمجاملات...و ليس هناك من هو أقدر علي صنع هذا الرشد السياسي في المجتمع سوي القوي السياسية الفاعلة علي الساحة التي يتحتم عليها أن تركز جل اهتمامها في هذا الاتجاه مهما كانت مصاعبه بدلا من إضاعة جهدها في معارك وهمية يسهل افتعالها! إن الرشد السياسي الذي نحتاجه لا يتحقق إلا من خلال إدراك كافة القوي السياسية لأهمية التثقيف السياسي لأعضائها وترسيخ المفاهيم والأفكار التي تتبناها من خلال حوار داخلي يرسخ قيم التعدد والتنوع ويتخطي قيم الطاعة والالتزام المتوارثة. ولست أظن أن أحدا يخالجه شك في أن صناعة الرشد السياسي صناعة بالغة الأهمية وتحتاج إلي جهد بالغ من كافة القوي السياسية خصوصا إزاء قضيتين أساسيتين أولهما ضرورة بروز تمايز في برنامج كل مرشح لمثل هذا المنصب الرفيع وبصورة تلفت أنظار الناخبين... و ثانيهما ممارسة ديمقراطية حقيقية في صفوف هذه القوي السياسية تلغي قيم الطاعة العمياء وتنهي مرحلة الاحتكار الأبدي لقياداتها! وفي النهاية أوكد أن الرشد السياسي هو الذي يضمن احترام الجميع لنتائج الانتخابات مثلما يجلب احترام العالم لمصر! خير الكلام: معظم الحمقي يتوهمون أنهم وحدهم العقلاء! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله