أعتقد أننا بحاجة إلي سؤال عاجل وضروري يتعلق بكل عناوين المشهد السياسي, التي ترتفع راياتها في الشوارع والمنتديات هذه الأيام.. وجوهر هذا السؤال الأساسي هو: كيف يتحقق البناء الديمقراطي الصحيح والمنشود, وما هي وسائله وآلياته.. للوصول إلي الأهداف والمقاصد المرجوة! وهنا يتحتم أن نقول إننا بحاجة إلي الاتفاق علي نقطة بداية صحيحة, تنطلق من الإدراك بأن البناء الديمقراطي الواسع والشامل الذي نتحدث عنه ونلح علي حمايته من أية مخاطر لضمان ولادته ولادة طبيعية بإرادة ذاتية خالصة, لم يعد محل خلاف جوهري, وإنما هو محل اتفاق وتوافق بين أغلب فصائل العمل السياسي باستثناء بعض التفاصيل المتعلقة بالآليات والوسائل التي تضمن تحقيق الأهداف المرجوة. بوضوح شديد أقول: إننا لابد أن نسعي جميعا باتجاه مناخ سياسي جديد لا يقتصر علي جدل عقيم ينحصر بين التأييد والمعارضة, وإنما لتأكيد القدرة علي طرح البدائل الواقعية التي تتناسب مع ظروفنا وأوضاعنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولست أظن أن أحدا يمكن أن يجادل في أن البناء الديمقراطي الحقيقي لن يتحقق بصيحات الرفض والتشكيك, وإنما البناء الديمقراطي الذي يمكن له أن يعيش وأن يدوم وأن يحقق الأهداف والمقاصد المرتجاة منه, هو الذي يولد من خلال تفاعل وحوار وتوافق تشارك فيه جميع القوي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية, بروح الرغبة في صد واحتواء المخاطر والتهديدات, وليس بروح المساومة أو تسجيل المواقف والمزايدات. ومن المؤكد أن ما أنجزته مصر بإجراء انتخابات البرلمان بغرفتيه الشعب والشوري والتأهب لانتخابات رئاسة الجمهورية وصياغة دستور جديد أمر يدعو للتفاؤل لكنه ليس نهاية المطاف فمازال أمامنا الكثير لمواصلة المشوار وتطوير وتعميق وسائل الممارسة, بغية ترسيخ مناخ ديمقراطي يضع المواطنة وتكافؤ الفرص وحرية التعبير عن الرأي- بغض النظر عن الجنس أو الديانة- كحقوق أساسية تضمن المشاركة الشعبية وتكفل المساواة بين الجميع. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: ابتسم في وجه خصمك لكي تطفيء نيران الغضب داخله! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله