من جديد يفتح ملف الحمي القلاعية في مصر بعد اعلان منظمة الفاو أنها باتت تهدد دول الشرق الأوسط جميعها بانتقالها من مصر عبر عدة دول حدودية وبحسب تأكيدات منظمة الأغذية فإن سلالة جديدة من المرض وصلت الي قطاع غزة بعد رصدها في مصر وحذرت من احتمال انتشار هذه السلالة بمنطقة الشرق الأوسط. وحذرت الفاو من أن السلالة الجديدةSATS تسبب خسائر خطيرة في الانتاج في جميع دول المنطقة مالم تتخذ مصر التدابير اللازمة. وأوضح خبراء الفاو أن استيراد الحيوانات الحية من الخارج الي مصر هو المسئول عن وصول المرض الي البلاد, وليس كما تردد بعض الجهات أن التهريب وراء المرض مشددين علي ضرورة تنفيذ الضوابط الصحية والبيطرية اللازمة للحد من تعرض مصر للأمراض الوبائية بشكل عام والحمي القلاعية علي وجه الخصوص وانتقالها الي دول الجوار. وفي الداخل تحتدم الأزمة بظهور اصابات جديدة للحمي القلاعية في محافظات جديدة ذلك لأن الهيئة العامة للخدمات البيطرية لم تقم بالتعامل مع المشكلة باعتبارها أزمة تحتاج الي مهارات خاصة في ادارتها, خاصة بعد الاعلان عن وصوله الي مواشي كلية الزراعة بمشتهر وأصاب عددا لا بأس به من مواشي الكلية, وأصبح المتخصصون والبيطريون يبحثون عن اجابة لسؤال واحد وهو من أين أتت هذه الكارثة وكيف دخل هذا النوع الجديد من فيروس الحمي القلاعية الي مصر؟ هذا السؤال بدأ به دكتور محمد عبدالحميد شلبي رئيس قسم الفيروسات السابق بجامعة القاهرة ورئيس الجمعية المصرية للفيروسات, ولكن سؤاله يبقي من دون اجابة واضحة حتي الآن بحسب تعبيره مشيرا إلي أن مرض الحمي القلاعية متوطن بمصر منذ نحو50 عاما, وكان يعرف بالعترةO, وفي صيف2006 دخلت العترة الثانيةA وقيل وقتها إنها دخلت مع الحيوانات المستوردة من اثيوبيا, أما العترة الجديدةSATS التي سببت كل هذا العنف في الاصابة, وسببت نسبة النفوق العالية هذه لم يعرف مصدر دخولها تحديدا. فالمعروف أن مصر محاطة بدول يوجد بها مرض الحمي القلاعية, فهو موجود بالسودان وليبيا واليمن والسعودية وكلها منافذ يمكنها نقل العدوي في حالة عدم الاحتراز, فإن لم تكن قد دخلت إلي مصر من خلال أي من هذه المنافذ فمن الممكن ان يكون دخولها بجسم حيوان مذبوح حيث إننا نستورد حيوانات مذبوحة بالعظام. بينما يؤكد الدكتور حسين الحناوي أستاذ الإنتاج الحيواني بجامعة عين شمس وأحد مربي الماشية ان تفاقم الأزمة هو احد الأسباب المهمة لغياب الطب البيطري, وكان يجب ان يقوم بمسئوليته بجعل التحصين ضد المرض مسألة قومية. مشيرا إلي انه قبل اقل من نحو سبعة أعوام كانت الإدارات البيطرية تمر علي الفلاحين والمربين لتحصين مواشيهم ضد الحمي القلاعية, وحمي الوادي المتصدع, وكانت تعتبر هذه التحصينات سيادية مثل حملة شلل الأطفال الذي أعلنت مصر خالية منه من خلال اتباع هذه الخطة, وقياسا علي ذلك نطالب بحملات تطعيم قومية سنوية كما كان متبعا من قبل وقد كانت تقدم كخدمة دون مقابل,بينما اليوم الفلاح لديه الاستعداد لدفع التكلفة حتي يتجنب الخسارة. ويري الدكتور الحناوي ان استيراد الحيوانات الحية كارثة قومية, عن طريقها يمكن أن تدخل كثير من الأمراض الغريبة علي مصر وغير الموجودة بها اصلا مثلما حدث عندما دخل مرض الالتهاب الجلدي العقدي والذي لم يكن موجودا لدينا من قبل, لذلك ان طبيعة الأمراض تختلف من مكان إلي آخر. أما الدكتور محمد عبدالوهاب طبيب بيطري بالهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والورادات.. فيحمل الهيئة العامة للخدمات البيطرية المسئولية الكاملة لانتشار الحمي القلاعية بعترته الجديدة بكل ربوع مصر وذلك لعدة أسباب منها: عدم قيام الهيئة بتحصين الحيوانات البلدية المحلية باللقاح متعدد العترات السداسي أو السباعي منذ السماح باستيراد الحيوانات الحية من دول شرق إفريقيا وهي بلاد متوطن فيها مرض وفيروس الحمي القلاعية بعتراته السبع أو علي الأقل بالست عترات, وكان لابد من تحصين الحيوانات البلدية كإجراء احترازي بدلا من التحصين بثنائي العترة المستخدم حاليا من دون جدوي. وتعلم الهيئة علم اليقين بعمليات تهريب الحيوانات الحية عبر حدود مصر الجنوبية والغربية كما تعلم أيضا ان هذه الدول موبوءة ومتوطن بها الفيروس بعتراته السبع. ويضيف دكتور محمود.. هناك اقتراح.. اذا كان هذا الاختبار مكلفا ولا يتم إلا في مختبرات ريبرايت بلندن.. لماذا لانقوم بحجر الحيوانات في اثيوبيا مدة82 يوما لضمان عدم وجود حيوانات ناقلة وحاملة للعدوي( لان الحيوان الحامل للعدوي يظل الفيروس فيه ويفرز منه لمدة82 يوما في لعابه وبرازه, وبذلك نمسك العصا من الوسط اي اننا لانجري الاختبار, وفي ذات الوقت نضمن انه لاتوجد حيوانات حاملة للفيروس مشحونة لمصر, ولكن للاسف الوضع الحالي للهيئة, لاتقوم باختبارات الحمي القلاعية في بلد الاستيراد وايضا فترة الحجر البيطري20 يوما هي فترة قصيرة تكفي للكشف فقط عن ظهور أعراض مرض( حيوان مريض انهي فترة الحضانة وبدأت الاعراض في الظهور) ولكنها لاتكشف عن حيوان حامل للعدوي والفيروس والمرض.. أما الطريف في الامر فهو أن هذه اللجان تقوم بتحصين العجول المصدرة لمصر, ولذلك عند حدوث الكارثة في كل ربوع مصر لا تصاب هذه العجول المستوردة في مصر لانها محصنة باللقاح الرباعي أو السداسي الفرنسي المنشأ في اثيوبيا, وكذلك لانها ربما تكون سبق اصابتها منذ شهور بالمرض واخذت مناعة لمدة عام. وهنا يوجه دكتور محمود تساؤله لقيادات الهيئة.. لماذا لاتقومون بتحصين العجول المستوردة في اثيوبيا باللقاح السداسي ولاتقومون بنفس التحصين السداسي للحيوانات البلدية وهل يجدر الخوف علي شحنة المستورد ولانخاف علي ثروة البلد الحيوانية. أما السبب الثالث لهذه الكارثة كما يراها.. فهي مسئولية الهيئة العامة للخدمات البيطرية والادارة المركزية للمحاجر البيطرية في متابعة المحاجر البيطرية الحدودية وخاصة المحاجر الخاصة والاشراف الفعلي عليها, وتطبيق العقوبات والغرامات عليها في حالة المخالفة, وعدم اتباع أساليب الامان الحيوي الذي للاسف هو سمة كل المحاجر البيطرية الخاصة وهذا معروف للهيئة ان شركة السخنة للثروة الحيوانية( محجر بيطري السخنة) تقوم ببيع الفضلات والمخلفات الحيوانية( السبلة) كسماد زراعي للحيوان إلي اصحاب المزارع والاراضي الزراعية في الدلتا والسويس والجيزة وغيرها فتنقل العدوي إلي الحيوانات البلدية التي ترعي في تلك الاراضي الزراعية, وليس هذا وحسب بل ان مجزر الادبية التابع لمحجر بيطري الادبية لا يتم فيه التخلص الآمن من الفضلات الحيوانية, بل ان العمال به من اصحاب حظائر للماشية بالسويس, طبعا لاتوجد اشتراطات تعقيم أو تطهير في هذه المحاجر البيطرية, وتفتقد المعايير الآمان الحيوي بالنسبة للمعدات والسيارات والعمال والجزارين والضيوف والزوار فلا يوجد تعقيم أو تطهير وبهذا تنتقل العدوي عن طريق الجزارين والعمال بالمجزر إلي حيواناتهم بالخارج. وهناك سبب رابع للازمة.. وهو عندما قامت هيئة الخدمات البيطرية منذ عدة أسابيع بالسماح للباخرة البرازيلية الموبوءة بعبور قناة السويس وهي تعلم ان هناك مرضا وبائيا غامضا علي هذه الباخرة أدي إلي نفوق30% من حمولتها مما هدد القري المحيطة بقناة السويس بحالات من الموت الفجائي للحيوانات في قري عامر والعمدة علي ضفاف القناة بمحافظة السويس وبعد اسبوع واحد بدأ ظهور الحمي القلاعية بالسويس وكل ربوع مصر مما يؤكد أحد احتمالين: اما ان العجول المريضة علي الباخرة كانت مصابة بالحمي القلاعية واما وجود عدوي مختلطة للحمي القلاعية بسبب الاسباب السابق الاشارة اليها مع العدوي بالمرض والوباء الغامض الذي سبب موت30% من عجول الباخرة الوافدة من البرازيل والعابرة لقناة السويس لصالح شركة السخنة أدي إلي( عدوي مشتركة ومختلطة من الحمي القلاعية والمرض البرازيلي الغامض في نفس الوقت لم تتحمله الحيوانات البلدية وادي إلي ظهور هذه العدوي القاتلة والشديدة الضراوة. من جهته يعلق دكتور عادل عبدالعظيم أستاذ الامراض المشتركة وعضو الفاو لرصد الحمي القلاعية, ان العترة الجديدة انتقلت من مصر إلي ابقار غزة.. مضيفا أن العترةsat2 تحتوي علي من10/7 أصناف من الفيروس واصلها أوغندي واريتري.