هل تسير مصرعلى طريق إختيار رئيس جديد لها يحقق هدوءاً نسبياً أم تتجه إلى درب حرب أهلية تؤدى بها الى المجهول؟! هذه ليست نظرة تشاؤمية فى وقت نحتاج فيه إلى كل بصيص من أمل ليعبر بنا عنق هذه المرحلة التى شعر فيها كل المصريين بالكآبة والإكتئاب و"القرف" مما يحدث - عن عمد أو غير عمد - عدا هؤلاء الذين خلت لهم ساحة السياسة ليلعبوا فيها مغردين محلقين فيها بعد اشتياق وطول إنتظار ولكن الواقع مع الأسف لايبعد ولايستبعد بنا إحتمال وقوعنا فى المحظور الذى ينتظره بل وربما يخططه لنا البعض, وإلا بماذا نفسر هذا الكم الكبير من الأسلحة التى تقترب فى نوعيتها إلى "الثقيلة" ومحاولات إدخالها بشكل مستمر لا يتوقف عبر حدود ليبيا وغيرها ومن بينها صواريخ عابرة للمدن ومضادة للطائرات وغيرها من الأسلحة التى تستخدمها جيوشاً وليس أفراداً وتم القبض على بريطانيين فى مثل هذه المحاولات من التهريب. أما فى الداخل فلازلنا نصر على أن نعيش مرحلة التناحر والإنقسام والتخوين والإستقطاب. كنا نأمل أن يؤدى قدوم مجلساً نيابياً جاء بإرادة الشعب ليحقق إشتياقه فى برلمان ثورة "بحق وحقيق" وليس برلماناً كل همه أن يتخلص من أشخاص بعينها, ثم يخاصم ويصطاد الحكومة حتى يقع بها ليأتى أعضاءه مكانها قبل الخروج "من المولد بلا حمص" فى حالة حله! كنا نظن أن سقوط رؤوس الفساد سيعلو بهامات الوفاق بيننا لنساعد بعضنا البعض ونتمسك بتلابيب عقولنا للعبور الآمن من أزماتنا, ولكن ما جرى أن تحولنا إلى فريقين فريقاً يرى نفسه أنه "ثورى" ومعجون بمياه الثورية من قبل ولادته وآخر "فلولى إبن فلولى" ماعاد يستحق من وجهة نظر المعجونين بمياه هذه الثورية أن يعيش بينهم وإن لم يطلق على نفسه رصاصة الموت سيطلقون هم عليه رصاصة الرحمة! حتى الثوريين الذين كانوا رفقاء الميدان وضربوا بأنفسهم المثل وهم يعيشون أيام المدينة الفاضلة, إختلفوا الآن فيما بينهم عندما تضاربت المصالح مع إقتراب بعضهم إلى كرسى الرئاسة, فهم لم يكتفوا برفض أن يكونوا فريقاً واحداً فى تلك الإنتخابات فى مواجهة رموز الماضى بل "فرشوا الملاءة" وفتحوا صفحات الماضى لبعضهم البعض واتهم كل منهما الآخر أنه قد "باع القضية" من أجل كرسى الرئاسة القادم! ووسط كل هؤلاء يخرج البعض الآخر ومنهم نواباً إختارهم الشعب وجاءوا بإرادته معبرين عنه ليعلنوها عالية مدوية مفتخرين بها بأن الشعب لو إختار أحد المرشحين رئيساً لكل المصريين فإن هذا الإختيار سيكون على جثثهم وعلى جثث الآلاف ممن إعتبروهم شهداء, وكان غيرهم أكثر وضوحاً عندما قالوا سننزل الميدان ونبدأ كفاحاً مسلحاً! أما مرشحين آخرين للرئاسة فأكدوا أنهم سوف ينزلون الميدان على رأس ثورة جديدة لو جاءت الإنتخابات بهذا المرشح وكأن شعباً آخر غيرهذا الشعب هو الذى أتى به فإما هم وإلا فإرادة الشعب ستكون مزورة..!! وهكذا أصبحت الديمقراطية على الطريقة المصرية وكأننا نخترعها لأول مرة فى التاريخ.. إنها ديمقراطية " إما تختارونى وإما نازل فى ثورة جديدة " وهكذا أصبحت مصر الآن تتنازعها الأطماع .. تحولت فيها الأفكار إلى ميلشيات.. أما النفوس فأصبحت الكثير منها تكره بعضها البعض, لا تعبأ بمصلحة الوطن ولا ترى إلا نفسها.. أكثرنا يرى أنه الوحيد الصواب ومن يختلف معه فهو إما خائب أو خائن أوعلى أقل تقدير غبى لايفهم معنى الثورية والتضحية. فى مصر أصبحت لغة الدم قريبة ولغة العقل بعيدة.. وعندما تقترب لغة الدم فأجواء الحرب الأهلية هى الأخرى لا نراها بعيدة!! المزيد من مقالات حسين الزناتى