آثار الهمامية ببداري اسيوط تكشف عن إهدار للمال العام مع سبق الإصرار والترصد بعد أن أهملتها أجهزة الآثار لسنوات طويلة وجعلتها عرضة للسلب والنهب. نتيجة لامتداد سراديب طويلة أسفل بيوت الأهالي للبحث والتنقيب عن تلك الآثار أملا أن تصبح سراديب للنعيم بدلا من قيام أجهزة الدولة بهذه المهمة الاهرام قامت بجولة لكشف مظاهر الإهمال التي تتعرض لها المنطقة التي يمكنها ان تحتل مكانة مرموقة علي خريطة السياحة. فمركز البداري الذي يبعد40 كيلو مترا عن مدينة أسيوط يضم بين جنباته أقدم الحضارات في العالم, إلا أن آثار أسيوط وخاصة منطقة البداري تتعرض النهب والسرقة علي مدار السنوات الماضية وربما الآتية فعدد القضايا وقطع الآثار التي تم ضبطها أثناء تهريبها تكفي لافتتاح متحف اسيوط الذي ذهب مشروعه ادراج الرياح. وفي ظل صمت القائمين عليها لم تشهد المنطقة نزول بعثات حكومية للتنقيب عن الآثار, واكتفي المسئولون بتعيين بعض حراس الأمن خفراء مناطق تكتظ بمئات القطع الأثرية دون أن يتم حصرها أو الإعلان عن أعدادها أو توثيقها, مما عرضها للنهب والسرقة من عصابات منظمة, وتحولت بعض منازل الأهالي هناك الي حفر عميقة بحثا عن سرداب أو بوابة تأخذهم الي حيث النعيم. وفي زيارة ل الأهرام للمنطقة كان الطريق غير الممهد أول الخيط الذي ارشدنا الي مانصبوا إليه, فضيق الطريق والماشية التي تم وضعها في نهره لم تكن أبدا لتسمح لأي زائر مهما يكن ان يستخدم سيارته للوصول للمنطقة الأثرية, مما أدي الي الترجل للوصول الي استراحة الهمامية بيت القصيد والتي تكلفت ملايين الجنيهات بلا فائدة, وهنا كانت المفاجأة فحديقة الاستراحة السياحية تم زراعتها بالبصل والجرجير والبرسيم كاستثمار من نوع خاص لأحد الموظفين بهيئة الآثار. ووجدنا مبني به باب حديدي موصد بقفل يعلوه الصدأ وبعد جهد كبير تبين أنه خاص بمكان بيع التذاكر للزوار ان وجدوا, ولم يكن به أي موظف لصرف التذاكر وأوضح أحد الأهالي أنهم سمعوا أن ذلك المبني يضم أكثر من خمسة موظفين لكنهم لم يشاهدوا أحدا منهم. مما فتح مئات التساؤلات أين الموظفون؟ واين المسئولون عن السياحة في اسيوط؟ وبعد تأكدنا من عدم وجود موظفين لمرافقتنا لنبدأ زيارة الآثار الموجودة بأعلي الجبل, كان الاجتهاد السبيل الوحيد وتم التوجه الي أول الطريق, وكانت المفاجأة الثانية حيث إن الأبواب ايضا موصدة, وأشار أحد الأهالي الي أقدم محكمة في التاريخ والتي تقبع أعلي الجبل, وبالطبع لم يكن هناك شك مطلقا أن هناك طريقا ممهدا ليسمح لمن يريدون زيارة ذلك المعلم السياحي المهم والفريد من نوعه في العالم, وكانت المفاجأة الثالثة بأنه يجب تسلق الجبل لارتفاع يزيد علي30 مترا, فدون النظر للمخاطرة تم تسلق الجبل واكتشفنا بعد الوصول أن أقدم محكمة في التاريخ لم تعد كما تركها الفراعنة العظام لأن يد التخريب والسرقة والنهب قد طالتها, إلا أن عظمة الفراعنة وما شيدوه من جدران ينطق بعظمتهم وقدرتهم علي الإبداع, فمازالت كراسي القضاة والحضور بقاعة المحكمة شاهد عيان علي تاريخ لم يمحه الزمن ولا المخربون, وقطعا لو أن اللواء السيد البرعي محافظ أسيوط تمكن من الوصول الي تلك الآثار المهملة لاتخذ قرارات بسرعة تمهيد الطريق أمام أفواج سياحية من خارج مصر وداخلها لزيارة المنطقة ولأحال المسئولين للتحقيق. ومن جانبه يقول عقيل اسماعيل عقيل أحد أبناء مركز البداري أن آثار الهمامية لم تسقط سهوا, بل نقول سقطت عمدا من ذاكرة مسئولي السياحة في المحافظة, ولم تأخذ حقها في الترويج أو الدعاية لها, بل سقطت من ذاكرة الجميع, لذا لابد من الترويج لها وأبرازها إعلاميا في المحافل السياحية المحلية والدولية, والاهتمام بها وترميمها, حتي أن الكثير من الاجيال الحديثة من مركز البداري أو محافظة اسيوط لايعرفون شيئا عنها, لذا نحث السيد محافظ أسيوط, والسيد وكيل وزارة التعليم بأسيوط ان يفتحوا باب الرحلات المدرسية للطلاب ليتعرفوا علي تاريخ بلادهم العظيم لغرس الانتماء الوطني في قلوبهم وما أحوجنا اليه في تلك الفترة العصيبة. كما نطالب وزارة السياحة أن يأتي وفد منها يضم خبراء سياحيين للتأكد من وجود أقدم محكمة في التاريخ, وبنبرة حزينة قال إن آثارنا تنادي علينا فاهتموا بها لكي تصل الي الاجيال تاكفلاة, كما وصلت إلينا.