برغم مرور سنة وبضعة أشهر علي ثورة25 يناير, لاتزال أفكار العديد من المصريين حولها مشوشة, ومفهومها مضطربا في أذهانهم, الكل يفسرها حسبما أحدثته في عالمه الصغير. وبكل تأكيد حسب درجة ثقافته واسيتعابه للأمور, لكن الذي لاشك فيه أن الأغلبية الساحقة التي سعدت بها واستبشرت بما يمكن أن تحققه من إصلاح للأحوال في مختلف مجالات الحياة, اصبحت تشعر الآن بالقلق من المستقبل المجهول! كان التفاؤل سائدا قبل أن تمضي الأمور السياسية قدما في طريق التغيير بعد الانتخابات البرلمانية واندلاع معركة السعي المحموم نحو الاستئثار بالسلطة من جانب المتطرفين, وهنا انقسم المجتمع إلي شظايا تحت وقع الآلة الإعلامية عشرات التيارات والأحزاب والجماعات التي تتراوح بين أقصي اليمين وأقصي اليسار, التي تريد صبغ الثورة بل الأمة بأفكارها وفرضها علي الأغلبية, دون أدني احترام للتنوع الذي تفرضه وتحميه النظم الديمقراطية السليمة. والمدهش هنا هو اجتراء الجماعات والأحزاب السياسية, سواء منها الدينية أو الليبرالية, أو حتي الثورية, علي استخدام شعار الشعب يريد كذا..., وكأن الشعب المصري نسخة واحدة متكررة85 مليونا, كلهم يؤيدون هذا التيار المحدد فيما يخص أعداءه ومن يريد إسقاطهم, أو برموزه ومن يسعي لتنصيبهم. إن وقوف هذا الشعب العظيم علي قلب رجل واحد, موقف لم يتكرر سوي مرات قليلة جدا, آخرها لإسقاط النظام السابق, لذلك أصبح الترديد الممل شعار الشعب يريد إسقاط فلان, يذكرني بشعار آخر لا يقل سخافة وهو بالروح بالدم نفديك يا فلان! إن ثورة وثوار25 يناير الذين ثاروا علي نظام يقمع المعارضة, لا يصح مطلقا أن يقوموا هم بقمع من يعارضهم ولو تحت شعار حماية الثورة, لأن هذه أيضا كانت ذريعة النظام السابق, لكنهم كانوا يسمونها حماية الأمن القومي! ثورة يناير قامت لإقصاء السياسيين الفاسدين عن الحكم, وليس من أجل وصول الانتهازيين الجدد للكراسي, لأنهم سيفسدون بعد قليل! ثورة علي المنظومة السياسية الفاسدة, وليست ثورة علي النظام الذي هو عكس الفوضي! ثورة علي الاستبداد والديكتاتورية, وليست ثورة علي الانضباط والالتزام واحترام تسلسل القيادة. [email protected] المزيد من أعمدة عصام عبدالمنعم