ربما يكون الحدث الأبرز فى مصر منذ بداية هذا العام هو ترقب لقاء القمة المرتقبة خلال الأيام القادمة بين كل من الرئيس عبد الفتاح السيسى وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذى سيكون ضيف مصر لاحقا فهذه قمة يترقبها الجميع ليس فى القاهرة والرياض فقط بل سائر دول الإقليم لما تحمله وتترجمه من طيف من الاتفاقات والتفاهمات والتحركات بشأن فرص إطفاء النيران المشتعلة فى الدهليز العربى ونزع فتيل الصواعق والأفخاخ التى تنصب لتفجير بقية دوله الآمنة. بكل تأكيد العلاقات المصرية السعودية لها خصوصية بالغة الأثر والأهمية زيارة الملك سلمان لدى الغالبية الكاسحة من المصريين تحظى بالقدر الأكبر والانشغال ربما تتفوق فى الترتيب والأهمية لدى ماعداها من زيارات قادة العالم الأوائل هى تأتى فى الأولوية قبل وأفضل من زيارات أوباما أو بوتين انطلاقا من قاعدة إخوانك لا يمكن أن يصبحوا أعداءك. الغالبية من المصريين تدين بالفضل والعرفان لكل من السعودية والغالبية من دول الخليج هؤلاء ساندوا ووفروا الرافعة السياسية والحضانة المالية لإنجاح ثورة 30 يونيو تصدوا بقوة لمجمل مشاريع الغدر والمكائد الأمريكية والأوروبية وألقوا بقفازات التحدى فى وجه ساكن البيت الأبيض آنذاك فلولا تلك الوقفات التى قادتها السعودية فى عهد الملك الراحل عبد الله بن عبدالعزيز بجهده وتحركاته الفريدة والاستثنائية ومن وراءها دولة الامارات لكان لمصر والمنطقة شأن آخر ولكانت خرائط مصر وحدودها ترسم من جديد بالدم. اليوم تترجم زيارة الملك سلمان قصة الارتباط العضوى وحالة التماهى المصرى السعودى الفريدة والاستثنائية فى تاريخ علاقات دول المنطقة والتى مازالت تمثله البلدان كركيزة للحفاظ على الحد الأدنى للأمن القومى العربى حيث لا أمن ولا استقرار ولا صيانة لبقية خرائط الدول الآمنة فى الاقليم إلا بذلك التدافع المصرى السعودى لفرض سيف القوة والحسم وضبط إيقاع حالة الفوضى العارمة فى الاقليم بفعل لاعبين يشعلان الحرائق المتنقلة تارة بتغذية الفتن والعنف المذهبى ونيران الطائفية المستعر كايران وتارة أخرى باستعادة حلم الامبراطورية العثمانية الزائلة كتركيا. ولذا تبقى العيون شاخصة والقلوب عالقة لدى كثير من شعوب الاقليم خاصة فى عالمنا العربى على ضرورات الرهان على تسريع وتيرة التقارب الأكثر والتلاقى الأفضل بين القاهرة والرياض حيث لابد لهذه القمة المرتقبة أن تخلق أليات وميكانزمات جديدة لتحقيق الأهداف المرجوة بشأن سرعة إنجاز المصالح الاستراتيجية العميقة بين مصر والسعودية حيث لا رهان للاستثمار وتوسيع فرص التجارة وإقامة مشروعات صروح الانتاج والبنية الاقتصادية الطموح فى مصر إلا باستثمارات وأموال السعودية متدفقة وأظن أن حزمة استثمارات 30 مليار ريال الأخيرة من قبل السعودية فى مشروعات واستثمارات مصرية هى خير دليل وأفضل رسالة للمصرى بانه يمكنك الاعتماد فى المقام الأول على اخوانك فى السعودية والخليج ثم يأتى بعد ذلك الأوروبى والآسيوى أى الباقى تفاصيل. وبالتالى الأمر يحتاج خلال هذه القمة وبعدها لتوسيع دائرة التعاون والحركة بين البلدين وبقية دول الخليج للذهاب أبعد من التعاون والاشتراك فى مناورات رعد الشمال وبدء التنفيذ العملى لتدشين التحالف الاسلامى العسكرى الى الاسراع بضرورة التعجيل بولادة القوة العربية المشتركة بفعل اشارات مصرية سعودية جازمة وفى الحال بالاضافة الى تولى مجلس التنسيق المصرى السعودى الأعلى رسم سياسات وتصويب البوصلة للحفاظ على حدود وتوازنات الأمن فى الاقليم المهدد بانهيار أو طرح مبادرات ومعادلات الردع المبكر لانهاء هذا المخاض الدموى الطويل لأنه لا أحد فى المنطقة باستثناء مصر والسعودية يملكان حظوة وقوة الحركة والتأثير خاصة أن البلدين جناحا الأمن والاستقرار للامة ورمانة ميزان الاعتدال وصيانة مقتضيات الأمن القومى العربى. ولذا باتت الحاجة تتطلب مشروعا مصريا سعوديا ضمن أولى اولوياته إنهاء نظرية اكذوبة الفراغ العربى فى الاقليم ومزاحمة ومطاردة المشروع الإيرانى فى المنطقة وخاصة الصمود فى وجه هذا الايرانى المخادع لتمزيق العالم العربى وجعله مجالا حيويا لايران ونسف استراتيجية ملالى إيران فى تحويل الهلال الشيعى الى نصف قمر بعد حالة التباهى الايرانى بالسيطرة على مفاصل وإدارة القرار السياسى فى أربع عواصم عربية , وأن يستعد البلدين, ومعهم عرب الاعتدال ايضا لتحجيم ونسف مؤامرات الخصوم والمناوئين والاطاحة بأحلام وتطلعات الفرس فى طهران الذين يختزنون المرارة والكراهية ضد العرب وحدودهم وأمنهم الجيواستراتيجى. وبالتالى يجب أن تكون القاعدة الحاكمة والاطار الكاشف لكل من مصر والسعودية قادة ومسئولين وكتاب ومثقفين أثناء هذه القمة وبعدها أننا لم نعد نملك ترف التباكى والاستسلام للأحزان والاكتفاء برؤية الحرائق المشتعلة فى الدهليز العربى. بل لابد من الحراك لإطفائها وإعادة ترتيب البيت العربى وعودة زمن التحالفات العربية بما أن البلدين يملكان دفة القرار السياسى فى المنطقة والاقليم على اتساعه بامتياز . وفى اعتقادى أن أفضل رسالة للجميع فى مصر والسعودية والاقليم من زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر وفى هذا التوقيت وبكل هذه الحفاوة والتقدير نسف احلام وأوهام المرتجفين والواهمين الذين ظلوا يراهنون ويعزفون على وتر وهم تزايد الخلافات والانشقاقات المصرية السعودية كل حين وينفخون لشهور طويلة فى نيران التصدع والانشقاق الكاذب لتذهب أحلامهم سدى وتتحطم على صخرة وصلابة العلاقات المترسخة والمتجذرة بين القاهرة والرياض وهاهى زيارة الملك سلمان تصفع كل هؤلاء وتؤكد للجميع محورية وجوهرية علاقات البلدين. لمزيد من مقالات أشرف العشري