إن دفع العلاقات بين مصر وتجمع دول الساحل والصحراء مرهون بخلق شبكة من المنافع الاقتصادية المتبادلة حيث يعد «س- ص» من أكبر التجمعات الإقليمية إفريقيا بعد الاتحاد الافريقى إذ يضم فى عضويته 28 دولة ما بين دول من الشمال والوسط والغرب الأفريقي. وقد تأسس التجمع عام 1998 بناءً على مبادرة ليبية، لبناء آلية للتعاون الاقتصادى الإقليمى بين دول شمال إفريقيا والدول الإفريقية جنوب الصحراء، وشاركت مصر فى قمة تأسيس التجمع بصفة مراقب فى عام 1998، ثم حصلت على العضوية الكاملة بالتجمع فى عام 2001. فقد انخفض حجم التجارة بين مصر ودول «س- ص» من 4.16 مليار دولار عام 2010، لنحو 3.48 مليار دولار عام 2014، ورغم ذلك يوجد فائض فى الميزان التجارى لصالح مصر بلغ نحو 2.0 مليار دولار، حيث بلغت قيمة الصادرات المصرية لدول التجمع 2.7 مليار دولار، مقابل واردات بلغت 746.81 مليون دولار. ويرجع هذا الانخفاض لتراجع قيمة الصادرات المصرية فى عام 2014 لتبلغ 2.7 مليار دولار مقارنة ب 3.4 مليار دولار، 3.25 مليار دولار، و3.14 مليار دولار خلال الأعوام (2010، 2012، 2013) على التوالى. وفيما يتعلق بأهم الدول المستوردة للسلع المصرية من دول الساحل والصحراء: نجد أن أهم خمس دول، هى: ليبيا، والمغرب، والسودان، وكينيا، وتونس خلال الفترة (2010 - 2014)، وإن اختلف الترتيب بينهم من عام لآخر إلا أن المراكز الخمسة الأولى لم تخرج عن الدول المذكورة، حيث بلغت نسبة الصادرات المصرية للدول الخمس السابقة خلال الأعوام السابقة، 84.3%، 80.0%، 86.8%، 85.3%، 84.4%، على الترتيب من إجمالى الصادرات المصرية، فى حين تستحوذ باقى دول التجمع ال 22 على 15.7%، 20.0%، 13.2%، 14.7%، 15.6% فقط، خلال الفترة من (2010 - 2014) على الترتيب. التذبذب الليبي فليبيا احتلت المركز الأول للدول المستوردة لمصر خلال الفترة (2010 - 2014)، حيث بلغت وارداتها من مصر 1.24 مليار دولار، 555.57 مليون دولار، 1.4 مليار دولار، 1.3 مليار دولار، 991.26 مليون دولار على الترتيب، وهذا التذبذب فى الواردات الليبية ما بين الصعود والهبوط يرجع للاضطرابات الأمنية وعدم الاستقرار السياسى الذى تعانى منه ليبيا، منذ عام 2011 وحتى الآن، إلا أنه رغم ذلك مازالت ليبيا تتصدر دول س - ص المستوردة من مصر. أما فيما يخص أهم الدول المصدرة للسلع من دول الساحل والصحراء لمصر: فقد جاءت كينيا، المغرب، السودان، تونس، ليبيا، كأهم الدول المصدرة لمصر من دول س ص، خلال الفترة (2010 - 2014)، وإن اختلف الترتيب بينهم من عام لآخر إلا أن المراكز الخمسة الأولى لم تخرج عن الدول السابقة، حيث بلغت نسبة الوادرات المصرية منها خلال الفترة (2010 - 2014)، 90.7%، 86.5%، 92.2%، 88.2%، 90.3%، على الترتيب، من إجمالى الواردات المصرية، فى حين استحوذت باقى دول س - ص ال 22 على 9.3%، 13.5%، 7.8%، 11.8%، 9.7%، فقط، من الإجمالى، خلال الفترة من (2010 - 2014) على التوالى. الصعود الكيني وقد احتلت ليبيا المركز الأول للدول المصدرة لمصر عام 2010، تلتها كل من: كينيا، المغرب، تونس، والسودان، على التوالى، إلا أنه مع الاضطرابات الامنية التى شهدتها ليبيا خلال الفترة التالية، أخذ نصيبها من الواردات يقل، لتحتل المركز الخامس عام 2014، لتقفز كينيا بدلا منها للمركز الأول خلال الفترة (2011 - 2014)، كأهم الدول المصدرة لمصر من دول س - ص. تحرير تجاري وهنا تجدر الإشارة إلى أهم المشكلات التى تعيق التبادل التجارى بين مصر ودول الساحل والصحراء.. فعلى الرغم من أن تجمع الساحل والصحراء، هو تجمع اقتصادى اقليمى، أُسس منذ ما يقرب ثمانية عشر عاما، فإنه مازال يجرى التفاوض على انشاء منطقة تجارة حرة بين أعضائه، وبالتالى لا توجد تعريفة جمركية موحدة بين دوله. فبعض دول تجمع الساحل والصحراء لا ترتبط مع مصر باتفاقيات لتسهيل التبادل التجارى. ومما سبق يتضح ان أهم خمس دول والتى تتميز بعلاقات تجارية قوية مع مصر من دول س- ص، هى أربع دول عربية: ليبيا، والسودان، والمغرب، وتونس، بالإضافة إلى كينيا. ويرجع ذلك أولا: لعضوية كل من مصر، ليبيا، تونس، المغرب، السودان فى اتفاقية تيسير التبادل التجارى (منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى) والتى تنص على التحرير الكامل لكافة المبادلات التجارية العربية، هذا بجانب عضوية مصر، المغرب، تونس فى إعلان أغادير، هذا بالإضافة لعضوية كينيا والسودان مع مصر فى اتفاقية الكوميسا، بجانب ما سبق توجد اتفاقيات ثنائية بين مصر وتلك الدول لتيسير التبادل التجارى الحر، كل ما سبق ساعد على زيادة التبادل التجارى بين مصر وتلك الدول، وجعلها تستحوذ على النسبة الأكبر من صادرات وواردات مصر مع دول س - ص، كما هو واضح فى الجدولين السابقين. مشكلات مانعة وتوجد أيضا العديد المشكلات التى تعوق التبادل التجارى بين مصر وأفريقيا عامة، والتى تنسحب بالضرورة على دول التجمع، التى تضم تقريبا نصف الدول الأفريقية، أهمها عدم وجود خطوط ملاحية (بحرية وجوية) منتظمة بين مصر ومعظم الدول الأفريقية، بالإضافة لعدم كفاءة الموانى فى العديد من الدول. وارتفاع أسعار الشحن والنقل، وتحكم شركات الشحن الأجنبية فى فترة الشحن، مما قد يؤدى إلى تلف البضائع، هذا إلى جانب وجود قصور شديد فى خطوط السكك الحديدية تظهر بشكل واضح فى الدول الحبيسة مما يؤدى الى ارتفاع تكلفة النقل. بخلاف ارتفاع معدلات المخاطر التجارية وغير التجارية، وكذلك ارتفاع تكلفة التأمين على الصادرات، والمنافسة الكبيرة لصادرات دول جنوب شرق آسيا للعديد من المنتجات المصرية. كما تفتقد معظم الدول الأفريقية لنظم مصرفية جيدة، مع عدم وجود فروع للبنوك المصرية فى تلك الدول، بالإضافة لعدم وجود آليات لضمان وتمويل الصادرات، وندرة العملات الأجنبية فى بعضها، هذا بالإضافة لارتفاع مخاطر عدم السداد. علاوة على الافتقار إلى وجود نظام اعتراف متبادل بالمواصفات على المستوى الإقليمى، ومحدودية الاستثمارات المصرية المباشرة فى أفريقيا، وضعف الوجود المصرى فى المعارض الأفريقية، وعدم وجود معارض دائمة للمنتج المصرى، بالإضافة لضعف الترويج للمنتجات المصرية. مداخل دافعة أما الحلول المطلوبة لزيادة التعاون والتبادل التجارى بين مصر ودول الساحل والصحراء، فيمكن اقتراح ما يلي: • البدء فى مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الدول الأعضاء، حتى لو بشكل تدريجى، وفق نظرية «النواة». • اتخاذ السودان كبوابة تجارية للمنتجات المصرية بحكم القرب الجغرافي، ولاستغلال المتاح من طرق برية وموانىء تربط بين البلدين، لتكون نقطة ارتكاز للصادرات المصرية، خاصة لشرق وجنوب القارة، فضلا عن كونها تربطها بمصر اتفاقيات لتهسيل التبادل التجارى. كذلك استغلال الدول التى ترتبط مصر معهم باتفاقيات تفضيلية للتجارة مثل كينيا، اريتريا، جيبوتى (أعضاء الكوميسا) فى جعلهم نقاط ارتكاز للصادرات المصرية خاصة للدول المجاورة لهم. • تنشيط الجهود التى تبذلها وزارة التجارة الخارجية فى مجال الترويج للسلع المصرية فى الدول الأفريقية مثل اقامة معارض متخصصة وإرسال بعثات ترويجية. • تحديد عدد من المنتجات المصرية التى لها فرصة كبيرة فى التصدير مثل السلع الزراعية والمنتجات الغذائية والمنظفات بأنواعها والمنتجات الورقية والصحية، ومواد البناء، والأدوية والمستلزمات الطبية بجانب الأجهزة المنزلية والكهربائية وإطارات السيارات والتركيز على الترويج لها. • إنشاء شبكة للمعلومات التجارية وموقع إليكترونى يضم كل المعلومات المطلوبة والبيانات اللازمة للتبادل التجارى لعلاج مشكلة النقص فى المعلومات المتاحة وتوثيق العلاقات بين رجال الأعمال مع توعية رجال الأعمال المصرين بأهمية التعرف على احتياجات الأسواق المستهدفه أفريقيا. • تعزيز دور شركة ضمان الصادرات التابعة لبنك تنمية الصادرات فى توفير التمويل وضمان الصادرات. • تفعيل البروتوكول الذى تم توقيعه بين وزارة التجارة الخارجية والبنك الأهلى والذى يقضى بتمويل الصادرات المصرية بنظام البضاعة الحاضرة بضمانات تقدمها شركة SGS. • تبادل العلاقات المصرفية المباشرة وإنشاء فروع للبنوك المصرية على غرار بنك القاهرة بكمبالا، والتأكد من استفادة المصدرين المصريين من المساعدات المالية التى يقدمها بنك التنمية الافريقى وغيره من المؤسسات المالية الدولية فى مجال تنمية الصادرات. • إعادة هيكلة وتطوير شركة النصر للتصدير والاستيراد، للاستفادة من الفروع التى تملكها الشركة فى أفريقيا والتى تبلغ حاليا 16 فرعا بعض منها يمكن تحويله إلى مول تجارى لصالح شركات التجزئة المصرية، بالإضافة لوجود هناك مخازن كبيرة تسمح بأن تتحول إلى مناطق لوجستية للمنتجات المصرية فى أفريقيا.