هل يصدق أحد أن عشر شحنات من مبيدات حشرية تحتوى على مواد مسرطنة موجودة فى ميناء الأدبية بالسويس منذ 17 عاما، ولم تتحرك عشرات الحكومات على مر هذه الأعوام للتخلص منها، وتكون هناك ذريعة فى كل مرة للإبقاء عليها، مرة بدعوى أن الأمر معروض على النيابة، ومرة لهروب مستورد هذه الشحنات إلى الخارج لأنه غير مصري، ومرات لأن التخلص منها يجب أن يكون عن طريق شركة عالمية متخصصة فى ذلك، والسنوات تمر، ويتغير المسئولون، وهم بطبيعة الحال لا يلقون بالا لشكاوى المواطنين، من باب ان الصمت يولد النسيان، وتفجرت هذه القضية الخطيرة من جديد، بعد تصريح الدكتور خالد فهمي، وزير البيئة بأن شركة مصرية عرضت على الحكومة التخلص من هذه الشحنات، لكنها رفضت العرض، إذ لا توجد شركة فى مصر لديها القدرة على التخلص الآمن من المواد المسرطنة، ويجب أن تقوم بهذه المهمة شركة دولية تتحمل تبعات أى خطأ فى عملية التخلص، وأن مصر والبنك الدولى بصدد طرح مناقصة دولية لاختيار الشركة التى ستتولى التخلص منها، حيث تم تقدير التكلفة وحصر الأماكن والمنشآت التى يمكن أن تستقبلها، كما أن عملية نقل المخلفات الدولية تنظمها اتفاقية «بازل» ومصر موقعة عليها، وملتزمة بإبلاغ الاتفاقية بخطوط سير الشحنة والمحطات التى ستتوقف بها، وتحصل مصر حاليا على موافقة هذه الدول، بالإضافة إلى موافقة بازل؛ ولذلك فإن الإجراءات تتطلب وقتا؛ لأن فى كل دولة ستمر عليها الشحنة، بها جهة معنية مكلفة بالتفاوض مع مصر. فهل يعقل؟.. إن المشكلة مازالت قائمة دون حل، ولم يراع أحد أن الميناء يستقبل يوميا مواد غذائية وسلعية وشحنات حيوانية، من الممكن أن تتلوث ب «اللندين»، ومجلس النواب غائب تماما عن هذه الكارثة، ولم تتخذ الحكومة خطوات واقعية للتخلص منها، ثم لماذا لا تتم إعادة محاكمة مستورديها؟ فالأمر خطير، ولا يمكن السكوت عنه. أحمد البرى