فى فبراير عام 1973 كان الرئيس السادات قد وصل إلى قناعة تامة بأن خيار الحرب بات حتميا، وأن الأمر لم يعد يحتمل أى تأخير خصوصا بعد أن تلقى إشارات إيجابية من الرئيس السورى حافظ الأسد باستعداد سوريا للتنسيق الشامل مع مصر. فى ذلك الوقت كان السادات قد استحدث منصب مستشار الرئيس للأمن القومى وأسند مسئوليته إلى اللواء حافظ إسماعيل الذى قام من جانبه باختيار عدد من العسكريين والدبلوماسيين المرموقين للعمل معه بينهم السفير أحمد ماهر وزير الخارجية الأسبق فيما بعد والدبلوماسى الشاب أحمد أبو الغيط الذى جرى انتخابه قبل أيام أمينا عاما لجامعة الدول العربية. ووفقا للحسابات الدقيقة فى التخطيط للحرب قرر السادات إيفاد المشير أحمد إسماعيل على وزير الحربية إلى روسيا لبحث إمدادات جديدة من الأسلحة على غرار الشحنات الكبيرة التى زودت بها روسياسوريا وبالتوازى مع ذلك قرر إيفاد حافظ إسماعيل إلى باريس لمقابلة هنرى كيسنجر وزير خارجية أمريكا لاستطلاع رأى واشنطن وجس نبضها فى احتمال نشوب الحرب.. وعاد أحمد إسماعيل من موسكو متهللا لموافقة السوفيت على الطلبات المصرية رغم أنهم كانوا فى حالة غضب بعد قرار الاستغناء عن الخبراء السوفيت فى مصر منذ يوليو 1972، بينما عاد حافظ إسماعيل من باريس بانطباع سييء بعد أن قال له كيسنجر إنكم فى مصر مهزومون والحرب ليست بمقدوركم وإنكم إذا غامرتم فسوف تتعرضون لهزيمة أبشع من هزيمة يونيو 1967. وعندما سأل السادات حافظ إسماعيل عن تقويمه لما ذكره كيسنجر عرض عليه حافظ مذكرة تقدير موقف أعدها معاوناه أحمد ماهر وأحمد أبو الغيط مفادها أن ذلك نوع من «التهويش» الذى تستخدمه أمريكا للترهيب إذا فشلت فى الترغيب وهز الرئيس السادات رأسه بالموافقة على ذلك. ويا لسخرية القدر أن يدعى البعض أن أبو الغيط صديق لإسرائيل وهو الذى قال عنها عام 2010 إنها دولة عدوة وهو تعبير لم تكن تستخدمه الدبلوماسية المصرية منذ عام 1979 بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد... مبروك للجامعة العربية والشكر للرئيس السيسى الذى ساند ترشيح أبو الغيط منذ اللحظة الأولى ورفض خضوع مصر لأى ابتزاز أو مساومة ولابد أيضا من الإشادة بالوزير سامح شكرى الذى أدار حملة انتخاب أبوالغيط باقتدار وبخطوات عميقة ومحسوبة يدركها دهاقنة العمل الدبلوماسى تماما. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله