«الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    أين الناخبون؟!    «لجنة المسئولية الطبية» تعتمد قرارات وإجراءات لدعم تنفيذ قانون سلامة المريض    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    الزراعة تعلن تحصين أكثر من 8 ملايين جرعة لحماية الثروة الحيوانية من الحمى القلاعية والوادي المتصدع    إصدار شهادة بسعر المشغولات الذهبية عبر البريد المصري    الاتحاد الأوروبي يفرض غرامة 120 مليون يورو على منصة إكس    طريقة استخراج شهادة المخالفات المرورية إلكترونيًا    أسعار الفاكهه اليوم الجمعه 5 ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    الطرق المدمرة والحطام تبطئ عمليات الإغاثة بعد الفيضانات في آسيا    هيئة فلسطينية: أمريكا تضغط من أجل الدخول في المرحلة الثانية من اتفاق غزة وإسرائيل تتحجج    ماكرون يعلن مساندته تفضيل الأوروبيين للسيارات الكهربائية    سام ألاردايس: انتقاد كاراجر ل صلاح «مثير للشفقة»    حسام وإبراهيم حسن رفقة الدرندلي في حفل الاستقبال لمنتخبات كأس العالم بمجمع كينيدي للفنون    الداخلية تكشف تفاصيل مشاجرة طلاب مدرسة في القاهرة    اتهامات جديدة لوالد المتهم في جريمة تلميذ الإسماعيلية    انضمام مصر كعضو مؤسِّس في التحالف الدولي لتعليم السينما وفنون الإعلام    سورة الكهف نور الجمعة ودرع الإيمان وحصن القلوب من الفتن    «هيئة الدواء» توافق على إتاحة علاج مناعي حديث لمريضات أورام بطانة الرحم    قطع المياه لمدة 8 ساعات غدا السبت عن 3 قرى في بني سويف    بعد انقطاع خدمات Cloudflare.. تعطل فى موقع Downdetector لتتبع الأعطال التقنية    «الداخلية» تواصل حملاتها لضبط الأسواق والتصدى لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    حريق مصعد عقار بطنطا وإصابة 6 أشخاص    «البريد» يكشف تفاصيل إصدار شهادة بسعر المشغولات الذهبية    وزارة العمل تقدم وظائف جديدة فى الضبعة بمرتبات تصل ل40 ألف جنيه مع إقامة كاملة بالوجبات    منافس مصر.. الإمارات أغلى منتخبات بطولة كأس العرب 2025    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    إيران تتراجع عن المقاطعة وتعلن حضور قرعة كأس العالم 2026    الفيلم اللبناني Suspension بمهرجان القاهرة للفيلم القصير بعرضه العالمي الأول    طليق بوسي تريند البشعة: لم أشارك في أي جلسات لإثبات براءتها    صلاح مصدق يعود للمغرب بعد فسخ عقده مع الزمالك    وسام أبو علي: نسعى للفوز على سوريا وسأبقى مع فلسطين حتى النهاية    نجل البرغوثي يكشف تعرض والده لكسور بالضلوع وقطع بالأذن في سجون الاحتلال    محافظ كفر الشيخ: افتتاح مسجد عباد الرحمن ببيلا | صور    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    لقاءات ثنائية مكثفة لكبار قادة القوات المسلحة على هامش معرض إيديكس    منال عوض تؤكد: وزراء البحر المتوسط يجددون التزامهم بحماية البيئة البحرية والساحلي    تحرير 32 محضر مخالفات تموينية بكفر الشيخ    العثور على جثة طفلة مجهولة الهوية بالترعة الإبراهيمية فى سمالوط بالمنيا    محافظ الجيزة: توريد 20 ماكينة غسيل كلوي ل5 مستشفيات بالمحافظة    قافلة طبية بقرية أبو عدوي في دمياط تقدم خدمات مجانية لأكثر من ألف مواطن    جهاد حسام الدين تنضم إلى مسلسل عباس الريّس في أول تعاون مع عمرو سعد    تفاصيل القصة الكاملة لأزمة ميادة الحناوى وحقيقة لجوئها ل AI    خرست ألسنتكم داخل حناجركم    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    بعد إطلاق فيلم "أصلك مستقبلك".. مكتبة الإسكندرية: كل أثر هو جذر من شجرتنا الطيبة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    رئيس جامعة القاهرة: نولي اهتمامًا بالغًا بتمكين أبنائنا من ذوي الإعاقة    مصر ترحب باتفاقات السلام بين الكونجو الديمقراطية ورواندا الموقعة بواشنطن    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    إعلام إسرائيلي: انتحار ضابط في لواء جفعاتي بسبب مشكلات نفسية    طارق الشناوي: الهجوم على منى زكي في إعلان فيلم الست تجاوز الحدود    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    30 دقيقة تأخير على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 5 ديسمبر 2025    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا خفتت البهجة سريعا
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 05 - 2012

ما زلت في أثناء كتابة هذه السطور أتابع في قلق مجريات و توابع ما عرف باعتصام العباسية قرب وزارة الدفاع المصرية; و كنت منذ أيام في رحاب نخبة من الأصدقاء الفلسطينيين نحتفل بوداع المناضل رءوف نظمي الذي استهللت واحدا من كتبي بعبارة إلي أخي الدكتور محجوب عمر مصريا في صفوف الثورة الفلسطينية, و تداعت الذكريات الشخصية السياسية من انتصار أكتوبر1973, إلي دخول عرفات و رفاقه علنا إلي أرض فلسطين للمرة الأولي أول يوليو1994, إلي الأيام الثمانية عشر لثورة يناير المصرية. كانت أياما تتشابه في توهجها بالبهجة, و لكن لماذا خفتت البهجة سريعا؟ لعله مما يستوقف النظر أن ثمة تشابها ملفتا أيضا في مظاهر خفوت ذلك التوهج المبتهج: القول بأن هناك من سرقوا الانتصار و من ثم فإن مشهد تتويج ذلك الانتصار لم يكن حقيقيا أو بعبارة أخري لم يكن متناسبا مع انتصار دفعنا فيه ثمنا غاليا. علينا إذن استئناف أو استمرار أو حتي بدء العمل الثوري من جديد: علينا تحرير سيناء و تحرير فلسطين و إسقاط نظام مبارك.
إن ما جري في ثورة يناير لا يتفق مع تصورات الثوار التقليدية للثورة التي تقيم سلطتها و نظامها علي أنقاض نظام دمرته تدميرا, و من ناحية أخري فإن ما جري لم يكن مطابقا أيضا لتصور رئيس و رجال النظام السابق لما يعرفونه عن ملامح الثورة, فلم يحدث انقلاب عسكري يطيح بهم, و لم تطلهم أيدي الثوار, بل تم التفاهم بين المجلس الأعلي للقوات المسلحة و الرئيس السابق علي التنحي, و كذلك الحال بالنسبة للمجلس العسكري فهو لم يصنع الحدث و لم يتول السلطة بإرادة الثوار ولا بآلية الانقلاب العسكري التقليدية.
لقد أدي الطابع السلمي للثورة إلي فقدانها للملامح المعروفة و المثيرة للثورات والانقلابات, و لذلك ساد لدي الأطراف جميعا بمن فيهم الثوار أننا حيال حدث مجهض غير مكتمل, و أغري ذلك الجميع بضرورة استكمال الحدث كل لصالحه. و اجتمعت الأطراف جميعا علي تغذية الإحساس بأننا علي حافة هاوية لا قرار لها و لا مهرب منها إلا بأن يحقق أحد الأطراف انتصارا حاسما: تثبيت النظام القديم و استعادة رموزه لمكانتهم, أو استمرار المجلس العسكري في السلطة لأطول فترة ممكنة ضمانا للأمن والاستقرار, أو السعي لثورة جديدة تتخلي عما علق بالحدث الأول من شبهة السلمية.
و اندفعت الأطراف الإقليمية و الدولية لاستثمار ما حدث, و كان ضمن أهدافها الاستراتيجية تحطيم الشعار الذي يهدد القوي العظمي و حلفاءها الإقليميين و هو شعار سلمية سلمية; فبعد نجاحهم في تشويه تحرير سيناء و طمس انتفاضة الحجارة, كانت ثورة يناير نذيرا جديدا بإمكانية أن يفلت الثوار من احتكار تلك القوي لعمليات التغيير الثوري.
و تبلور الخطاب السياسي الإعلامي الداخلي و الإقليمي في بث روح التشاؤم والترويع و تشويه ما حدث بما يكفل تحقيق هدفين متكاملين:
إحياء أمل النظام القديم في العودة بإرادة الجماهير التي تم ترويعها إلي حد استعدادها لقبول أي بديل يكفل لها أمنا, و يحظي بالمساندة الإقليمية و الدولية.
بث اليأس في نفوس الثوار من إمكانية التغيير السلمي و من ثم الدفع بهم لخيار استخدام السلاح في عالم لم يعد فيه مجال لاستثمار تناقضات دولية حادة تكفل ظهيرا للثورة الشعبية المسلحة, و لا يبقي أمام الثوار سوي الاعتماد علي من بيدهم دوليا مفاتيح قرارات الحرب و الاستسلام.
و جاءت واقعة اعتصام ميدان العباسية لتجسد ما وصل إليه الجميع: نفور الجماهير من الثورة السلمية يبلغ ذروته, و مجلس الشعب المنتخب قد قيدت حركته و تشوهت صورته, و الشرطة قد توارت, و عصابات المأجورين تحاول فض الاعتصام بطريقتها المعروفة, وأوهام الثورة المسلحة تتصاعد, و تتعانق شعارات تكفير أعضاء المجلس العسكري و الدعوة للحكم بالشريعة مع شعارات الثورة الشعبية المسلحة, و تختلط صور جيفارا بصور الشيخ حازم أبو إسماعيل.
وفي خضم ذلك الضجيج بقي بريق أمل وحيد: إن أحدا حتي الآن علي الأقل لم يعلن صراحة تمسكه باستمرار الفترة الانتقالية, بل أجمعت كل الأطراف رغم تباين النوايا و تناقض الأهداف علي الالتزام بتسليم السلطة للرئيس المنتخب في موعد محسوم أقصاه03 يونيو المقبل, و التمسك بذلك الالتزام بشكل صارم هو الحل الوحيد الصحيح.
سوف يشوب عملية الانتخاب العديد من الشوائب. و سوف ينتخب الرئيس في ظل تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات. و سوف يكون الرئيس المنتخب مفتقدا لدستور مكتمل يحدد سلطاته. و لن يحظي الرئيس بتوافق غالبية الأطراف جميعا من إسلاميين و ثوريين و فلول للنظام السابق.
و لكن رغم ذلك كله سيكون لدينا رئيس يتيح لنا التخلص من شعار يسقط حكم العسكر, و يتيح لجيشنا الوطني أن يستعيد دوره التاريخي في حماية حدود الوطن, و يتيح لنا أن نختلف و أن نتعارك بل و أن نحتج علي قرارات السيد الرئيس دون أن يوضع علي رقابنا سيف الاتهام بالتطاول علي الرموز المقدسة. و قبل كل ذلك و أهم من كل ذلك سوف يكون انتخاب الرئيس تجسيدا لنجاح شعار ثورتنا سلمية سلمية و هنا مكمن الخطر و التحدي.
المزيد من مقالات د. قدري حفني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.