رنة مميزة على تليفونى المحمول تعلن وصول رسالة تحمل أخبارا جديدة : "خطة عالمية جديدة لمنع التطرف العنيف". قفزت تلك الرسالة القصيرة على شاشة تليفونى المحمول. لقد أعلنها العالم صراحة وبشكل رسمى عبر منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة : أن تهديد التطرف العنيف ليس محصورا فى دين أو جنسية أو عرق واحد، وأن المسلمين هم الغالبية العظمى من ضحايا التطرف العنيف. فقد بح صوت العرب والمسلمين ومن قبلهم المصريين علي مدى عقود وهم يشرحون ويفندون ويحذرون العالم من خطر التطرف وإرتباطه بالعنف. كما بح صوت المسلمين وهم يؤكدون للعالم أن الإسلام دين وسطى ينبذ التطرف والعنف المصاحب له ويدعو إلى المعاملة الحسنة الدين المعاملة للجميع، من المسلمين أو من أبناء الديانات الأخرى. وقد تضمنت الخطة أكثر من 70 توصية للدول الأعضاء ومنظمة الأممالمتحدة لمنع زيادة انتشار التطرف العنيف. وتسعى التوصيات المعروضة على الدول الأعضاء إلى إدماج الوقاية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من برنامج شامل يساعد على معالجة العديد من العوامل الرئيسية التى تدفع الأفراد للانضمام إلى الجماعات المتطرفة العنيفة. وتحدد التوصيات الإجراءات التى يمكن اتخاذها على الصعيد العالمى والوطنى والإقليمى، بما فى ذلك وضع أطر السياسات، وتعبئة الموارد، واتخاذ إجراءات ملموسة فى سبعة مجالات ذات أولوية هى: الحوار ومنع نشوب النزاعات، وتعزيز الحكم الرشيد وحقوق الإنسان وسيادة القانون، وإشراك المجتمعات المحلية فى إتخاذ القرارات، وتمكين الشباب، والمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، والتعليم وتنمية المهارات وتسهيل العمل، وتنشيط الاتصالات الاستراتيجية وشبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعية وحشدها لمواجهة التطرف والعنف. وفى إطار محاولات التوصل إلى إجابات ذات طبيعة علمية لتنامى ظاهرة الإرهاب فى الشرق الأوسط خلال الأعوام الأخيرة، نظم "مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية" برئاسة الأستاذ ضياء رشوان مدير المركز أعمال ندوة " تهديدات الجماعات الإرهابية فى منطقة الأورومتوسط" بالتعاون مع شبكة "يورومسكو" (الشبكة الأورومتوسطية الرئيسية لمراكز الفكر المهتمة بالسياسة والأمن فى إقليم المتوسط). وخلال الندوة الهامة تم عرض النتائج النهائية للمشروع البحثى الذى أدارته وشاركت فيه منذ انطلاقه فى عام 2015 الأستاذة أمل مختار الباحثة بالمركز ومدير المشروع، كما شارك فيه العديد من الباحثين من مصر والدول العربية والأوروبية. وانصبت الدراسة الرئيسية للمشروع البحثى على مناقشة قضية عملية تجنيد المقاتلين من دول عربية وأوروبية للانضمام إلى الجماعات المسلحة فى الحرب الدائرة فى سوريا. وقد تمت مناقشة الأسباب وراء انجذاب المواطنين وخاصة الشباب لمثل هذه الجماعات وتقسيمها الى أسباب أيديولوجية وسياسية، وأسباب اجتماعية ونفسية، وأسباب اقتصادية، وأخيرا أسباب فنية وعلمية. مع الأخذ فى الاعتبار أنه لا يمكن فصل تلك الأسباب عن بعضها البعض، حيث تتداخل تلك الأسباب والعوامل، وتؤثر إحداها على الأخرى. وبصورة عامة، انتهى كل فصل من الدراسة بطرح مجموعة من التوصيات بهدف مواجهة مخاطر الجماعة المتطرفة واستمرار عمليات التجنيد. وجاءت أبرز التوصيات لتؤكد على أهمية الاعتراف بالأخطاء التى ارتكبتها دول عربية وغربية مما سمح بعبور المقاتلين الأجانب من وإلى الشرق الأوسط، والعمل على تصحيح تلك الأخطاء، ومواجهة الأسباب الكامنة وراء انضمام العسكريين السابقين المسئولين فى الأنظمة القديمة إلى الميليشيات المسلحة، ومواجهة رسائل استدراج الشباب لصفوف التنظيمات الإرهابية برسائل مضادة، وتطوير أساليب المواجهة عبر وسائل الإعلام بالإضافة إلى تطوير أدوات المواجهة الأمنية. أما أخطر ما فى الأمر فكانت تلك التوقعات باستمرار نشاط تنظيمات مثل "داعش" و"جبهة النصرة" وعدم انهزامهم فى المدى القصير. والأخطر من كل سبق كان ما قيل حول خطر مستقبلى قادم يشمل أشكالا جديدة من التنظيمات والمخططات الإرهابية التى من المتوقع أن تقوم على أنقاض تنظيم"داعش" فى حالة إنهياره. وهكذا أدت عوامل الإهمال والأخطاء والتكاسل عن إصلاح المسار فى دول المنطقة تحديدا وفى العالم بوجه عام إلى تولد خطر الإرهاب الذى أكد الخبراء عدم إنحساره إلا بتعاون عالمى ونوايا وجهود "صادقة" لصنع غد أفضل للأجيال القادمة. دارت تلك الأفكار فى ذهنى فنحيت تليفونى المحمول جانبا ونظرت إلى الأفق فى صمت. لمزيد من مقالات طارق الشيخ