فى الوقت الذى أدانت فيه واشنطن مصادرة السلطات التركية صحيفة «زمان» المعارضة ووصفته بأنه يتنافى مع القيم الديمقراطية، صعد الرئيس التركى رجب طيب إردوغان من سياسة «القمع الأمني»، حيث اعتقلت قوات وحدة مكافحة الإرهاب 4 من أصحاب وكبار مسئولى مؤسسة «بوياك» التجارية، التى تأسست عام 1957، ويعمل بها 14 ألف عامل فى 41 شركة تنشط فى قطاعات مختلفة، وتعتبر إحدى المؤسسات المهمة فى محافظة «قيصري» بمنطقة وسط الأناضول. وكشفت صحيفة «جمهوريت» التركية أمس أنه تم إلقاء القبض على كبار المسئولين فى مؤسسة «بوياك» التجارية بتهمة تأمين موارد مالية لحركة «الخدمة» بزعامة الداعية الإسلامى فتح الله جولن، عدو إردوغان اللدود. ومن جانبه، أبدى محمود تانال النائب البرلمانى عن حزب الشعب الجمهورى المعارض، فى رسالة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى «تويتر» غضبه من حملة المداهمة الأمنية الأخيرة ، ووصفها بأنها «استمرار لحملة الكراهية وترويع للمستثمرين والاستثمار»، فضلا عن أنها تهديد للأمن القانونى وفرص العمل وانتهاك للحقوق والملكية الشخصية. وحول مصادرة صحيفة «زمان» المعارضة، أعادت الصحيفة فتح أبواب مقرها أمس، واتجه العاملون إلى مواقع التواصل الاجتماعى لنشر صور للقوات المسلحة الخاصة عند المبنى المحاط بحواجز ، بعد أن اقتحمت الشرطة مساء أمس الأول المقر ، واستخدمت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق أشخاص تجمعوا فى المكان. وفى واشنطن، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربى قرار مصادرة «زمان» بأنه الأحدث فى سلسلة الإجراءات القضائية المثيرة للانزعاج التى اتخذتها الحكومة التركية لاستهداف وسائل الإعلام المعارضة. ودعا كيربى السلطات التركية إلى ضمان احترام حرية الإعلام والقيم الديمقراطية المنصوص عليها فى الدستور التركي، من بينها حرية التعبير والصحافة. وقال إنه ينبغى تشجيع الرأى المعارض فى المجتمعات الديمقراطية وليس إسكاته، مضيفا أن الولاياتالمتحدة لاتعتقد أن مثل هذا النوع من الإجراءات يتماشى مع القيم الديمقراطية الصحية التى نص عليها الدستور التركي، وأكد أن الإدارة الأمريكية ستواصل التعبير عن قلقها سواء فى الاجتماعات الخاصة أو المعلنة حيال هذه الإجراءات، والمطالبة بضرورة الوفاء بالقيم الديمقراطية الخاصة بحرية التعبير والصحافة والمعارضة. وفى سياق متصل، أعربت لجنة حماية الصحفيين الأمريكيين عن قلقها إزاء قرار القضاء التركي، وقال المدير التنفيذى للجنة جويل سيمون فى بيان له إن الإجراء يمهد الطريق أمام «خنق ما تبقى من صحافة المعارضة»، مشيرا إلى أن «زمان» تلعب دورا مهما فى إعلام المجتمع التركى والعالم. ودعا السلطات التركية إلى الوفاء بالتزاماتها الدستورية للدفاع عن حرية الصحافة وحقوق الصحفيين بدلا من اتخاذ اجراءات تقوض عمل الصحف. وبدوره، أعرب المفوض الأوروبى لشئون التوسيع يوهانس هان عن شعوره بالقلق البالغ إزاء التطورات الأخيرة فى محيط الصحافة التركية المعارضة، مؤكدا أن الأمر «يهدد التقدم الذى أحرزته أنقرة فى مجالات أخري»، وأضاف :»سنتابع عن كثب ما يحدث، وعلى تركيا، المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أن تحترم حرية الصحافة، فالحقوق الأساسية غير قابلة للتفاوض». ومنذ عدة أشهر تبدى المعارضة التركية ومنظمات غير حكومية للدفاع عن وسائل الإعلام والعديد من الدول قلقها إزاء الضغوط التى يمارسها الرئيس التركى وحكومته ضد الصحافة، علما بأن تركيا فى المرتبة 149 على 180 دولة فى مجال حرية الصحافة، بحسب ترتيب منظمة «مراسلون بلا حدود».