الشعب الجمهوري: ثورة يوليو نقطة تحول جذرية في تاريخ مصر الحديث    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    رئيس "بنك الطعام": نقدم نموذج شمولي فريد بالتعاون مع 5 آلاف جمعية    استهداف ناقلة جنود إسرائيلية بقذيفة «الياسين 105» وسط غزة    عبد المنعم سعيد: روسيا خارج منافسة القوى الاقتصادية الكبرى    عبد المنعم سعيد: الصين قوة عظمى من نوع خاص.. والتفوق البشري مفتاح النهضة    رياضة ½ الليل| وفاة لاعب فلسطيني.. صفقة الزمالك «منظورة».. رحيل «عادل» للإمارات.. وأحلام زيزو بالأهلي    حزب الجبهة الوطنية: دعم مادي بقيمة 50 ألف جنيه لأوائل الثانوية العامة    بعد نجاحها في الثانوية.. سوزي الأردنية تعلن خطبتها قريبًا    النيران اشتعلت في «الهيش».. الحماية المدنية تسيطر على حريق بأسيوط    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    محمد التاجي: فهمي الخولي اكتشف موهبتي.. ومسرح الطليعة كان بوابتي للاحتراف    الرابعة على الثانوية: تنظيم الوقت سر النجاح.. وحلمي أكون طبيبة    ترامب: الفلبين ستدفع رسوما جمركية بنسبة 19% بموجب اتفاق مع الرئيس ماركوس    ويتكوف يزور الشرق الأوسط في محاولة للتوصل لوقف لإطلاق النار في غزة    هيئة أممية: القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من ألف فلسطيني باحث عن المساعدة في غزة منذ مايو مع تفاقم الجوع    دروجبا: محمد شريف هداف مميز.. والأهلي لا يتوقف على أحد    أتلتيكو مدريد يتعاقد مع مارك بوبيل رسميا    الكشف عن بديل الهلال في السوبر السعودي    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    موندو ديبورتيفو: الخطيب بحث إمكانية مواجهة برشلونة بافتتاح استاد الأهلي خلال زيارة لابورتا    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    "التعليم": إعلان تنسيق المرحلة الأولى خلال 4 أيام من ظهور نتيجة الثانوية العامة    نشرة التوك شو| قانون الإيجار القديم ينتظر قرار الرئيس السيسي.. و"الزراعة" توفر الأسمدة رغم التحديات    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: نريد وقف قتل الأطفال بغزة وإنقاذ من تبقى منهم    محافظ الشرقية يهنئ ياسمين حسام لتفوقها: نموذج مشرف لأبناء المحافظة    التاسع على الجمهورية بالثانوية: الوزير مكلمنيش والمحافظ جبر خاطري (فيديو وصور)    الثانية على الجمهورية "علمي علوم": "التزامي بالمذاكرة اليومية سر تفوقي"    أمريكا تسعى لتمديد الموعد النهائي لفرض الرسوم الجمركية مع الصين    أندية سعودية تنافس بنفيكا على ضم جواو فيليكس    بسيناريو جنوني.. إنجلترا تهزم إيطاليا في الوقت القاتل وتتأهل لنهائي يورو السيدات    ب"فستان تايجر".. أحدث جلسة تصوير جريئة ل نورهان منصور تخطف الأنظار    حدث بالفن| زفاف مخرج ونقل زوج فنانة إلى المستشفى وأحدث أزمات حفلات الساحل الشمالي    بالصور.. صبا مبارك تستمتع بعطلتها الصيفية أمام برج إيفل    12 ألفًا يشاركون في مؤتمر "مستقبل وطن" ببورسعيد لدعم مرشحه للشيوخ (صور)    محافظ بني سويف يهنئ "يوسف سامي" و"وسام بكري" أوائل الجمهورية بالثانوية العامة    برلمانية: ثورة 23 يوليو بداية بناء الدولة الوطنية الحديثة على أسس العدالة والاستقلال والسيادة الشعبية    وزيرة التخطيط تشارك في منتدى التكنولوجيا المالية لعام 2025    آمال ماهر تتصدر الترند ب8 أغنيات من ألبومها "حاجة غير"    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    متي تكون فواكه الصيف منعشة ومتى تتحول إلى خطر؟.. استشاري تغذية يوضح    «مايقدرش يعنفها».. إنجي علاء تدافع عن راغب علامة بعد قرار إيقافه    اعتماد أولى وحدات مطروح الصحية للتأمين الشامل.. وتكامل حكومي - مجتمعي لرفع جودة الخدمات    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى: الإيذاء للغير باب خلفي للحرمان من الجنة ولو كان الظاهر عبادة    محافظ شمال سيناء يفتتح "سوق اليوم الواحد" بالعريش لتوفير السلع بأسعار مخفضة    أهم أخبار الكويت اليوم.. ضبط شبكة فساد في الجمعيات التعاونية    حملة للتبرع بالدم فى مديرية أمن أسيوط    الجريدة الرسمية تنشر قرارين للرئيس السيسي (تفاصيل)    تقديم الخدمات المجانية ل 4010 حالات ضمن حملة "100 يوم صحة" بالمنيا    وزير قطاع الأعمال يبحث مع هيئة الشراء الموحد التعاون بقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    وزيرة التخطيط تلتقي ممثلي شركة ميريديام للاستثمار في البنية التحتية لبحث موقف استثمارات الشركة بقطاع الطاقة المتجددة    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    بعد أيام.. موعد وخطوات ورابط نتيجة الثانوية الأزهرية    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    «الصحة» تبحث التعاون في الذكاء الاصطناعي مع شركة عالمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر التي لا أعرفها‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 05 - 2012

يخيل لي أحيانا أنني في كابوس مخيف‏,‏ اجاهد في الاستيقاظ منه دون جدوي‏,‏ كابوس راقد علي القلب والوجدان والعقل كجلمود صخر حطه السيل من عل‏.. قطعا هذه مصر التي لا أعرفها, فمصر التي أعرفها وطن للتسامح والجدعنة والشهامة والإيمان الواعي الذي يشع نورا ومحبة لا الإيمان الغليظ الحاد مثل سكين جزار في ليلة عيد الأضحي, مصر الدولة والحضارة أول من علمت البشرية معني الضمير, وآمنت بالإله الواحد, وعاش فيها الأنبياء وذكرها الله في كتابه الحكيم.
مصر الثقافة والفنون والألوان الزاهية, مصر مينا وتوت عنخ أمون والفلاح الفصيح والليث بن سعد ومحمد علي والجبرتي والخديو إسماعيل ورفاعة الطهطاوي وزكي مبارك ويعقوب صنوع ومحمد عبده وعباس العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم وسعيد الصدر ومحمد سعيد ومحمود مختار وسيد درويش ومحمد عبد الوهاب وسلامة موسي والأزهر وعلي عبد الرزاق ومعهد السينما والأوبرا ومحمد كريم ونجيب محفوظ وطلعت حرب وسعد زغلول ولويس عوض وبديع خيري وأحمد شوقي وأم كلثوم وبليغ حمدي.. ومئات الكواكب والنجوم اللامعة غيرهم..مصر المنارة التي تشع بأنغام الحياة وتهضم ثقافة العالم وتكسبها روحا مصرية خالصة.
أما مصر الأن..فهي مصر الغليظة المتجهمة التي يكاد يكون القبح شريكا مشتركا في كل جوانبها, الفوضي ضاربة بأطنابها في كل ركن, القمامة ملقاة في كل مكان, أفكار العتمة تنتشر كالجراد بين الناس تأكل الأخضر اليانع في نفوسهم وتترك الأصفر الجدب, مصر التي تنقل ثقافات الصحراء الجافة وتقاليد البداوة وتظنها دينا سمويا, مصر التي تعادي الحياة وتنناثر علي أرصفتها كتب الثعبان الأقرع وعذاب القبر والويلات والفزع, مع أن الدين دعوة للحب والرحمة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين), مصر التي تجرم أجمل ما فيها من فنون وإبداع, وتطارد أثمن ما فيها من افكار ورجال ومفكرين وكتاب.
مصر التي كانت تناقش أحدث ما كان في الدنيا من أفكار وفلسفات وفكر صارت تبحث تخفيض سن زواج البنات, وتتحاورعن إرضاع الكبير, وفوائد بول الأبل, وتكفر روايات نجيب محفوظ وتشطب فقرات من قصص إحسان عبد القدوس!
مصر التي كان زعماؤها محمد كريم ومصطفي كامل وسعد زغلول ومصطفي النحاس ومكرم عبيد وجمال عبد الناصر وأنور السادات صار زعماؤها حازم أبو إسماعيل وخيرت الشاطر وأسحاق الحويني وياسر برهامي!
طبعا لا أنكر أن كل زمن ينجب رجاله وأفكاره وتقاليده وقيمه, لكن من يتصور أنه يمكن أن ترجع مصر إلي الخلف لأكثر من مائتي سنة, تحديدا إلي منتصف القرن الثامن عشر قبل قدوم الحملة الفرنسية بثلاثين أو أربعين سنة, اضطرابات وصراعات وفتن طائفية وفئوية..
هل التاريخ يعيد نفسه؟!
كل فلاسفة التاريخ رفضوا هذه الفكرة, وأثبتوا أن الإنسان لا يسلك نفس التجرية مرتين, وهذا هو الفارق بين الإنسان والحيوان, وكلنا نعرف أنه مع تقدم العلم, راجت مقولة علمية: الإنسان حيوان ناطق, فصفات الإنسان تشريحيا وبيولوجيا لا تختلف كثيرا عن الحيوان, واثبتت تجارب نادرة أن الحيوان يشعر ويتألم ويحب ويكره ويفكر أيضا..اذن ما هو الفارق الجوهري؟!
الفارق أن الإنسان حيوان ذو تاريخ, أي له تجارب يتعلم منها وينقل بها خبراته إلي الأجيال التالية, بينما الحيوان لا يستطيع ذلك, فلا يوجد حيوان له تاريخ, أي تجارب منقولة بين أجياله, فنحن نستطيع أن نصطاد الفأر بنفس الطريقة التي كنا نصطاد بها الفأر قبل قرنين من الزمان أو ثلاثة أو أربعة بصناعة مصيدة, ويمكن أيضا أن نصطاد بها الفأر بعد قرنين أو ثلاثة أو أربعة, لأن الفئران لا تنقل خبراتها إلي بعضها البعض, بينما الإنسان يفعل ذلك بسهولة ويسر..وهذه هي قيمة التاريخ؟!
وكلنا يعرف كيف دخلت أوروبا إلي عصر الظلمات والتخلف, بعد الحضارتين العظميين: الإغريقية والرومانية, بينما خلع المسلمون رداء التخلف وسادوا العالم وأبدعوا في كل فنون الحياة ومعارفها بحرية مدهشة وكتب الفلسفة موجودة والدوواين الشعرية متاحة وتطورعلوم الموسيقي والغناء مكتوب, علم وحيد لم يتقدموا فيه هو علم السياسة حتي لا يغضبون الخلفاء ويتعرضون لغضبهم, وكانت الإمارة وراثة وبيعة بحد السيف إلا قليلا ونادرا, وهي الخلافة التي يحاول البعض أن يحييها.
كلنا يعرف هذا, فإذا بكثرة منا تدير ظهرها للحضارة وتوغل في الطريق العكسي, وهي ترفع نفس الشعارات والعبارات والأفكار التي أدخلت أوروبا إلي العصور المظلمة, ومن لا يصدق فليقرأ كتب التاريخ, وقد يدهشه فعلا هذا التشابه المذهل بين ما كان يقال في القرون من السابع الميلادي إلي الثالث عشر, وما يقال في بلاد المسلمين الآن ومنها بلادنا.
نعم..ليست هذه مصر التي أعرفها!
المزيد من مقالات نبيل عمر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.