أنت تشعر بأنك مازلت رقماً غائباً فى معادلة السلطة رغم قيام الثورة.. لا تقلق على نفسك لأن كلنا كذلك.. وأنت تخشى المستقبل أكثر مع أن «الثورات» ينبغى أن تغلق نوافذ الظلم والقهر والتخلف، وتفتح أبواباً واسعة للأمل والبناء والكرامة.. هذا الخوف من المستقبل يسكن الجميع.. والسبب أن أحداً ممن يتشاجرون على القمة لا يدرك أن الدماء تسيل فى القاع، وأن البطون خاوية، والبيوت يملؤها الرعب.. لذا فإن الحل أن يجلس على القمة من نختاره بعقل واع، بعيداً عن الإملاءات والتحالفات والصفقات السياسية، وبعيداً أيضاً عن العواطف والانسياق وراء الشعارات الرنانة..! نحن فى لحظة فارقة.. لحظة سوف ترسم ملامح وتفاصيل حياتنا، ومستقبل أبنائنا.. نحن سوف نختار خلال أسابيع قليلة رئيساً لأخطر مرحلة وأصعب المهام.. فلا تهادن، ولا تجامل، ولا يخدعك أحد.. قل لأى رئيس توافقى «لا».. ارفع صوتك ضد من يضحك على عقلك.. ضع ثقتك فى من تؤمن بأنه الأصلح.. اعرف أنك تسأل نفسك الآن: كيف أعرف أنه الأصلح؟!.. سؤال شرعى لا أملك إجابة محدودة عليه.. ولكن دعنا نساعد بعضنا البعض فى «وصف الرئيس» الذى نريده.. سوف أنقل لكم ما سمعته من بعض المواطنين.. وربما تسهم أنت فى استكمال الصورة، إذا منحت هذه الزاوية شرف التواصل معها.. فأنت صاحب حق أصيل فى تحديد مواصفات وسمات الرئيس، حتى لا ندفع ثمناً جديداً للصمت الذى اعتدناه..! قال لى الشاب «سامر» إنه يحلم برئيس لا يلمس قسماته، ولكنه يعرف ملامحه «أريده صاحب رؤية وإرادة.. رؤية لم تتوفر لحاكم مصرى فى العصر الحديث.. رؤية تشبه رؤية محمد على، ومهاتير محمد.. قائد يؤمن بشعبه وقدراته الخارقة.. يقود مصالحه عامة بين فئات الشعب وطوائفه، يضع مشروعاً واقعياً ووطنياً لنهضة شاملة، تبدأ بالإنسان المصرى.. رئيس لا ينام إلا إذا رد المظالم لأهلها، ولا يضع فى فمه لقمة وفى مصر مواطن جائع.. رئيس يجمع حوله أهل العلم والخبرة وليس أهل الثقة والنفاق.. نراه يأخذ من الدكتور أحمد زويل قداسة العلم، فيبنى به وعلماء معه نهضة علمية شاملة.. ونرافقه وهو يجوب المصانع ويشد على سواعد الشباب فى الإنتاج.. ونصفق له حين يضرب على يد الفاسد الكبير قبل الصغير.. باختصار نريده «ضميراً يتحرك.. وعقلاً متقداً بالخيال والأفكار»..! «سامر» لا يحلم بنبىّ أو ملك من السماء.. فهو رأى وتابع هذا النموذج فى تجارب دول أخرى «أبى كان مفتوناً بعبدالناصر لأنه كان يصل إلى قلبه من أقصر طريق.. ولكننى أريد أن يصل الرئيس القادم إلى عقلى.. أريده أن يفتح لى طريقاً للإبداع والعمل والبناء.. لن أسير خلفه لأنه خطيب مفوّه، وإنما سأضحى بروحى فداء مشروع وطنى يجعلنا نحيا باحترام وكرامة وسط الأمم»..! المهندس «أسامة» يجلس فى بيته الآن بعد أن فقد وظيفته.. لديه طفلة وحيدة وزوجة تربّت على كتفه وتنفق على البيت من عملها المتواضع، ولكننى لم أجده حزيناً أو غاضباً.. الرجل لم ينكسر لأنه يحلم وينتظر «الرئيس».. قال لى بثبات وثقة «مفيش مشكلة.. سنة بطالة عادى.. ولكننى أفكر مثلك فى مواصفات هذا الرئيس.. تخيل أن الله ابتلانا بمثل السابقين.. أو أننا ابتلينا أنفسنا برئيس ضيق الأفق يرى نفسه موظفاً.. لا أعرف ماذا سأفعل.. لقد صبرنا كثيراً انتظاراً لهذه اللحظة.. تسألنى «من أريد؟!».. أريد رجلاً مصرياً يأخذنى من يدى للعمل فى الصحراء، فى بطن الجبل، أو فى أعماق البحر.. لن أرفض.. ولكن سألقى بنفسى من فوق الجبل أو فى غياهب البحر إذا لم ينتصر لسيادة القانون والعدالة.. سأفقد القدرة على الحياة إذا لم يوفر لنا وبنا حياة كريمة.. يا أستاذ، مصيبة مصر أن كل من حكمها لم يحبها أكثر من نفسه.. والكارثة أن أحداً من حكامنا لم يرها كبيرة.. رغم أنهم جميعاً أقزام..! [email protected]