قانون الإجراءات الجنائية الحالى يجعل طول فترة التقاضى نوعا من التعذيب لأهالى الشهداء والضحايا، وتبديدا لدمائهم، مما يصعب معه تحقيق العدالة الناجزة فوجود ثلاث درجات فى المحاكمة،حتى صدور الحكم النهائى ثم انتظار توقيع الرئاسة وانتظارات أخرى مثل الالتماس وغيرها، جميعها إجراءات تجعل تنفيذ الحكم يطول ليصل إلى 6 سنوات يموت فيها أهل الضحية أوالشهيد مائة مرة يوميا فى قضية محسومة الأركان من أول جلسة من حيث الأدلة والشهود والاعترافات. المستشار محمد الشافعى رئيس محكمة الاسئناف السابق يؤكد أن قانون الإجراءات الجنائية بحتاج تعديلا عاجلا، لأن طول درجات التقاضى يعنى إهدارا لجهود كبار وشيوخ القضاة فى مصر، وهم لا يحتاجون مراجعة وتقديراتهم صائبة خاصة عندما يكون هناك إجماع فى منصة القضاء، وهنا يجب ألا تزيد فترة التقاضى على درجتين، فإذا كانت هناك ملاحظة يمكن لمحكمة النقض التصدى لها للمرة الأخيرة وإصدار الحكم النهائى، فالمنصة يكون بها سبعة من شيوخ القضاة، ولا تكون لديهم مشكلة مع الإجماع فى حسم القضية للخبرة العالية ووجود عناصر القضية شبه جاهزة، خاصة وأن القضايا فى مثل هذه المرحلة يكون بها أدلة إدانة قوية، لأنه يجب عدم إهدار جهود القضاة الذين نظروا القضية طوال السنين التى انقضت فى نظر القضية، إذ ليس من المنطقى أن نلغى كل هذا الجهد ثم نبدأ من جديد بدائرة جديدة، مع ما فيها من إعادة فض الأحراز وسماع الشهود وغالبا ما يلجأ محامى المتهمين لطلب سماع عدد كبير جدا من الشهود وحشدهم لإدراك المحامين آن القضية محسومة ضد موكلهم، مما يضيع وقتا طويلا جدا وبلا داع على مرحلة المحاكمة ويؤدى لإرهاق القضاة عمدا . ويوضح رئيس محكمة الاستئناف السابق أن قبول النقض واحالة القضية للاستئناف يهدر جهد القضاة فى جلسات طويلة، فى الوقت الذى يجب فيه أن يحسم القضاة الموقف وأن يسمحوا بسماع شهود مرتبطين بالقضية فقط، ولهم دور فيها سواء بالإثبات أو النفى، ثم نجد بعد ذلك حكم النقض ليهدر كل هذا المجهود ليعود من جديد فى دائرة تستغرق ثلاث سنوات أخرى، ليموت أهالى الضحايا كمدا وهم على قيد الحياة، ومن هنا وجب أن تتحول محكمة النقض إلى« محكمة موضوع« وتنظر القضية بنفسها وتفصل فيها، خاصة وأن بها شيوخ القضاة القادرين بالعلم والخبرة على حسم القضايا .كما يجب أن تحدد فى المحاكمة مدة محددة للنظر وحسم الحكم حدا أقصى مثلا عامين أو ثلاثة أعوام، فالمحكمة يجب أن تنظر إلى أن سرعة الانجاز وتطبيق القصاص من القاتل له هدفان هما: الردع وأخذ حق الضحية، فتأخير الأحكام يشجع على عدم احترام النظام والقانون وعدم الثقة فى العدالة خاصة فى قضايا تمس الأمن القومى، والعدالة الناجزة هى الحق المنشود للوطن والمواطن لتحقيق الأمن والأمان لقوله تعالى : ( ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب) خاصة مع عملاء قتلة خانوا الدين والوطن مثل الجماعة الإرهابية، وأن ينص مشروع القانون الجديد على إشراك القضاء العسكرى لأن من حق المشرع فى مجلس النواب أن يضيف اختصاصات جديدة للمحاكم العسكرية باعتبار أن لديهم فرصة آكبر لإنجاز القضايا خاصة وأن بها قضاة محترمين على مستوى عال من الخبرة والحسم، وأن ينص مشروع القانون على إمكانية نظر هذا القضاء بأثر رجعى فى القضايا التى نظرت فى دوائر جنائية، وهذا يخفف عن القضاء المدنى الأعباء الجسام، خاصة فى قضايا الإرهاب التى حدثت قبل القانون الخاص بالإرهاب، وهذا أدعى إلى أن يقدم المستشار أحمد الزند وزير العدل مشروع قانون لمجلس الوزراء للموافقة وتعرضه الحكومة على مجلس النواب بعد أن يدرسه مجلس الدولة ، لتخفيض إجراءات التقاضى وفترته . أما المستشار رفعت السيد رئيس محكمة الاستئناف السابق فيرى أن القانون ليس جامدا ولكنه يعطى متسعا أمام رؤية قضاة النقض، فالقانون ينص على تنظيم إجراءات الطعن أمام محكمة النقض وأنه فى حالة ما إذا انتهت محكمة النقض إلى نقض الحكم الصادر من محكمة الجنايات، وكانت الدعوى صالحة للفصل فيها، (فيجوز) لمحكمة النقض أن تتصدى لنظر الدعوى موضوعا و الفصل فيها، وهنا وجب تعديل كلمة ( يجوز ) إلى كلمة (يجب) وهو الأمر الذى يجرى عليه العمل فعلا أمام المحكمة الإدارية العليا وأمام محكمة النقض ذاتها فى الأحكام الصادرة فى (الجرائم الاقتصادية)، فلو أن المشرع أجرى هذا التعديل أو أن شيوخ القضاة فى محكمة النقض استخدموا حقهم فى نظر الدعوى المنقوضة موضوعا دون إعادة، كان ذلك من شأنه أن يحقق عدالة ناجزة ، كان مسارها أن تعاد من البداية وتستغرق عددا من السنوات فيما لوتم إحالتها إلى محكمة الاستئناف لنظرها من جديد ثم ترجع للنقض لينظرها من جديد وقد تنقضها ثم تنظرها بعد ذلك ، إذ أن ذلك يسرى فى المحكمة الإدارية العليا والمحكمة الاقتصادية، وليس على القضايا المدنية والجنائية، لأن كل هذه المراحل وما بها من إجراءات جميعا تبدد 95% من مجهود القضاء . وأشار رئيس محكمة الاستئناف السابق إلى أن هناك من قد يرد على هذا »الاقتراح بالتعديل« خاصة من أعضاء محكمة النقض بأن عدد مستشارى محكمة النقض محدود، ولا يستطيعون التصدى لكافة القضايا التى تنقض أحكامها، مما يؤدى أيضا إلى تأخير الفصل فى القضايا أمام محكمة النقض، مما يحسب عليهم هذا االتأخير، ولكن الرد موجود على هذا الاعتراض وهو سهل وميسور، لأن هناك فى قضاء مجلس الدولة وكافة المستشارين به يتناوبون العمل فى محكمة القضاء الإدارى والإدارية العليا دونما تفرقة، ويمكن أن ينطبق ما يجرى العمل به فى مجلس الدولة على محكمة النقض أيضا، ولدينا أكثر من 4 آلاف مستشار فى حالة تبادل العمل فى محاكم الاستئناف ومحكمة النقض، ويمكن من خلال هذا النظام أن نوفر لمحكمة النقض ما تحتاجه من السادة المستشارين للفصل فى الطعون فى النقض من المرة الأولى ودون إطالة، وبذلك نحقق أمل الجماهير فى العدالة الناجزة، ودون إخلال بحقوق المتقاضين أو الخروج على القواعد الإجرائية.