من منطلق أن الثقافة والمعرفة حق للجميع بنصوص الدستور، فلماذا لم تتبن وزارة الثقافة مشروعًا ضخمًا لإنتاج الكتب الصوتية التى لا غنى عنها فى حياة كل كفيف يريد أن يثقف نفسه بنفسه دون مساعدة من أحد؟، لماذا لا تنشئ وزارة الثقافة جناحًا خاصًا للكتب الصوتية فى معرض القاهرة الدولى للكتاب كل عام حتى يقتنى منه المكفوفون كل متطلباتهم المعرفية؟ هذه الأسئلة وأكثر منها تدور فى أذهان ذوى الإعاقة البصرية، ويبحثون عن إجابات لها منذ زمن بعيد، فهل نجد إجابة تروى ظمأهم الثقافى فى هذا الوقت؟. منذ عدة أيام أقام مجموعة من الشباب «المبصرين - المتطوعين» ندوة فى معرض الكتاب حول أهمية الكتب الصوتية فى حياة المكفوفين، وانطلاقا من تفاعلات عدة حول هذا الحدث قمنا باستطلاع أراء أصحاب المشكلة من ذوى الإعاقة البصرية عن كيفية إيجاد حلول لتوافر الكتب الصوتية لهم. دور وزارة الثقافة يقترح إبراهيم حلمى عمارة – كفيف ومدرس مساعد قسم الإعلام كلية الآداب جامعة طنطا – بأن ينسق مشروع الكتب الصوتية مع الجهات الأخرى التى تعمل فى مجال إنتاج الكتب الصوتية سواء مكتبة المنارة أو مشروع «أقرأ لي» حتى لا يتم تكرار تسجيل بعض العناوين، والأهم من ذلك أن تحاول تلك المشاريع الصوتية أن تصل إلى جمهورها من ذوى الإعاقة بأن تعقد لقاءات تعريفية فى المدارس والجمعيات الخاصة بالمكفوفين، كما يجب أن يكون للمشروع منسقون فى جميع محافظات الجمهورية، ويكونون بمثابة همزة وصل بين المشروع والمستفيدين، من جانب يقوم بتوصيل المادة المسجلة للمستفيدين، ومن جانب آخر ينقل ردود فعل المستفيدين من المشروع، وهذا يؤكد أهمية وجود خدمة التسجيل تحت الطلب بأن يرسل الكفيف للمشروع رسالة يطلب فيها تسجيل كتاب معين يخدمه فى دراسته وبحثه، وعلينا أن نفكر فى المكفوفين الذين لا يستخدمون الإنترنت أو ليس لديهم حواسب أو هواتف ذكية بأن نتيح لهم سماع تلك المواد من خلال مشغلات الملفات الصوتية، وأطالب وزارة التعليم العالى بأن تتبنى مبادرة لخدمة المكفوفين، بأن تلزم كل خريج جامعى بتسجيل كتاب صوتى قبيل حصوله على شهادة التخرج، وبذلك يكون استفاد وصقل ثقافته إلى جانب أنه زاد المخزون الاستراتيجى العربى من الكتب والمراجع وساعد من تمنعهم إعاقتهم عن الوصول لتلك المصادر، وعلى وزارة الثقافة أن تقوم بدورها فى توفير الكتب الصوتية من خلال تبنى مشروع متكامل لها، كما يجب ايضا على دور النشر الكبرى أن تتبارى فى تنفيذ مثل هذه المشروعات وأن تصدر إعفاءات عن حقوق الملكية الفكرية لإصداراتها وسيقف المبدعون المحترمون فى مصر خلف تلك المبادرة وسيرفعون عن كتاباتهم حظر النشر المفروض على مطبوعات يحتاجها المعاقون بصريا بطريقة تناسبهم لنضمن لهم وجبة ثقافية مشبعة فى مجتمع بات ينظر للثقافة على أنها شيء ترفيهي. الرغبة فى القراءة أما وفاء سليمان أحمد - كفيفة ومعلم أول لغة إنجليزية بمدرسة النور للمكفوفين بالإسماعيلية – فتقول إن مشروع الكتاب الصوتى الذى تم دعوتنا لحضور فاعلياته فى معرض الكتاب الدولى هو عبارة عن طرح للفكرة وكلمات لبعض الكتاب الذين ساهموا بأعمالهم للكتب الصوتية، وفكرة المشروع جيدة نظرا لأهميتها للآلاف من المكفوفين على مستوى الجمهورية، ولكن يجب أن يتم تفعليها وتبنيها من جهة ذات اختصاص مثل وزارة الثقافة، وقد طلبنا من المتطوعين فى هذا المشروع قائمة الاتصال حتى يتم التعاون معهم فيما بعد، ولكن هناك بعض المقترحات التى من شأنها تطوير الفكرة وتحقيق أقصى استفادة منها، أولا: يجب الإعداد لورشة عمل مكونة من عدد لا يزيد على 20 شخصا من المكفوفين من ذوى الخبرة على أن يراعى التنوع فى السن والتخصصات، وكذلك المشاركة من جميع أنحاء الجمهورية، ثانيا: أن تكون الورشة فى مكان يتناسب مع طبيعتها وما سوف يتم من خلالها من طرح لأفكار للخروج بإستراتيجية ترفع من شأن المشروع وتنجح فى تنفيذ أهدافها، ثالثا: التفكير فى مدى كيفية نشر الفكرة على مستوى الجمهورية بحيث يستفيد منها أكبر عدد من المكفوفين، رابعا: تكوين فريق فى كل محافظة إذا كان ذلك ممكنا حتى يمكن التواصل مع المكفوفين بسهولة ويسر، خامسا: الاتفاق على عمل نظام للتواصل يمكن من سرعة وسهولة الإنجاز، سادسا: إنشاء صندوق لتقبل أى مقترح جديد يرفع من شأن الفكرة. وتضيف وفاء: عندما يتم تفعيل هذه المقترحات يصبح مشروع الكتب الصوتية حلا جيدا للتغلب على التحدى الذى يواجه المعاقين بصريا فى اكتساب المعارف والخبرات، حيث يحتاج إنتاج كتب بريل إلى تكاليف كبيرة ووقت وجهد هذا فضلا عن احتياجها إلى مساحة كبيرة للتخزين، ولكن المطلوب هو أن يتم مراعاة احتياجات ورغبات القراء المكفوفين بأن نسألهم أولا ماذا يحتاجون وماذا يفضلون وبالتالى تأتى التسجيلات ملبية لرغباتهم.