إنشاء مرصد لصورة مصر عبر العالم تحت رعاية مركز الترجمة واللغات بجامعة القاهرة, وحث الجهات الإعلامية والتعليمية علي إبراز صورة مصر الحقيقية, دون تضخيم أو مبالغة. ومناشدة القوي السياسية للعمل من أجل مصلحة مصر في هذه المرحلة التاريخية المهمة, كانت أهم توصيات المؤتمر الدولي الأول الذي عقد بجامعة القاهرة الأسبوع الماضي تحت عنوان صورة مصر في الأدب العالمي. وعلي مدي يومي المؤتمر الذي نظمه مركز اللغات الأجنبية والترجمة والجمعية المصرية للأدب المقارن, وكانت الجمعية التونسية للأدب المقارن ضيف شرفه, سلطت الأوراق البحثية المقدمة من باحثين مصريين و عرب وأجانب الضوء علي صورة مصر في المؤلفات والكتابات الأدبية العالمية التي ترصد صورة مصر والمصريين في الكتابات العالمية, أو في الصحافة الدولية,وآراء المحللين والمعلقين من الشرق والغرب لتوضيح ابرز نقاط الاتفاق والاختلاف. في بداية المؤتمر الذي شهد تكريم كل من د. محمد عناني أستاذ الأدب الإنجليزي ود. زين العابدين أبو خضرة أستاذ الأدب العبري لإسهاماتهما الجليلة في مجال الترجمة والتواصل الثقافي, أوضح أمين المؤتمر د. محمد الخشت أن مصر كانت محط الأنظار في الوعي الغربي الحديث في اتجاهين: الأول الإعجاب المطلق مما تجلي آثاره في العمارة والفنون والموسيقي والزي بحثا عن نموذج جديد غير النموذج الديني الكنسي في العصر الوسيط. والثاني الاستيلاء عليها في وقت كانت أوروبا تسعي للتوسع خارج حدودها. كما عرض للصراع الحالي في دوائر السياسة والإعلام الغربية لفهم ما يجري في الشرق الأوسط, خاصة مصر وصياغته لمصلحة أطراف بعينها. وقد تناولت أوراق المؤتمر عددا من القضايا المهمة, كان أبرزها موقف إسرائيل من ثورة25 يناير, و صورة مصر في الكتابات الإسرائيلية وفي عيون كتاب أمريكا اللاتينية وفي الأدب الصيني الحديث, وعند المؤرخين, فضلا عن قراءات في كتابات عدد من المفكرين العالميين حول ثورات الربيع العربي, ففي بحث د.أحمد كامل راوي بجامعة حلوان عن موقف إسرائيل من ثورة25 يناير رصد الباحث موقف إسرائيل من ثورة25 يناير وأثر الثورة المصرية علي تطور العلاقات بين مصر وإسرائيل, من خلال الصحافة الإسرائيلية, بينما تعرض الباحث المغربي إدريس عبيزة( جامعة محمد الخامس) في ورقته التي أرسلها للمؤتمر لصورة مصر في الكتابات اليهودية وكتابات اليهود عن مصر والمصريين, ولواحد من أكبر الشخصيات اليهودية, وهو المفكر والفيلسوف والمترجم والنحوي والطبيب سعديا كؤون الفيومي الذي ظهر في حوالي القرن العاشر, موضحا أن الأدب الإسرائيلي منذ أربعينيات القرن العشرين تناول حياة المصريين الاجتماعية والدينية والثقافية والحياة بحارة اليهود, والحياة الدينية والاجتماعية والاقتصادية ليهود مصر, بالقاهرةوالإسكندرية, والحروب بين الإسرائيليين والعرب, بصفة عامة, وبينهم وبين المصريين بصفة خاصة, وأوضح الباحث أن الكاتب اليهودي غالبا ما يوظف صورة المصري أو العربي في هذه الكتابات, لكنها صورة في غالب الأحوال جاءت مغايرة للحقيقة. وعن صورة مصر في الأدب الصيني قدم حسانين فهمي(جامعة عين شمس) ورقته البحثية التي أوضح خلالها عبر دراسة نماذج من الأدب المعاصر للشاعر الصيني الكبير قوو مو روو والشاعر شيو جه موا والكاتب وانج مينج والكاتب الصيني المعروف يانج شوا والكاتبة الصينية المعروفة بينج شين صورة مصر ومدي عمق العلاقة بين أقدم حضارتين و تقدير الصين لقيمة ومكانة مصر وحضارتها العريقة. وفي ورقته البحثية تناول د. ماهر شفيق(جامعة القاهرة) صورة الإسكندرية في كتابات إدوارد مورجان فورستر ولورنس دريل, علي حين تناول عمر مقداد الجمني( جامعة تونس) صورة مصر في كتابات الكاتب الفرنسي المعاصر ميشال تورنيه. بينما أشارت جيهان أمين( جامعة القاهرة) في دراستها عن مصر في عيون كتاب أمريكا اللاتينية إلي أن الحديث عن مصر يأتي في إطار صورتين, فإذا كانت مصر موضوعا مستقلا بذاته يتم التركيز علي مصر الفرعونية وآلهتها وأساطيرها التي تبهر العالم, وعندما يكون الحديث عن الحضارة الإسلامية فإن ملامح مصر تختفي في تلك الكتابات, لتعطي الصدارة لمفهوم أوسع لما هو الشرق, والذي قد يكون مركزه المغرب العربي أو حتي الأندلس أو بلاد فارس.. وفي سياق التلاقي بين الثقافات عقدت رشا عرابي( جامعة حلوان) مقارنة بين الأفكار والمفارقات اللغوية المتشابهة عند كل من الحلاج والكاتب الألماني مايستر إيكهارت أوضحت فيها نقاط التلاقي بين الثقافة العربية والألمانية, كما تناولت منار عمر( جامعة حلوان) المشترك الذي حول كلا من الألماني بينو أونيزورج والتونسي محمد البوعزيزي والليبية إيمان العبيدي والمصري خالد سعيد لرموز للثورات.