لم يمنعه استهداف موقع عمله بنقطة أمنية علي الطريق الدائري بالقرب من المريوطية بعبوة ناسفة كبيرة الحجم منذ أيام عن مواصلة عمله وأداء واجبه في مراقبة الطريق خاصة عند وقوع حوادث أو تكدسات مرورية حتي وإن كلفه ذلك حياته هو وزملاءه. الشهيد محمد صفا عبدالجواد 35 سنة استشهد هو وزميله سيد عبد الحفيظ الشريف إثر قيام مسلحين بإطلاق الرصاص عليهما بعد أن داهما نقطة ارتكازهما التابعة لهيئة الطرق والكباري بالقرب من المريوطية ليلقي الشهيدان مصرعهما. بعد حصوله علي ليسانس الحقوق سافر إلي بلد عربي للعمل به إلا أنه بعد فترة قرر العودة إلي أرض الوطن ليكون بالقرب من أسرته التي لم تتحمل غربته خاصة أنه الابن الأكبر، ليحقق حلم والده ويتزوج ويبقي أمام أعين أبيه وأمه ورزقه الله بطفلين »يامن« و »ليمار«، وعرض عليه شقيقه الوحيد محمود العمل معه في حسابات أحد مصانع السيراميك بالقرب من قريته فوافق محمد للعمل به لفترة ثم سرعان ما التحق بشركة تأمين الطرق والمنافذ لينتقل هو وزوجته وطفلاه إلي القاهرة ليكون بالقرب من عمله الجديد. محمد بكته قلوب الآلاف من أهالي قرية »بني غنيم« التابعة لمركز الواسطي ببني سويف فور سماعهم خبر استشهاده، واتشحت القرية بالسواد حزنا وألما علي فراقه محتشدين في مشهد مهيب تسابقت فيه خطواتهم خلف جنازته ليزفوا نعشه إلي مقابر العائلة، واجمع أهل القرية علي أن الشهيد من خيرة شبابها وأنه حسن الخلق والسيرة. وقع خبر استشهاد »محمد« علي أمه كالصاعقة، وكاد حزنها علي فراقه يشق القلوب وهي تنادي علي فلذة كبدها وقرة عينها الذي فقدته إلي الأبد دون ذنب اقترفه سوي أنه كان يؤدي عمله، أما الأب المكلوم والذي اعتصرته مرارة فراق نجله الأكبر فقد بدا وكأن الله تعالي قد أنزل عليه السكينة والصبر وراح يودع نجله بعبارات »حسبي الله ونعم الوكيل« تنفطر لها القلوب وتبكي الكبير قبل الصغير، وراح يحتسب نجله الغالي شهيدا عند الله ليشفع لأسرته يوم القيامة. وفي مشهد أقسي من أن يوصف راحت زوجته تحتضن طفليهما »يامن« و »ليمار« بعد أن حملا رغما عنهما لقب يتيمين واختطفت يد الغدر والإرهاب أباهما من أحضانهما ليعيشا بمفردهما في الحياة، وطالبت بسرعة القصاص من القتلة، واشتكت من الإهمال الذي يتعرض له موقع عمل زوجها الشهيد خاصة بعد أن تم استهدافه بعبوة ناسفة ولم يحظ المكان بأي اهتمام أو تأمين من قبل الهيئة أو الأمن. ويروي صديقه حسين محمد أن الشهيد محمد صفا كان يحب الخير للناس، ولا يتواني في عمل الخير، وما عهدت منه سوي طيبة القلب ونقاء الروح،فيما وصفه جاره بدوي عبد الفتاح بالشهامة والكرم.