غواية النيل.. .. تخربش قدميك أوراقُ الأشجار اليابسة، المتناثرة فوق السلم الحجري، الممتد من أعلى السور إلى شاطئ النهر. ترنو إلى تموجات النيل، المنسابة بهدوء. تتأمل صفحته. تفك رباط قاربك، الرابض - منذ سنين - تصعد إليه. تفرد ذراعيك. تجدف بهما؛ لتكمل رحلتك المؤجلة... صخرة... .. تجلس على صخرة يحوِّطها البحر من كل جانب، تستنشق الهواء، واليود المتطاير من الأمواج العاتية.. تنتشى وتسافر فى آفاق لا نهائية تستعيد معها نفسك، بعد سأم طويل... عيناها.. تأسرك نظرتها، تلاحقك، لا تستطيع أن تهرب من عينيها، وطلَّتها الثاقبة إلى قلبك. تحملها برفق، وتعلقها لوحة الجيوكندا خلف مكتبك.. أوراق ذابلة... تصحو من غفوتك الطويلة... ترنو إلى أيامك... أخاديد الزمان، تنخر ملامحك... فتاتك؛ تلوح لك من وراء خصاص النافذة، البعيدة... تخطو آمالك.. تصعد الهضاب والآكام... تبحث عن وادى القلب الأخضر... تلفحك الأعاصير، ودوامات الهواء، السخينة... تسقط أوراقك؛ ورقة؛ ورقة... تمشى متكئًا، حزنك... وها أنت تحفر فى تاريخك خمسين عامًا، وبضع أوراق ذابلة!! تغريد.. ترنو من وراء خصاص نافذتك... تطالعك يمامة، تدندن لحن الصباح... تفتح الضلفة.. تحلق، وينداح لحنها فى المدي.. ملامح.. تقف أمام نافذتك الزجاجية، ترقب ندى الصبح، وهو يرسم خطوط وجه تعشق قسماته. تتساءل- بحزن متى يعود من سفره الطويل؟