كتاب جديد للدكتور صبري السيد الأستاذ بكلية العلوم، يناقش فيه فكرة الذكاء بطريقة مختلفة تعتبر ثورة في طريقة تناول الظواهر والمصطلحات العلمية، فتعيد على أسس تفكير وتناول علميين، النظر في العديد من الأفكار التى يتعامل معها العامة والمتخصصون على السواء، على أنها بديهيات، لكن الكتاب يدك قواعد المناهج التقليدية فيقول: لقد ظن معظم الناس ثم اعتقدوا أن الذكاء العقلي الموجود بالمخ هو المحك الرئيسي للفروق الفردية وهو المؤدي للإبداع وبهذا الاعتقاد السائد والمنتشر إلي الآن, فهو الذي أغفلنا عن الحقيقة الكامنة في قلوبنا التي سوف تتضح لنا بعد إزالة الغشاوة أو التراب بالصدق مع أنفسنا لمعرفة العلاقة بين القلب والمخ بالحقائق العلمية المجردة وعلم النفس وعلم السلوك الاجتماعي وربط هذه العلوم بعد دراستها بدقة وربطها بعلم الكتاب (علم الخالق لا المخلوق) وهنا نسأل من المهيمن على الآخر المخ أم القلب؟ ومن صاحب القرار؟ ومن منفذ القرار؟. لقد عرض المؤلف في كتابه المناقشة والتحليل لنظريات الذكاء التي جاءت متناقضة ومختلفة والتي لم تعط أي معنى ولا تعريف لكلمة الذكاء وكان هذا باعترافهم بأنفسهم بأن الذكاء شىء معنوي غير ملموس وغير محسوس وغير مقاس وحتى أحدث النظريات (الذكاءات المتعددة) التي كانت في باطنها دليلا قويا على قولنا بأنه لا يوجد ذكاء بالمخ وكما توافقه الظواهر والأبحاث العلمية الأحدث لمفهومنا الجديد باكتشاف الميول الخاص (الهبة الخاصة) بالقلب وليس المخ والتي نوجزها كالتالي: أولاً: الحقائق العلمية: انفراد القلب عن المخ بالتغذية والتواصل بجميع أجزاء الجسم. انفراد القلب واستمرار الحياة بالرغم من توقف المخ والجهاز العصبي (الموت الإكلينيكي). انفراد القلب بأنه أول الأعضاء نشأة في الجنين وأول الأعضاء تحقيقاً للسمع. ثانياً: الظواهر العلمية بعد زراعة القلب الصناعي والحي( Schwartze & Linda Russke ) القلب الصناعي: أشارت هذه الظواهر على انعدام المشاعر والعواطف والدوافع النفسية القلب الحي: أكدت هذه الظاهرة بعد الاستنتاج والربط بالأمثلة العديدة بتغيير السلوك بعد زراعة القلب والتي نوجزها كالتالي: انتقال كل الهبات أو الميول الخاص مع القلب المزروع للشخص المستقبل أصبحت السلوكيات الجديدة متوافقة مع القلب ومطابقة للميول الخاص للقلب الجديد أصبحت عمليات الإدراك والفهم والتذكر للشخص المستقبل موافقة للميول الخاص بالقلب المزروع والتي أكدت أنها عائدة إلي القلب بالرسم الكهربائي للمخ والقلب. ثالثاً: الأبحاث العلمية الدقيقة: ( Armour 1991, Mc Craty etal. 2004) القلب يحتوي تقريباً على 40.000 خلية عصبية كثيرة التشابكات المعقدة عن مثيلتها بالمخ والجهاز العصبي والتي تمثل البطارية الذاتية لانبعاث الشارة الكهربية والبادئة لحركة القلب والجسم كله. القلب يحتوى على جهاز توصيل خاص ( SAN- AVN - PF ) القلب يعد أهم غدة هرمونية كيميائية والتي تقوم بالتحكم المباشر وغير المباشر في كل الغدد والخلايا الإفرازية بما فيهم المخ والغدة النخامية وبهذه الهرمونات والموصلات الكيميائية يحافظ على توازن العمليات الحيوية. وبهذا العرض العلمي الموجز الذي أكد لنا أن القلب هو المهيمن على المخ وهو صاحب القرار والمخ ما هو إلا تابع ومنفذ للأوامر الصادرة له من القلب لحفظ التوازن . وهنا نسأل: أين الذكاء ؟ بل وأين المخ من ذلك ؟ وبذلك نستطيع أن نكشف عن الحقيقة التي غابت كثيراً عنا وهي القلب بميوله الخاص أو هباته الخاصة المسئولة عن الفروق الفردية والتي تكون المحك الرئيسي للتميز والإبداع والاكتشافات, بل إن القلب هو المحرك والمحفز للمخ للقيام بعملياته التنفيذية بمساعدة أدواته العين والأذن واللسان وغيرها, فهو المستقبل والمرسل للمعلومات والبيانات ليكتسب الفرد (المحصلة) التي تعطيه القدرات العامة المكتسبة والتي تساعد الفرد على تنمية وظهور هباته أو البصمة الداخلية الخاصة لكل فرد (القدرة الخاصة) ولكي نؤكد لأنفسنا أن هذا المفهوم الجديد لعلاقة القلب والمخ يجب ربط هذه الدراسات البشرية بعلم الكتاب (العلم الحقيقي) علم الخالق لا المخلوق وهذه المفاهيم توافقت تمام الاتفاق مع النص الصريح الدال على الحقيقة. قال تعالى: «أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا...» (الحج:46) (القلب يعقل ويبصر) «وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ» (الأعراف:100) (يسمع) «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ...» (ق: 37) (يتذكر) «أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا» (محمد:24) (يتدبر) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «استفتِ قلبك وإن أفتاك الناس- ألا وإن في الجسد مضغة ...» أحاديث شريفة دلت على أن القلب هو الدليل الصادق للصواب والصلاح إذا صلح وتعقل . لعل بعد هذا الربط الحقيقي للخالق أن تتأكد أن القلب هو العقل بعملياته العقلية وبهباته الخاصة الفطرية هو المسئول عن الإبداع والاكتشافات، والمخ ما هو إلا الخادم المطيع والمنفذ لأوامر وإرادة القلب. وبهذا المفهوم الجديد الذي يكون مساراً إبداعياً للتعليم والتعلم وتأسياً لعلم النفس والاجتماع يعتبر القلب بهباته الخاصة هو المسئول عن الفروق الفردية وليس المخ. الكتاب : أكذوبة الذكاء والحقيقة الغائبة المؤلف : الدكتور صبري السيد الناشر : دار المعارف 2015