حملات مكثفة لضبط سرقات التيار الكهربائي بعزبة البرج في دمياط    ما الفرق بين التبرع بصك الأضحية للأوقاف عن غيرها؟ المتحدث الرسمي يجيب    حملة موسعة لإزالة التعديات على أراضي الدولة والزراعة بقنا ضمن الموجة 26    بعد وصول أول قطار.. مواصفات قطارات مترو الخط الأول الجديدة    ويتكوف يرفض اتهامه بمحاباة قطر ويلتمس العذر لنتنياهو    الخارجية الليبية: ننفي شائعات إخلاء السفارات والبعثات    وزير الخارجية الإيراني: لن نتنازل عن حق شعبنا بتخصيب اليورانيوم    لابيد: نحن على بُعد قرار وزاري واحد للتوصل لاتفاق تبادل    بث مباشر مباراة الاتحاد والرائد في الدوري السعودي للمحترفين 2025    نشوب حريق داخل شقة سكنية بالزاوية الحمراء    لحسم زواج عبدالحليم حافظ، أسرة العندليب تعلن عن نشر وثيقة رسمية غدا    راغب علامة يطرح أغنيته الجديدة "ترقيص"    "مطروح للنقاش" يسلط الضوء على ذكرى النكبة    رئيس جامعة عين شمس يفتتحا الجلسة العلمية الثانية " الذكاءالاصطناعي والتحول الرقمي    محافظ الجيزة: عمال مصر الركيزة الأساسية لكل تقدم اقتصادي وتنموي    ضبط سيدة تنتحل صفة طبيبة وتدير مركز تجميل في البحيرة    الإعدام شنقا لربة منزل والمؤبد لآخر بتهمة قتل زوجها فى التجمع الأول    استعدادًا للصيف.. وزير الكهرباء يراجع خطة تأمين واستدامة التغذية الكهربائية    التأمينات الاجتماعية تقدم بوكيه ورد للفنان عبدالرحمن أبو زهرة تقديرًا لمكانته الفنية والإنسانية    إحالة 3 مفتشين و17 إداريًا في أوقاف بني سويف للتحقيق    أمام يسرا.. ياسمين رئيس تتعاقد على بطولة فيلم «الست لما»    تحديد فترة غياب مهاجم الزمالك عن الفريق    لن تفقد الوزن بدونها- 9 أطعمة أساسية في الرجيم    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    محافظ الجيزة يكرم 280 عاملا متميزا بمختلف القطاعات    جامعة حلوان تطلق ملتقى لتمكين طالبات علوم الرياضة وربطهن بسوق العمل    محسن صالح يكشف لأول مرة تفاصيل الصدام بين حسام غالي وكولر    ملائكة الرحمة بالصفوف الأولى.. "أورام الأقصر" تحتفل بصنّاع الأمل في اليوم العالمي للتمريض    زيلينسكي: وفد التفاوض الروسى لا يمتلك صلاحيات وموسكو غير جادة بشأن السلام    فقدان السيطرة.. ما الذي يخشاه برج الجدي في حياته؟    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    وزير السياحة يبحث المنظومة الجديدة للحصول على التأشيرة الاضطرارية بمنافذ الوصول الجوية    الاحتلال الإسرائيلى يواصل حصار قريتين فلسطينيتين بعد مقتل مُستوطنة فى الضفة    افتتاح جلسة "مستقبل المستشفيات الجامعية" ضمن فعاليات المؤتمر الدولي السنوي الثالث عشر لجامعة عين شمس    محافظ الإسكندرية يشهد ندوة توعوية موسعة حول الوقاية والعلاج بديوان المحافظة    "فشل في اغتصابها فقتلها".. تفاصيل قضية "فتاة البراجيل" ضحية ابن عمتها    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    تحت رعاية السيدة انتصار السيسي.. وزير الثقافة يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير في دورتها الخامسة    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    عامل بمغسلة يهتك عرض طفلة داخل عقار سكني في بولاق الدكرور    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    مسئول تركي: نهاية حرب روسيا وأوكرانيا ستزيد حجم التجارة بالمنطقة    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    كرة يد.. مجموعة مصر في بطولة أوروبا المفتوحة للناشئين    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    تشكيل منتخب مصر تحت 16 سنة أمام بولندا فى دورة الاتحاد الأوروبى للتطوير    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    ترامب: الولايات المتحدة تجري مفاوضات جادة جدا مع إيران من أجل التوصل لسلام طويل الأمد    رفع الحد الأقصى لسن المتقدم بمسابقة «معلم مساعد» حتى 45 عامًا    تعديل قرار تعيين عدداً من القضاة لمحاكم استئناف أسيوط وقنا    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم يقر
ليست بطلة قومية‏..‏ ولن تكون

التاريخ‏..‏ قد يراوغ أحيانا بعض السادرين في غي طموحاتهم الهوجاء‏,‏ بالرؤي المعتمة وضلالات التصور‏.‏ وهذا ما أوقع برجل وابنته في محاولة حمقاء عندما حاولا الاستحواذ علي بطولة قومية وتاريخية لفتاة فرنسية هي جان دارك, ويصور لهما خيالهما الجامح أنهما امتداد لها, ويرتكبان بذلك اثما عظيما.
وهذا ما يحدث في فرنسا منذ عام2791, ففي ذاك العام أسس جان ماري لوبن, وهو سياسي فرنسي يرفع راية اليمين المتطرف, حزب الجبهة الوطنية, وجعل من جان دارك رمزا لحزبه, وأقام تماثيل لها أمام المقار الرئيسية للحزب, وهي منه براء.
ذلك أن هذا الحزب كان منذ انطلاقه ولايزال يستمد أفكاره وتوجهاته السياسية من النازية الألمانية, التي روج لها ادولف هتلر منذ هيمن علي السلطة في ألمانيا عام3391, وحتي انتحاره عام5491 إثر الهزيمة الساحقة في نهاية الحرب العالمية الثانية.
والغريب أن مارين الابنة الأثيرة للسياسي المتطرف أطلقت علي إحدي بناتها اسم جان دارك حتي تكتمل خدعة الانتساب الي البطلة الفرنسية.
وكانت جان دارك قد بدأت في نسج بطولتها عندما كانت في الثالثة عشرة من عمرها, فقد تصورت أن أصواتا نورانية تحثها علي الرحيل من قريتها الصغيرة والانضمام الي الجيش الفرنسي لتحرير بلادها من الاحتلال البريطاني الذي يعيث جنوده فسادا في البلاد منذ.7331
وتمكنت الفتاة من تحقيق ذلك الهدف الوطني, ولكنها, في نهاية المطاف, جري اتهامها بالشعوذة والسحر, وحكموا عليها بتهمة الهرطقة والزندقة, والسجن مدي الحياة.
وعندما تمردت علي الحكم الجائر, قرروا إعدامها حرقا في ميدان عام سنة1341, ولم تكن قد تجاوزت التاسعة عشرة من عمرها.
وقد أعادت فرنسا, عندما أفاقت من غفوتها وغفلتها, لجان دارك اعتبارها, وأشاد المفكرون والمؤرخون ببطولتها القومية, وكتب عنها الفيلسوف الفرنسي فولتير قصيدة عذراء أورليان عام5571, وتناول الأديب الألماني شيلر حياتها في مسرحية نشرها عام1081, وكذا كتب عنها مسرحية الكاتب البريطاني برنارد شو, والهمت جان دارك الموسيقار فيردي أوبرا غنائية عام.5481
هذا التقدير العظيم لجان دارك لم يمنع جان ماري لوبن من محاولة اختطافها وتحديد اقامتها في تماثيل أمام مقار حزبه, وقد تتضح أبعاد محاولة التطاول علي تاريخ جان دارك وبطولتها, اذا رصدنا, في إيجاز, الصعود السياسي لجان ماري لوبن وابنته مارين.
وكان لوبن قد شق طريقه في غمار الحياة االسياسية الفرنسية بالوقوف في الخندق المعاكس لحركة التاريخ, فقد بدأ صاخبا ومشاكسا, وكان يخوض حرب الشوارع ضد القوي اليسارية عقب الحرب العالمية الثانية.
وعندما تطوع عام6591 في الجيش الفرنسي الذي كان يحتل الجزائر, كان يمارس تعذيب المناضلين الجزائريين.
والمثير للدهشة أنه ما ان عاد الي فرنسا حتي تمكن من الفوز بمقعد في البرلمان الفرنسي, وكان لايزال في الثامنة والعشرين من عمره, غير أنه فقد المقعد البرلماني في انتخابات2691, وأمضي سنوات يصول ويجول خارج المؤسسة السياسية الفرنسية.
وما إن أتي عام2791, حتي استطاع تأسيس حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف, ويشير الكاتب الصحفي الأمريكي سكوت سوليفان في دراسة نشرها في ابريل8891, الي أن الرسالة السياسية لهذا الحزب تماثل تماما رسالة النازية, فهي تناهض الأجانب والمهاجرين وتعتبرهم غزاة للبلاد!
ولذلك, لم يكن مثيرا للدهشة أن تقول مارين لوبن في ديسمبر0102, إن المسلمين عندما يحتشدون للصلاة داخل المساجد وخارجها يذكرونها بالاحتلال النازي لفرنسا!!
وهنا, قد يمكن الإشارة, الي أن تأسيس حزب الجبهة الوطنية اقترن بما اصطلح علي تسميته بالصدمة الاقتصادية الأولي التي حلت بفرنسا ودول أوروبا منذ3791, نتيجة ارتفاع أسعار البترول, عقب حرب اكتوبر المجيدة, ومن ثم تفشت البطالة, وهو ما أدي الي كراهية الأجانب والمهاجرين والمسلمين الوافدين من دول شمال إفريقيا, وصور رجال السياسة من أهل اليمين أن هؤلاء يحصلون علي فرص العمل علي نحو يضيق الخناق علي الفرنسيين.
ولعل ذلك ما حدا بسكوت سوليفان الي القول إن عقد الثمانينيات من القرن العشرين شهد صعود جماعات وأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا, خاصة في فرنسا وألمانيا وايطاليا, ويشير الي ظهور نفر من المثقفين الفرنسيين ارتبطوا ايديولوجيا بحركة اليمين الجديد, واضطلعوا باصطناع الأسس النظرية للفاشية الجديدة, وكذا النازية الجديدة.
هذا اليمين الجديد قد تناوله البروفسير مايكل هاريس في فصل مهم ضمن كتاب التفكير السياسي الجديد, الذي صدرت طبعته الأولي في بريطانيا عام.8991
وثمة واقعة مهمة تشير الي انتماء جان ماري لوبن الي النازية, وهي واقعة كشف عنها سكوت سوليفان عندما أوضح أن لوبن عمل في التجارة فترة من حياته, وأسس شركة صغيرة كان يبيع فيها شرائط تسجيلات خطب هتلر والأناشيد النازية, وليس أدل علي هذا الانتماء النازي من انكاره لمحرقة اليهود الهولوكوست إبان حكم هتلر, فقد قال في هذا الصدد انها مجرد تفاصيل صغيرة.
وقد أحدث جان ماري لوبن صدمة سياسية روعت فرنسا في انتخابات الرئاسة عام2002, فقد تقدم في الجولة الأولي علي المرشح الاشتراكي وأقصاه من سباق الرئاسة, وتنافس في الجولة الثانية مع المرشح اليميني جاك شيراك, غير أن شيراك فاز بالرئاسة.
وعندما تقدم العمر بجان ماري لوبن(28 عاما) نصب ابنته مارين زعيمة لحزب الجبهة الوطنية في يناير1102, وخاضت انتخابات الرئاسة في العام الحالي2102, وتمكنت من احراز تقدم في الجولة الأولي, واحتلت المكانة الثالثة بعد المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند والمرشح اليميني ساركوزي الرئيس المنتهية ولايته.
وبهذا التقدم المثير للانتباه في أول انتخابات رئاسية تخوضها مارين, فإنها من المرجح أن تحاول احكام قبضتها علي جان دارك, التي جعل منها والدها, قسرا وقهرا, رمز لحزبه.
ولكن مارين ليست بطلة قومية, ولن تكون.
وهي لن تعدو كونها مجرد هامش في دفتر اليمين المتطرف بكل أصوله التاريخية النازية والفاشية سيئة السمعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.