إنهم بحق رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه،فهم حماة الحق والعدل والحرية والفداء الذين ضحوا بأرواحهم فى سبيل رفعة الوطن وإعلاء شأنه، وهم الجنود البواسل الذين قدموا لنا أسمى معانى الشهامة والمروءة والشجاعة والإيمان دفاعا عن معانى وقيم الإسلام ضد أعداء الحياة وأهل الجهل والجهالة والضالين والمضللين الذين عميت بصيرتهم وبصائرهم والتائهين فى ظلمة الحياة وظلام الأفئدة والعقول. إننا نحتفل هذه الأيام بعيد ثورة 25 يناير وهى ثورة الحق على الباطل والعدل على الظلم والطغيان وهى أيضا ثورة الإنسان المصرى على نفسه بعد أن ظل عقودا من الزمان يعيش فى غياهب الطمع والجشع والزيف والبهتان واللهث وراء الغش والخذاع والبحث عن المناصب والنفوذ والقلب مفعم بحب المال والعقل مغلق على زينة الحياة وزخرفها، فى الوقت الذى يقف فيه رجالنا من الشرطة والجيش حماة للوطن من أعداء الدين والدنيا فيتساقط الشهداء الأبرار تاركين الدنيا إلى عليين حيث جنة الخلد أحياء عند ربهم يرزقون. ولنا فى هؤلاء الأبطال أحياء منهم أو شهداء أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، والحق يقال إننا نتضاءل وتنكمش أحجامنا قيمة وقامة أمام هؤلاء الرجال العمالقة الفرسان من أصغر رتبة إلى اكبرها. ونحن نشكو صعوبات الحياة ومصائبها أحيانا، وهم لايشكون من السهر والألم وقسوة المناخ ومواصلة الليل بالنهار فى الصحراء والمدن وبين الطرقات وخلف الستائر الحديدية والترابية بلا نوم ولا استرخاء وبلا غطاء ولاطعام أحيانا. كما أننا نشكو عشوائيات الحياة وازدحام الهموم وكثرة التطلعات وهم يرتضون شظف العيش وجفاف المشاعر وغياب الأهل والأحباب ولايطلبون سوى رضا الله ورضوانه إما بحياة كريمة أو بشهادة فى سبيل الله. وبعد هذه المقارنة .. هل يجوز لنا أن نضن على رجالنا البواسل بأن نبعث لهم رسائل حب وإعزاز وتقدير وأن نحتفل بيوم عيدهم بالدعاء لهم، والدعم المادى والمعنوى لذويهم وأسرهم، وأن نساعدهم فى نضالهم ضد أعداء الوطن بالكشف عن كل المخططات التى تحاك ضدهم وضد مصرنا الغالية وذلك بالمزيد من العمل الجاد على جميع الأصعدة لكى «يقوم الوطن من كبوته وتقوم الأمة من عثرتها إلى أن نعبر حاجز التخلف والتقهقر الذى خلفته لنا الأعوام السابقة، ولنعلم جميعا أن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. ولاشك أننا نعيش حالة حرب ضد الطغيان والمؤامرات والدسائس وأن النفوس الخربة بنياتها الخبيثة تترعرع وتجد لها مرتعا فى مثل هذا المناخ الملوث والتربة غير الصحية، وليس أمامنا نحن المدنيين سوى الوقوف صفا واحدا خلف قواتنا من الشرطة والجيش وقفة الرجال، وألا نسمح بالوقيعة بيننا وبينهم، وأن نحمى أنفسنا من الشائعات والأفكار المسمومة التى تبثها بعض وسائل الإعلام غير الأمينة على مصلحة الوطن وأن يكون هناك نوع من الصد والرد على تلك الأقاويل وهذه الحكايات التى لا أساس لها من الصحة وإنما هى من صنع شياطين الإنس الذين يقتاتون عيشهم على الكذب والبهتان والغش والتدليس. وسوف تظل مصر عصية على الكسر والانكسار حيث لايصح إلا الصحيح. د. يسرى عبدالمحسن أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة