"برنامج رئاسى للقيادة" وبنك معرفة ومشروعات عملاقة و 200 مليار جنيه قروضا ميسرة.. طيور الظلام تواصل العرقلة والتخريب.. والدولة جادة فى إنصاف 45 مليون شاب وتحقيق أحلامهم تحركوا على استحياء فى اتجاه الميدان. صيحة احتجاج على ممارسات و سياسات غاشمة، اعتدناها نحن الكبار و لم تعد تحرك فينا ساكنا. تعامل معهم الجميع باستهانة (خليهم يتسلوا). لم يتوقفوا، و كما تسرى النار فى الهشيم سرت رياح الثورة فى ربوع الوطن. طوفان جارف يقتلع ثوابت الاستقرار المزعوم و يعرى هشاشة نظام قام على تحالف مستتر بين طيور الظلام (كما صاغها بابداع كاتبنا الكبير وحيد حامد). انضم الجميع لقطار الثورة. وفى أحلك اللحظات حسمها الجيش كما حسمها من قبل مرات و مرات. هو جيش مصر، قلبها و شعبها. كان لابد أن يستجيب للنداء. و استمر الحلم الجميل، و لاح الفجر، و بعد التنحى نظف الشباب الميدان و انتظرنا جميعا الفجر الجديد. و طال الانتظار. و تزايد الصخب و الضجيج، و انشغل الكل بالحساب و القصاص، و الاقصاء و التخوين. بحثنا عن الشباب، فوجدناهم يملأون الشاشات و الميادين استعراضا و احتجاجا. بينما تسلل طيور الظلام لمقاعد القيادة. كان التيار الاخوانى المتمسح بعباءة الدين هو اللاعب الوحيد الجاهز لتولى القيادة، مستفيدا من وجود مكثف أتاحه له النظام السابق فى تحالف غير معلن، لاقتسام غنائم ثورة قامت على كل ما يمثلونه من فساد و اقصاء. توارت سحب الأمل، فيما تراجع الشباب للصفوف الخلفية، آملين أن تروى دماء شهدائهم الطاهرة شجرة التغيير و الاصلاح. لكنهم سرعان ما استعادوا الزخم الثورى عندما ظهر جليا اتجاه الوطن نحو سقوط سريع فى مستنقع أكثر ظلاما، مستنقع التطرف و الارهاب. مرة ثانية تصدر الشباب المشهد و تقدموا الصفوف، و مرة ثانية ساندهم الوطن جيشا و شعبا. و كانت الثورة الثانية، تعديلا للمسار و انقاذا للوطن من مصير أسود رأينا نموذجا له فى دول الجوار و خطره يقترب فى قلب سيناء. و مرة ثانية تراجع الشباب للصفوف الخلفية، و كان انسحابهم هذه المرة مغلفا بيأس و احباط شديد. هاجمهم الجميع، و هم أيضا هاجموا الجميع. و اتسعت الفجوة دون أن نتوقف للسؤال عن جذورها. لمنا الشباب و لم نتوقع نتاجا طبيعيا لاعلام و تعليم مهترئ أسهم فى خلق أمية علمية و ثقافية و أخلاقية. لم نتخيل مدى فداحة الوضع و نحن نفخر بأقل معدلات الانتاجية و مستويات الجودة، و أوسع الفروقات بين الطبقات الدنيا و العليا، مع انسحاق طبقة وسطى. طالبنا الشباب بالبطولة و الصبر و التخطيط، و تناسينا اننا لم نقدم لهم مثلا ايجابيا واحدا للتمثل به. ظلمناهم و اتهمناهم بظلمنا. و لكن نظلم أنفسنا و شعبنا عندما نمعن فى جلد الذات و إهالة التراب على ثورة اعجازية قلما تتكرر فى التاريخ، فى ظل ظروف محيطة تجعلها مستحيلة الحدوث. من يقرأ التاريخ يدرك جيدا أننا قد اجتزنا المرحلة الأصعب. و من يحاول قراءة الحاضر يتبين له أن الدولة تسعى لتغيير حقيقى بحجم غير مسبوق منذ زمن المشروعات القومية و الخطط الاستراتيجية فى الستينيات. والجميل و المبشر كون هذا التغيير يتخذ الشباب هدفا و فى الوقت نفسه قاعدة أساسية للانطلاق. فللمرة الأولى نجد سعيا ملموسا لاصلاح المنظومة التعليمية واتاحة مصادر المعرفة و العلم لكل المواطنين بلا استثناء، بدءا بمشروع بنك المعرفة الذى يتيح كنزا معرفيا لكل الشعب عبر الانترنت، و مرورا بمشروع المعلم أولا و الذى يسعى لتطوير شامل لقدرات المعلم المصرى بادئا بعشرة آلاف معلم كمرحلة أولى، و انتهاء بلجنة مشكلة لوضع أسس لتطوير مناهج التعليم خلال 3 أشهر ( نقطة زمنية لم نعتدها من قبل). الرسالة واضحة، الدولة التى تخشى شعبها لن تسعى لتعليمه. و الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يأتى مشروع البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب ليعالج ثغرة مؤلمة فى نظام التعليم الجامعي، و الذى يفرز كفاءات محدودة القدرة على الانتاج و التطوير. و يتعلم الشباب من خلال البرنامج قواعد ادارة التغيير بشكل احترافي، كما يطلعون على أركان المنظومة السياسية و قواعد اللعبة. لا توجيه لنظام محدد، بل تعريف بالوسائل الفاعلة للتغيير و تولى المسئولية سياسيا و عمليا. و مع هذه البرامج، تطلق الدولة العديد من المشروعات القومية و التى توفر فرصا متنوعة للشباب، و معها تسهيلات و قروض تصل الى 200 مليار جنيه مصريا فى السنوات الأربع القادمة. صورة وردية قد تكون، و لكنها ليست كاملة، الواقع يحمل الكثير من التحديات و المخاطر. الشباب عازفون عن المشاركة و غير مصدقين لجدية التوجه و المشروعات. و طيور الظلام مازالت تحارب معركتها المستميتة للحفاظ على دولتها القائمة داخل الدولة، باعلامها الموجه و نماذجها الممثلة للقبح و البلطجة و الظلم و الفساد، و فى ظل قوانين تقنن الفساد و تعرقل أى استثمار حقيقى و عدالة ناجزة. و الجماعات الارهابية التى شوهت الدين تأبى الا الاستمرار فى حرق الأخضر و اليابس. و الكثير من جهات الدولة تعرقل كل مسارات التغيير و الاصلاح، خوفا من مصير مجهول فى ظل غياب القدرة و الكفاءة. التحديات ضخمة، و الثورة ما زالت فى خطواتها الأولى. و الدولة تبنى و تحارب ارهابا حقيرا و فسادا مزمنا، و تصلح أخطاء تاريخية فى تعمير سيناء و رأب الصدع فى علاقاتنا الاقليمية افريقيا و عربيا. الثورات لا تختزل فى كلمات. و العاديون مثلنا لا يعرفون الكثير من المعلومات. و لكننا نعرف انه وطننا. و انه لا عودة الى الوراء. و المعركة طويلة، لن ننتصر فيها دون شبابنا، كلهم دون استثناء. 45 مليون مصرى تحت سن الخامسة و الأربعين، وقود التغيير و الاصلاح الحقيقي. لن تتحرك سفينة الوطن دونهم. و لا نتوقع منهم الانتظار لنداء جديد. مصر تنتظر شبابها للقيادة و العمل. حتى تكتمل الثورة. عضو الفريق المشرف على البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب