تفكيك أجهزة القمع واسترداد الثروات المنهوبة ضرورة لنجاح الثورة محيط - علي عليوة
د. أبو ليلة يتحدث وعلي يمينه د. نصر فريد دعا المشاركون في احتفالية الجمعية المصرية للتواصل الحضاري بثورة الخامس والعشرين من يناير إلى الحفاظ على روح الثورة واستلهامها فى إعادة بناء مصر الحديثة لتكون قاطرة حضارية لأمتها كما كانت طوال تاريخها .
وطالبوا بضرورة الانتباه التام لكل من يتربصون بهذا الوطن من الداخل أو من الخارج .
مؤكدين أن الثورة أتاحت فرصة عظيمة لتحقيق نهضة علمية على أرض مصر بسواعد أبناء مصر بعدما استعادوا وطنهم الذي اختطف منهم على مدى عقود طويلة .
في بداية الحفل أكد الدكتور محمد أبو ليلة أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر ورئيس جمعية التواصل الحضاري إن ثورة 25 يناير غيرت وجه مصر .
وقوضت حصون الفساد والاستبداد وحققت آمال الملايين من أبناء هذا الوطن في رفض الظلم والقمع، والانتصار للحرية والكرامة التي أهدرت علي مدار أكثر من ثلاثة عقود .
وأضاف أبو ليلة قائلا إن هذه الثورة البيضاء هي ثورة الرجال والنساء والأطفال من المسلمين والأقباط إنها حقا بداية لتاريخ جديد نتطلع جميعا إلي أن يكون عظيما .
وأشار إلي أن الثورة درس لنا وللعالم كله في أن إرادة التغيير إذا وجدت كان التغيير حتما مقضيا كما يقول الله تعالي: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " .
وأوضح أن هذه الثورة لم تنشأ من فراغ إذ أفاد الشباب من ذاكرة الأمة ومن تاريخها المجيد ، وبما قدمه عظماء مصر وأحرارها من دماء سالت علي أيدي أعداء الحرية والكرامة الإنسانية وبما عاناه الكثير من الشرفاء من اعتقال وملاحقة وتعب .
ولفت إلي أن مصر عانت كثيرا من قلة استبدت بالسلطة وتعالت علي الشعب واستخفت به وتحكمت في مقدراته وأن شأن هؤلاء الجبارين المستبدين شأن من قال الله تعالي فيهم :
"فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين "
وأكد الدكتور أبو ليلة أن الثورة المجيدة أظهرت مدى صلابة شعب مصر وقوة إرادته ، وما كان يختزنه الشباب من طاقات ومن طموحات ومن قدرة علي التغيير .
الذي طالما انتظرناه ليخلصنا من الظلم والمحسوبية ومن القهر والفساد والاستعباد ويحقق للشعب آماله في الحرية والعدل والمساواة والعدالة الاجتماعية واحترام الكرامة الإنسانية وتكافؤ الفرص بين أبناء هذا الوطن الواحد .
لقد فرحوا بالقصور المنهوبة ، وبالثروات المسلوبة وبالسلطة المتعسفة الظالمة حتى أخذهم الله أخذا أليما وفاجعا " فإذا هم مبلسون" أي يائسون مكتئبون أذلاء لا نصير لهم . لقد احتكروا السلطة لأنهم تشبثوا بالكراسي والصولة والصولجان ردحا طويلا من الزمان.
مصداقا لقوله تعالي " فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقوا كما قال الله تعالي في أمثالهم ،وفى ظل النظام البائد لم يكن هناك تجديد فى الدماء والأفكار وإنما كان التجديد فقط في وسائل القمع والقهر والتضييق علي الشعب ووأد أية محاولة للتغيير .
وأضاف الدكتور أبو ليلة لقد قطع هؤلاء المستبدون الطريق علي الأجيال أن تنعم بخيرات بلادها وعلي المواهب والكفاءات أن تظهر وتسهم في إدارة شؤون مجتمعها وتنميته .
وأن تتواصل الأجيال مع القيادة وتشارك في تحمل مسؤولية العمل الوطني .ولكى ننهض بمستقبل مصر والعالم العربي كله في ظل ثورة 25 يناير لابد من انجاز المهام التي تقع علي عاتق الشعب .
واول هذه المهام هو إصلاح التعليم باعتباره أول المطالب الملحة لأن مصر قد تأخرت كثيرا في مضمار التعليم بمراحله المختلفة وإنه لا إصلاح للتعليم إلا بإصلاح المعلم .
وعلى علماء الأمة ومجلس أمناء الثورة تجفيف منابع الفساد وإزاحة المفسدين وتمكين أصحاب العقول والرأي والخبرة من أبناء هذا الوطن.
ولابد من تفكيك بنية أجهزة القمع والفساد وملاحقة الفارين من العدالة وتقديمهم للمحاكمة .وينبغي أن تكون السجون للمجرمين وأعداء الوطن.
ولا يكون ذلك إلا من خلال قنوات شرعية وتهم معلنة وأحكام قضائية عادلة ، فأمن وأمان الشعب مقدم علي أمن الدولة لأن الشعب هو صانع الدولة.
وشدد الدكتور أبو ليلة على ضرورة الاهتمام بغرس القيم الدينية والأخلاقية في التعليم وأن تكون اللغة العربية هي الأساس في التعليم .
وإصلاح التعليم ينبغي أن يتم من خلال إعمال العقل المصري الوطني ومن محض تفكيره وإبداعه ومحاولاته حتي لا نكون مجرد مستوردين ومستهلكين للأفكار والبرامج والخطط والمناهج المصممة طبقا لمعايير وأهداف شعوب أخرى .
وأضاف بأنه ينبغي التأكيد علي أن الصفوة ليست هي الدليل علي تقدم المجتمع ورخاءه وإنما القاعدة العريضة من الشعب هي التي تدل علي رخاء المجتمع وتقدمه من عدمه .
وهذا يتطلب منا إعادة النظر في توزيع الدخل القومي والخدمات بما يكفل العدالة الاجتماعية والتماسك المجتمعي ومن الأولويات المهمة إصلاح أحوال المعيشة وزيادة الدخول ورعاية فئات المجتمع ومصالحها .
وتحقيق هذه المهمة لن يتم الا باسترداد الاموال المنهوبة من جانب رجال النظام البائد لأنه لا يمكن لمجتمع أن يرقي ويتقدم ويتهذب سلوك أبنائه بأغلبية من المواطنين المطحونين ومن المرضي والأميين والعاطلين والمهمشين الذين يعيشون بلا مأوى.
ومن جانبه أكد مفتى مصر الأسبق الدكتور نصر فريد واصل فى كلمته أنه يحيى شهداء الثورة الذين فتحوا الطريق لنا للحرية وقال نحيى هذه الأمة وشباب 25 يناير الذين قادوا الأمة إلى هذه العزة والكرامة .
وأضاف الدكتور واصل أن مصر سوف تكون فى مقدمة الأمم وسوف تكون مصر وشعبها فى آمان بأمر الله تعالى القائل " ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين "مشيراً إلى أن هذا النصر قد تحقق خلال وحدة الأمة جميعاً والإيمان بالله والاعتصام بحبله المتين .
وقال إن الوضع الذي عشنا فيه في الماضي نتحمل مسئوليته جميعاً وان اللوم علينا جميعاً ،مشيراً إلى أن أفضل أنواع الشهادة هي قول كلمة الحق عند السلطان الجائر وأن يقتل بسبب ذلك ،وشدد واصل على ضرورة أن تدور عجلة الإنتاج والبناء بعد سقوط الظلم والفساد.
من جانبه أكد فاضل سليمان رئيس مؤسسة "جسور" للتعريف بالإسلام لقد ولد هذا الشعب من جديد بهذه الثورة بعد أن كان مختطفاً من قبل فراعين وطغاة.
مشيراً إلى أنه لابد أن تكمل الثورة مسيرتها حتى لا نجد أنفسنا بعد 30 سنة بحاجة لثورة ثانية علينا إحداث تغيير حقيقي تتطلع إليه الأمة من احترام لإرادتها لنصل لعصر جديد لا يستعبدنا فيه أحد ولا بد أن نحرس ثورتنا .
وأوضح سليمان أن من يحاولون تعطيل العمل هم أعداء الثورة وأعداء الوطن في الوقت نفسه فإنه علينا أن نضحي ونصبر فالتضحية في سبيل العزة والكرامة ليست أكثر فداحة من الذلة والمهانة .
من جانبه قال الدكتور على ليلة أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن النظام السابق انهار وانتهي لأنه لم يكن متوازنا لاداخلياً ولا خارجيا.
ولم يتواصل مع شعبه ومع العالم مشيراً إلى أن الثورة المصرية قامت فى فترة محدودة قياساً بالثورة الفرنسية التى استمرت سبع سنوات .
وقال الدكتور ليلة لقد كانت مصريتنا عبئاً علينا في ظل النظام السابق أما الآن فقد أصبحت مظلة نحتمي بها ونستظل بها أمام العالم بكل فخر ..
وأوضح أن الجيش المصري العظيم لعبً دوراً مهما في الثورة وحماها وحافظ على تماسك الوطن وعلينا أن نحافظ عليه وعلى مكانته لأنه حمل شرف مصر واستجاب لمطالب الشعب .
يذكر أن الاحتفال أقامته جمعية التواصل الحضاري بالتعاون مع جمعية جسور العالمية للتعريف بالإسلام تحت عنوان" مستقبل مصر والعالم العربي بعد ثورة 25 يناير"، وعقد بقاعة الصفا بجمعية دار الأرقم بمدينة نصر بمشاركة حشد من العلماء ورموز الفكر والثقافة أدارها الإعلامي عادل عبد القادر.