احتفالات في سوريا بعد إلغاء "النواب" الأمريكي قانون قيصر ورفع العقوبات    أمريكا تطلق تأشيرة "ترامب الذهبية" بقيمة مليون دولار    قافلة طبية لجامعة بنها بمدرسة برقطا توقع الكشف على 237 حالة    "الوطنية للانتخابات" تعتمد نتيجة 19 دائرة ملغاة بانتخابات مجلس النواب    رئيس الوزراء يفتتح الجمعية العامة للشراكة بين الأكاديميات    11 سبتمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    سعر الذهب يتراجع 5 جنيهات اليوم الخميس 11 ديسمبر.. وعيار 21 يسجل 5630 جنيها    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة قنا    إعتماد تعديل المخطط التفصيلي ل 6 مدن بمحافظتي الشرقية والقليوبية    تداول 81 ألف طن و830 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة نهاية الأسبوع    انتظام فتح اللجان ثاني أيام التصويت بانتخابات النواب في البحيرة    التحقيق مع بائع أنتيكا متهم بالتحرش بفتاتين في الجمالية    مقتل 4 جنود وإصابة آخرين إثر استهداف معسكر للجيش السوداني بولاية النيل الأبيض    وفاة رضيعة في خانيونس جنوب غزة بسبب البرد القارس    تايلاند تعلن عن أول قتلى مدنيين عقب تجدد الصراع الحدودي مع كمبوديا    روسيا: هجوم أوكراني واسع النطاق.. وإسقاط 287 طائرة درون    إيقاف الرحلات الجوية فى مطارى بغداد والبصرة بسبب الأحوال الجوية    جوارديولا: لسنا جاهزين لحصد دوري الأبطال الآن.. والتأهل ضمن أول 8 مراكز بأيدينا    اليوم.. وادي دجلة يواجه بتروجت في كأس عاصمة مصر    مورينيو: تصريحات كونتي مجرد أعذار.. وهدية مكتوميناي بسبب ما فعلته مع في مانشستر يونايتد    مادويكي: سعيد بالتسجيل مع أرسنال.. ويمكننا الفوز بالدوري وأبطال أوروبا    الأهلي ينهي صفقة يزن النعيمات لتدعيم هجومه في يناير    اصطياد تمساح الشرقية    النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    فيلم الست لمنى زكي يتخطى 2 مليون جنيه في أول أيام عرضه بالسينمات    نجيب محفوظ أيقونة الأدب.. 11 ديسمبر ميلاد أسطورة أدبية صنعت تاريخ الرواية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    «الوطنية للانتخابات» تعلن تخصيص الخط الساخن 19826 لتلقي الشكاوى    هيئة الرعاية الصحية تعلن استمرار حملة انتخب واطمّن لتأمين الناخبين طبيًا بالأقصر وأسوان    بتكلفة 68 مليون جنيه، رئيس جامعة القاهرة يفتتح مشروعات تطوير قصر العيني    تحريات لكشف تفاصيل مصرع طفلة وإصابة والدتها وشقيقها بعد تناول بسكويت بأكتوبر    أحمد بنداري يدعو المواطنين للمشاركة ويحدد رقمًا لتلقي شكاوى الانتخابات    كأس العرب| طموحات فلسطين تصطدم برغبة السعودية في ربع النهائي    وكيله: بابلو الصباغ لم يتلقى عروض من الأهلي.. واللاعب بدأ إجراءات استخراج جواز سفره الفلسطيني    مصدران: أمريكا تدرس فرض عقوبات متعلقة بالإرهاب على الأونروا    سعر الدولار الأمريكي اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    طرق الوقاية من الحوداث أثناء سقوط الأمطار    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    إسلام الكتاتني يكتب: الحضارة المصرية القديمة لم تكن وثنية    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    سلوى عثمان: أخذت من والدتي التضحية ومن والدي فنيًا الالتزام    وزارة الصحة تطمئن المواطنين: لا وجود لفيروس «ماربورج» في مصر    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    سلمان خان وإدريس إلبا وريز أحمد فى حفل جولدن جلوب بمهرجان البحر الأحمر    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    القبض على شخص اقتحم مدرسة بالإسماعيلية واعتدى على معلم ب "مقص"    انتبهي إلى طعامك خلال الأشهر الأولى من الحمل.. إليك قائمة بالمحاذير    ضبط شاب ينتحل صفة أخصائى علاج طبيعى ويدير مركزا غير مرخص فى سوهاج    ترامب: الفساد في أوكرانيا متفشٍ وغياب الانتخابات يثير تساؤلات حول الديمقراطية    البابا تواضروس يهنئ الكنيسة ببدء شهر كيهك    مستشار وزير الثقافة: إدارج "الكشري" في قائمة تراث اليونسكو يمثل اعترافًا دوليًا بهويتنا وثقافتنا    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    الزوامل والتماسيح: العبث البيئي وثمن الأمن المجتمعي المفقود    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع الأفكار في إيران.. المعركة الأكثر خطورة
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 01 - 2016

بمجرد سماع نبأ رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة علي إيران وإعطاء الاتفاق النووي الضوء الأخضر, تعالت صيحات الدول وتباينت ردود الأفعال الدولية في دوائر صنع القرار لدي الخصوم والحلفاء.. ما بين مؤيد ومعارض.. مرحب ومتحفظ.. متفائل ومتشائم.. وكان لابد من التوقف عند أصداء القرار في الشارع الإيراني الأكثر تضررا من العقوبات طوال12 عاما, ومن المفترض أن يكون المواطن البسيط هو الأكثر استفادة من إنهائها..
وبالتالي يدفعنا هذا التطور النوعي في الملف الإيراني إلي قراءة تداعيات الموقف في الداخل قبل رصدها علي المستوي الخارجي.
قال رضا خوئي الذي يعمل سائق تاكسي في طهران:' شيء لا يصدق!.. هذا يوم بلا عقوبات منذ سنوات, لقد خسرت وظيفتي في شركة بتروكيماويات في جنوب إيران بسبب هذه العقوبات اللعينة', فيما أكدت فهيمة لطفي, وهي أم لطفلين في سعادة:' تحولنا إلي دولة طبيعية مثل باقي الدول, فقد انتهي الوقت الذي اعتدنا فيه علي الذهاب إلي النوم ونحن نفكر في أسوأ السيناريوهات, برافو روحاني'.. والعبارة الأخيرة تقودنا إلي أول الخيط عند تحليل المشهد وتفنيده, فالقصة تبدأ مع السيناريو الذي رسمه الرئيس الإيراني المنتمي إلي تيار الإصلاحيين حسن روحاني, الذي شغل روحاني منصب كبير المفاوضين النوويين في إيران في الفترة ما بين2003 وحتي2005, إلي أن تولي السلطة عام2013 وتوج خبرته في التفاوض بالاتفاق الأخير الذي منحه شعبية جارفة وضاعف من أسهمه بعد أن فتح قرار رفع العقوبات الطريق أمامه لتنفيذ وعوده' عمليا' بتحسين مستوي معيشة الشعب ورفع كفاءة الاقتصاد الإيراني, خصوصا مع حصول طهران علي دفعة أولية من أموالها المجمدة في الغرب وتصل قيمتها إلي قرابة55 مليار دولار.
وكشفت صحيفة' نيويورك تايمز' الأمريكية أن الانفراجة الإيرانية بقدر ما تعزز من موقف روحاني وتيار الإصلاحيين من خلفه, إلا أنه لا يزال الغموض يحيط بانعكاس الأمر إيجابيا علي الوضع الاقتصادي الداخلي لتعويض ما أفسدته سنوات العقوبات المريرة, موضحة أن الإفراج عن المليارات المجمدة ليس كافيا لتأمين مستقبل الإصلاحيين السياسي, من واقع آراء الخبراء الاقتصاديين الذين توقعوا أن تستغرق عملية إنقاذ الدولة من كبوتها شهورا وربما أكثر كي يتذوق المواطن الإيراني العادي' ثمار' رفع العقوبات.
وأضافت الصحيفة أن التأخر في النتائج سيشعل الصراع علي السلطة ليواجه الرئيس روحاني معركة شاقة مع الجناح المتشدد في معسكر الإصلاحيين الذين سيكونون حريصين علي استخدام الاحتياطيات النقدية الإيرانية لأغراضهم الخاصة, بينما يواصل اقتصاد البلاد مواجهة ظروف غير مواتية تتمثل في انخفاض أسعار النفط, مما قد يقوض الكثير من المكاسب التي حققها روحاني خلال المفاوضات.
ومن العبث أن يتجاهل المتابع للأحداث دور الحرس الثوري الإيراني في إعادة تشكيل البيت من الداخل, بعد أن نجحت خطته وبلغ هدفه باعتباره من أهم المؤسسات العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية, وكان الملف النووي والصواريخ الباليستية علي رأس مهامه, فضلا عن نفوذه الواسع وهيمنته علي مؤسسات اقتصادية وإعلامية وسياسية وثقافية منتشرة في عموم إيران, حيث تدر الأنشطة التجارية وحدها التي تتبعه دخلا يتراوح بين10 و12 مليار دولار سنويا.
ومن خلال تحالف الحرس الثوري مع تيار المحافظين, صار التحدي أكبر أمام حكومة روحاني التي وجدت من يشاركها' كعكة' الانتصار النووي وحصاد سنوات الشقاء والصبر, خصوصا وأن ازدهار الاقتصاد الإيراني الذي يعتمد حاليا علي صادرات البترول بنسبة60% سيعني تدفق مزيد من الأموال علي أنشطة الحرس الثوري الخارجية, مما يثير المخاوف الدولية من توجيه الأموال نحو قنوات الإرهاب والحرب الأهلية في سوريا, بدلا من الاستفادة منها في الارتقاء بالبنية التحتية للدولة الإيرانية وإنعاش المجتمع الذي تحمل وطأة العقوبات ودفع ثمن مغامرات' الإخوة الأعداء'.
هكذا تراجعت معركة إيران في الخارج نسبيا حفاظا علي مكتسباتها النووية وأهدافها, لتبدأ معركة في الداخل تعد الأكثر خطورة وتحديا لمستقبل البلاد التي تقف الآن علي حافة الهاوية بين التيار الإصلاحي بقيادة روحاني, مدعوما بالزعيم الروحي علي أكبر هاشمي رافسنجاني, وبين مثلث الرعب المكون من المحافظين والحرس الثوري والمرشد الأعلي علي خامنئي, علما بأن المعسكر الأخير يستخدم نفوذه وسطوته علي' مجلس صيانة الدستور', ضد الإصلاحيين بدليل رفض أكثر من70% من مرشحي تيار الرئيس شن حرب داخلية, ل' تقليم أظافر' نظام روحاني وحرمانه من الحصول علي الأغلبية الساحقة في البرلمان الإيراني اعتمادا علي شعبيته في الشارع.
وأمام قدرة الحرس الثوري علي احتواء أي حراك شعبي أو غضب ميداني, يفضل روحاني اللعب بورقة رجال الدين النافذين للتأثير علي المواطنين واستغلال مساندة رافسنجاني في توفير الحماية اللازمة للنظام ومشروعه الإصلاحي بعد محنة العقوبات, ومن هذا المنطلق تتجلي خطورة الوضع داخل إيران عندما يحكم' صراع الأفكار' المعادلة السياسية, وهو ما يتفق مع رؤية المحلل السياسي الإيراني بمؤسسة كارنيجي للسلام كريم سجادبور بأن الاستفادة المشتركة بين حكومة روحاني' الشرعية' والحرس الثوري من رفع العقوبات لن تمنع اشتعال هذا الصراع بين طرف يفكر في راحة الوطن ويخطط لاستقراره, وآخر يرفض التخلي عن الأيديولوجية الثورية التي جلبت إليه المنافع والغنائم, بينما يظل المواطن الإيراني أول من يسدد فاتورة هذا الصراع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.