تحتفل الكنائس في مصر بعيد الغطاس أو عماد «السيد المسيح»، وعيد «عرس قانا» الجليل, لقبِّ يوحنا «بالمعمدان» لأنه جاء « يكرز في برية اليهودية قائلاً : توبوا لأنه قد اقترب منكم ملكوت السموات» (مت 3: 1، 2)، فكانت معموديته أساساً «معمودية للتوبة» (مت 3: 11، مرقس 1: 4، لو 3: 3، أع 13: 24، 19: 4)، فكان من يُعمدون من يوحنا يعترفون بخطاياهم ويعبرون عن توبتهم لمغفرة الخطايا (مت 3: 6، مرقس 1: 5 .( وفي هذا العيد اعتاد المسيحيون تناول القلقاس والقصب والبرتقال، كطقس شعبي خاص، وهى نباتات معروفة، أصبحت رموزا بالمعمودية، وهي عادة لا عبادة، فمن الطين يخرج نبات حيّ نتلذذ به وبطعمه، كمذاق لحياة التوبة والطهارة، وهذا العيد يجدد حياة الإنسان بتخلصه من خطاياه. و«القلقاس» نبات ينمو مدفونا في الأرض، ثم يصعد ليصير طعاما، لذا يُعد مثالا للمعموديةً، فهى دفن أو موت، وقيامة مع المسيح، ولهذا يقول بولس الرسول « مدفونين معه في المعمودية التي فهيا أقمتم أيضاً معه» (كو 2: 12) (رو 6: 4). والقلقاس نبات حى ومدفون، والمعمودية موت وحياة، وهو ينمو مدفونا في الطين، لكن أوراقه الخضراء تظهر فوق التربة كأجنحة الطائر، رمز حلول الروح القدس على شكل حمامة أثناء عماد السيد المسيح، و لا يؤكل القلقاس إلا بعد خلع القشرة الخارجية، فلابد من تعريته قبل أكله، كما يتم خلع ثياب الخطيئة في المعمودية، لكى تلبس الثياب الجديدة الفاخرة، ثياب الطهارة والنقاوة, ويحتوى القلقاس على مادة سامة مضرة للحنجرة، وهذه المادة الهلامية إذا اختلطت بالماء تحولت إلى مادة نافعة مغذية، ونحن أيضا نتطهر بالماء من سموم الخطيئة، كما يتطهر به القلقاس من مادته السامة. أما القصب والبرتقال فيمتازان بغزارة السوائل, والمذاق السكري لعصيرهما، وهو رمز لماء المعمودية، ونوال مغفرة الخطايا، فالقصب ينمو في المناطق الحارة، فيذكرنا بأن حرارة الروح تجعل الإنسان ينمو في القامة الروحية, وكذلك يجب أن يغمر بالماء كرمز للمعمودية، حيث يكون الارتفاع لأعلى كاستقامة هذا النبات، كما أن عود القصب ينقسم إلى عُقَل، وكل عقلة فضيلة اكتسبها في مرحلة عمرية، وبداخله نجد القلب الأبيض المملوء بالحلاوة، وينمو عائماً في الماء، فيذكرنا بالميلاد الجديد بالمعمودية، وضرورة علو القامة الروحية، والقلوب البيضاء النقية، التي تعتصر فتفرز الحلاوة من أجل الآخرين، وتمنحهم الشبع. ومن قشرة البرتقال كانت تصنع الفوانيس، ويوضع فيها الشمع، فيما يشبه فوانيس رمضان، وكان أجدادنا يحتفلون بقداس عيد الغطاس علي ضفاف النيل، ويستعملون هذه الفوانيس للإنارة.