الآن - "نيسان صني 2024" تكنولوجيا القيادة اليابانية على أرض مصرية    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    القنوات الناقلة لمباراة الهلال والاتحاد في نصف نهائي كأس الملك والمعلقين    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    تراجع أسعار النفط مع تكثيف جهود الوصول إلى هدنة في غزة    مجلس الدولة يلزم الأبنية التعليمية بسداد مقابل انتفاع بأراضي المدارس    حماية المستهلك: الزيت وصل سعره 65 جنيها.. والدقيق ب19 جنيها    تعرف على موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم للعاملين بالقطاع الخاص    فيديو| مقتل 3 أفراد شرطة في ولاية أمريكية خلال تنفيذ مذكرة توقيف مطلوب    محلل سياسي: أمريكا تحتاج صفقة الهدنة مع المقاومة الفلسطينية أكثر من اسرائيل نفسها    ولي العهد السعودي وبلينكن يبحثان التطورات في قطاع غزة    قتلى وجرحى إثر غارات جوية روسية على أوديسا وخاركيف    نظافة القاهرة تطلق أكبر خطة تشغيل على مدار الساعة للتعامل الفوري مع المخلفات    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    مؤسس صفحة «أطفال مفقودة» يكشف تفاصيل العثور على توأم كفر الزيات بعد 32 عامًا (فيديو)    وجد جثمانها في مقلب قمامة.. قصة طفلة سودانية شغلت الرأى العام    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    فتوى تحسم جدل زاهي حواس حول وجود سيدنا موسى في مصر.. هل عاصر الفراعنة؟    أشرف زكى: "هناك نهضة فنية فى معظم الدول العربية لكن لا يزال الفن المصرى راسخًا فى وجدان الأجيال"    رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم يشهد الختمة المرتلة بمسجد السيدة زينب    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    أستاذ بجامعة عين شمس: الدواء المصرى مُصنع بشكل جيد وأثبت كفاءته مع المريض    مفاجأة صادمة.. جميع تطعيمات كورونا لها أعراض جانبية ورفع ضدها قضايا    «جامعة القناة» تُطلق قافلة طبية لحي الجناين بمحافظة السويس    ندى ثابت: مركز البيانات والحوسبة يعزز جهود الدولة في التحول الرقمي    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. انهيارات جليدية وأرضية إثر أمطار غزيرة شمالي الهند.. عائلات الأسرى لنتنياهو: لقد سئمنا.. شهداء وجرحى فى غارات إسرائيلية على غزة والنصيرات بقطاع غزة    النيابة تنتدب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق شب داخل مطعم مأكولات سوري شهير بالمعادي    حكم الشرع في الوصية الواجبة.. دار الإفتاء تجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    رسميا.. بدء إجازة نهاية العام لطلاب الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية بهذا الموعد    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    كوافيرة لمدة 20 سنة حتى الوصول لمديرة إقليمية بأمازون.. شيرين بدر تكشف التفاصيل    «المقاطعة تنجح».. محمد غريب: سعر السمك انخفض 10% ببورسعيد (فيديو)    مصطفى عمار: القارئ يحتاج صحافة الرأي.. وواكبنا الثورة التكنولوجية ب3 أشياء    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    مصدران: محققون من المحكمة الجنائية الدولية حصلوا على شهادات من طواقم طبية بغزة    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    بعد اعتراف أسترازينيكا بآثار لقاح كورونا المميتة.. ما مصير من حصلوا على الجرعات؟ (فيديو)    ما رد وزارة الصحة على اعتراف أسترازينيكا بتسبب اللقاح في جلطات؟    تعيين إمام محمدين رئيسًا لقطاع الناشئين بنادي مودرن فيوتشر    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 30/4/2024 في مصر    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    تقديم موعد مران الأهلى الأخير قبل مباراة الإسماعيلى    خليل شمام: نهائى أفريقيا خارج التوقعات.. والأهلى لديه أفضلية صغيرة عن الترجى    بالرابط، خطوات الاستعلام عن موعد الاختبار الإلكتروني لوظائف مصلحة الخبراء بوزارة العدل    خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله -(فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحسن ليلة فى مصر كما وصفها المسعودى..
«اللى ما ياكل قلقاس فى الغطاس يصبح من غير راس»
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 01 - 2016

يحتفل الأقباط بعيد الغطاس يوم 11 طوبه الموافق 19 و 20 يناير من كل عام، وهذا العيد هو تذكار المعمودية السيد المسيح على يد «يوحنا المعمدان» في نهر الأردن، وتقيم الكنيسة احتفالاً بهذه المناسبة فى ليلة العيد، حيث يُعد اللَّقّان بغسله جيداً ومَلئه بماء عذب، أو يوضع الماء في طبق كبير على مِنضدة وعن يمينه ويساره شمعتان. ثم تبدأ مراسم «صلاة اللَّقّان» أىْ »تبريك المياهب، يتبعها رش الحاضرين بالماء للبركة، ويُختتم بصلوات القداس الإلهىّ.
وذكر المؤرخون أن طقوس احتفال المسيحيِّين فى مِصر بعيد الغطاس كانت تقام على ضفاف النيل بحمل المشاعل، ثم يغطَّسون فى النهر بعد إتمام الصلوات وإلقاء الصليب المقدس فيه، ثم يعودون إلى الكنائس لإتمام بقية طقوس الاحتفال. واستقر إجراء طقس تقديس المياه فى عيد «الغطاس» داخل مبنى الكنيسة حيث تقام صلاة االلَّقّان» ليلة العيد.
وذكر «المسعودي» أنه حضر سنة 930 م ليلة الغطاس بمصر، وكان «محمد بن طغج الأخشيدي» في داره المعروفة «بالمختارة» في الجزيرة، وقد أمر فأسرجت المشاعل على شاطئ الجزيرة ومصر، وفيه يخرج الناس إلى الشاطئ، وحضر هذا الاحتفال مائة ألف شخص من المسلمين والنصارى، بعضهم كان في النيل، وبعضهم في الدور أو على الشاطئ، وكلهم أتى بما يمكنه من المآكل والمشارب وآلات الذهب والفضة والجواهر.
ووصفها «المسعودي» بأنها أحسن ليلة في مصر وأشملها سروراً ولا تغلق فيها الدروب ويغطس أكثرهم في النيل ويزعمون أن ذلك أمان من المرض والداء.
ويقول «ابن المأمون»: «كان من رسوم الدولة أن يُفرَّق على سائر الدولة في ليلة الغطاس النارينج والليمون وأطنان القصب والسمك البوري برسوم مقررة لكل واحد من أرباب السيوف والأقلام». وقد أبطل هذا الحفل في عهد المماليك الشراكسة.
ومن هنا نرى كيف أن التاريخ حفظ الفولكلور وسجَّله في ذاكرته ووجدان الأجيال وعاطفة الشعب، وبالمقابل صنع الفولكلور تاريخاً فأعطى للأحداث أبعادا شعبية، وضمن استمراريتها عبر الحكايات الشعبية والسير، والملاحم.
وتجدر الإشارة إلى أن المصريين القدماء كان لديهم عيد يسمى «الانقلاب الشتوي» وكانوا يغطسون خلاله فى مياه النيل محتفلين بحرث الأرض ونثر البذور، وكان في ذات توقيت عيد الغطاس.
ومن العادات الشعبية التي درج عليها الشعب في عيد الغطاس صناعة «فانوس الغطاس» من الخشب على هيئة صليب وفي جوانبه الأربعة توضع شموع مضيئة، وكانوا فى مدينة «أخميم» يضعون بدلا من الشموع خشب الصنوبر الذي يضيء وتفوح منه رائحة جميلة، ويطوف الأطفال بالفوانيس في الحواري والمنازل ويغنون:
ليلتنا صيصة
بقرتنا ولدت عجيلة
وفي وشَّها نوَّارة
تنور في كل حارة
مسلمين ونصارى
ومن العادات الطريفة أيضا في الغطاس، أن الأطفال كانوا يفرغون ثمرات «اليوسفي» من فصوصها عبر فتحة صغيرة، ويحافظون على قشرتها الخارجية سليمة ويضعون الشموع المضيئة بداخلها لتكون كالفانوس يُشعُّ ضوءا برتقاليا جميلا، ومع أعداد كبيرة منها في الشوارع تشيع البهجة في النفوس. وكذلك اعتاد الأقباط شراء القصب حيث يكون في عز موسمه، ويمصون أعواده باستمتاع كبير.
وكان الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي قد تحدث عن ذكرياته في ليلة الغطاس بقريته «أبنود» بمحافظة قنا بقوله: كان كل أطفال القرية نصارى ومسلمين يرفعون صلبانهم المضيئة بالشموع والمغروسة فى أعواد القصب، تخيل نفسك تطل من فوق سطح البيت وترى الصلبان المضيئة تمر تحت دارك بالمئات، وأمهاتنا يرششن الفشار وقطع السكر والحمص ويزغردن، ويمر الموكب من درب إلى درب، بشموعه المتلألئة والزغاريد، ونحن نردد أغنية مهيبة لا نعرف معناها:
يا بلابيصا
بلبصى الجلبة
يا على .. يا بنى
جوم بنا بدرى
دى السنة فاتت
والمرا .. ماتت
والجمل برطع
كسر المدفع
وحاول «الأبنودي» تفسير معاني الأغنية بأن السنة القديمة انقضت، وهى أشبه بامرأة ماتت، لتأتى بدلا منها سنة على هيئة فتاة شابة ستكبر بدورها وترحل مع بداية العام التالي. وكلمة بلابيص ومشتقاتها هنا تشير لتعرية المواليد الجُدد من الأقباط أثناء تعميدهم.
وفي الأقصر وقنا كان الأطفال يخرجون إلى ضفاف النيل ويرددون بعض الأغاني الشعبية أشهرها:
ليلتك يا بلابيصا ليلة هنا وزهور
وفي ليلتك يا بلابيصا حنُّوا العصفور
وفي الغطاس يتصدر القلقاس المائدة، ويقول المثل الشعبي «اللِّي ما ياكلش قلقاس فى الغطاس يصبح من غير راس»، وهذه ضمن اعتياد المصريين كلهم على تناول فواكه وخضار الموسم في احتفالهم بالأعياد.
وهناك أمثال شعبية ترتبط بالغطاس ومنها: في الغطاس مصّ القصب وأكل قلقاس، و يغطس النصراني ويطلع البرد الحقاني، وتبين الأمثلة الشعبية مدى ارتباط الغطاس كعيد وتوقيت بالظروف الطبيعية والمناخية، والأهم هو ارتباط المسلم والمسيحي في طقس واحد، ومثل شعبي واحد، ووجدان متصل، وهذا يثبت أن التاريخ الحقيقي هو الذي ينتجه عامة الشعب، ويصوغه في فنونه الفطرية بحكمة وبراعة تفضل وعي النخبة في كثير من التجليات.
واعتاد المسلمون مشاركة الأقباط منذ القدم الذهاب إلى نهر النيل، والغطس فيه احتفالاً بعماد السيد المسيح، ولاعتقادهم جميعاً أن الغطس في هذا اليوم يقيهم من الأمراض طوال العام، وكما ارتبطت الذكرى في فلسطين بالغطس في نهر الأردنّ، ارتبطت فى مِصر بمياه النيل، نبع الحياة للمصريين، وسر استقرارهم، ورمز التطهر والبركة ما يضفي على العيد الديني بُعداً وطنياً مبهجاً.
ولم تكن الفوانيس المضيئة التي يدور بها الأطفال المصريون من المسلمين والمسيحيين على حد سواء، سوى نور تاريخي يضئ حياتنا وقلوبنا جميعا، وليست الحارات فقط، وستبقى الأمثال والأغاني الشعبية تاجا لهذا العيد، وكل الأعياد التي وحدتها ثقافة الشعب بالسماحة المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.