بقطعة من الفحم.. بتبشورتي المكسورة وقلمي الأحمر.. ارسم باسمك اسم ثغرك.. علامة ساقيك.. علي جدار لا احد.. علي الباب الممنوع.. انقش اسم جسدك.. حتي ينزف نصل سكيني.. ويصرخ الحجر ويتنفس الجدار كنهر.. لماذا؟! يري العالم أن الجرأة تواتي أدباء أمريكا اللاتينية ولماذا نحن خجولون أمام النص الإبداعي؟! هل صحيح أن مصر أولي بالواقعية السحرية منهم؟ هذا الزخم والتنوع الثقافي المدهش والتراكم الحضاري والفني والانساني والوجداني في بلادنا.. لا يقل توهجا عن مثيله في أمريكا اللاتينية.. فلماذا فعلوها هم ولماذا نحن ها هنا قاعدون؟!.. اوكتافيو باث الشاعر المكسيكي.. ظل يناطح ويتوهج حتي نصف عقده التاسع وحتي ما بعد حصوله علي جائزة نوبل.. هل هم منفتحون أكثر علي العالم؟! ربما.. استفادوا من الفرنسيين والحركة السوريالية نحو آفاق التحرر الأدبي والإبداعي كما استفادوا من قبل من الانجليز والألمان في المدرسة الرومانسية التي تنتشر دائما بقدرة تصاعدية للكلمة.. أوكتافيو باث تعلم من هؤلاء وتعلم من تجواله كدبلوماسي لبلاده ثم سفيرا في اليابان وتعلم كذلك من الحراك السياسي في طفولته, حيث كان أبوه مستشارا للزعيم زباتا حتي منفاه في لوس انجيلوس.. وتعلم أيضا أن الأدب تعبير عن احساس بالحرمان وأنه ملاذ ضد الشعور بشيء ما ضائع.. وتعلم أيضا قدر أية فكرة هو أن تتم خيانتها.. خان الشيوعيون ماركس.. وكثيرا ما خانت كنيسة أوروبا المسيح.. وكثيرا ما تخون البرجوازية الليبراليين.. أجمل ما في تجربة أوكتافيو باث أنه شاعر كوزمو بوليتاني شاعر انساني عاش ثقافات الهند وآسيا والأفارقة وعاش مدنية أمريكا وأوروبا.. وتصالح مع انسانيته متجاوزا النعرات القومية..ومتصالحا حتي مع الموت, كان يقول إن الجهلاء وحدهم هم من يتدربون علي الأحزان لمواجهة الموت.. أما الأذكياء فإنهم يتدربون علي الابتسام لمواجهة حياة أخري جديدة.. عاش في معارك كثيرة.. حتي إن موته تسبب في حرب عائلية حول الإرث الذي تركه بملايين الدولارات.. كانت لديه نظرة ذات سبعة كفوف.. سبعة ألوان.. سبعة أقدام يصعد بها نحو قوس قزح.. سبع كفوف بالكف الأولي..يضرب علي طبول القمر وبالثانية يبذر الطيور في حقول الرياح وبالثالثة يضع النجوم في الأقداح.. وبالرابعة يكتب اسطورة عن عصر الحلزون وبالخامسة يقذف بالجزر في الكهرباء.. وبالسادسة يصفع المرأة التي خلطت الليل بالماء وبالسابعة يمسح ما عمله فيبدأ من جديد.. هل أوكتافيو باث هو لوركا المكسيك؟! ربما.. الحداثة والانفتاح والمراوغة والانشداه والكر والفر.. حراك ثقافي مهم جدا.. حتي يستعيد المبدع لباقته مرة أخري.. مازال ميراث الخوف يسيطر علي المبدعين يخافون من التجريب ويخافون من التجريد.. ومن الكبار.. ومن الجماهير.. ومن كل شيء فيقتل الخوف في داخلهم أجمل مغامرات الإبداع.. صلاح جاهين كان دوما يحرض علي التجريئ ويقول ولدي نصحتك لما صوتي اتنبح.. ما تخافش من جني ولا من شبح إن هب فيك عفريت قتيل اسأله مدفعشي ليه عن نفسه يوم ماندبح.. عجبي.. واستعجابات كثيرة. [email protected]