أحدث ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز فيما يتعلق بالدراما كان تقريرا حول تأثير الدراما التركية على العالم وبالتحديد الدراما الأمريكية، حيث أكدت أن المسلسلات التركية أصبحت تهدد عرش الدراما الأمريكية ومركزها هوليوود في منطقة الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا. وقال سينا كول أوجلو -الناقد التلفزيوني التركي- في تصريحات خاصة للصحيفة الأمريكية نقلتها صحيفة "الشرق الأوسط": لقد انتهت الامبريالية الثقافية الأمريكية، فقبل سنوات، كنا نعيد بث مسلسلات (دالاس) و(ذا يانج آند ذا ريستليس). والآن، تعلّم كتاب المسلسلات الأتراك كيف يكيفون هذه المسلسلات على الموضوعات المحلية مع حبكات تناسب المسلمين، مشيرا إلى أن قيم الإنتاج الفني التركي قد تحسنت لدرجة دفعت الآسيويين وسكان شرق أوروبا لشراء المسلسلات التركية، وليس الأمريكية ولا البرازيلية ولا المكسيكية، كما قالت الصحيفة إن موجة من الميلودراما التركية قادها مسلسل "نور" شقت طريقها إلى غرف الجلوس العربية. ما ذكرته الصحيفة الأمريكية يكشف بكثير من الوضوح سر جاذبية الدراما التركية وقدرتها على التغلغل لقلب المتفرج العربي، الذي صار ينأى بنفسه عن متابعة الأعمال الدرامية العربية الأخرى التي صارت تحصر نفسها في قوالب المخدرات والعصابات والرشاوى والمحسوبيات وخلافه.. استطاعت الدراما التركية أن تعرف ما يشتاق إليه المشاهد العربي، وتقديمه له بحرفية شديدة وبكل أنواع الدراما سواء الرومانسية أو الاجتماعية أو حتى تلك التي تناولت أزمة الصراع العربي الإسرائيلي "صرخة حجر"، وإذا كان المسلسل الشهير "نور" هو صاحب الفتح الأول في جذب المشاهد العربي، فإن المسلسل التركي بشكل عام استطاع أن يحل محل المسلسل الأمريكي شديد الطول بالفعل، مثل مسلسل "ذا بولد آند ذا بيوتيفول" الذي شاهدته أجيال وأجيال وشاخ أبطاله في الحقيقة، ولكن الأحداث الدرامية مازالت شابة في نظر صناعها، فهي أشبه بيوميات ولكنها في الحقيقة يوميات باهتة بلا روح، أما المسلسلات التركية فقد صارت بالفعل الضيف الأول والمحبب في غرف الجلوس العربية لما بها من أحداث درامية أكثر حميمية بمواطن الشرق الأوسط بشكل عام، فكل مشاهد يرى نفسه في شخصية من شخصيات المسلسل التركي وليس أدل على ذلك من مسلسلات "تذكر يا عزيزي"، "فاطمة"، وغيرها، فهي مسلسلات إن دلت على شيء فإنما تدل على تنظيم كامل ووعي بأهمية تأثير الدراما بوضع بلادها في الصفوف الأولى بين الدول، وليس أدل على ذلك من أن تلك المسلسلات التركية استطاعت أن تنعش السياحة والاقتصاد التركي؛ لدرجة أن ملايين العرب صاروا يتهافتون الآن على زيارة تركيا، بيما أطلقت شركات الخطوط الجوية التركية رحلات مباشرة إلى دول الخليج العربي مستغلين نجوم المسلسلات الاجتماعية كمتحدثين رسميين باسمهم، والأكثر من ذلك أن شركات السياحة التركية صارت تطلق قوارب لنقل السائحين العرب أو الأوروبيين الذين يريدون إلقاء نظرة على الفيلا المطلة على البحر التي تم تصوير مسلسل "نور" فيها، حتى أن مالك هذا المنزل عرضه للبيع في السوق مقابل 50 مليون دولار، وحتى فترة قريبة، كان يتقاضى 60 دولارا مقابل جولة في المنزل، وهو ما يزيد على أربعة أضعاف سعر التذكرة لزيارة متحف "الباب العالي" أو "قصر توبكابي". تلك هي الدراما الحقيقية التي استطاعت أن تحقق الهدف الحقيقي منها بتوجيه أنظار العالم إليها، بحفنة من الأعمال الدرامية، في حين مازالت الدراما العربية تبحث عن مخرج من أزمة "الريادة" التي تلاحقها منذ سنوات، حتى سبقتها كل أنواع الدراما في العالم، وحتى أمريكا باستوديوهاتها الضخمة في هوليود لم تعد تستطيع ملاحقة سيل التقدم الدرامي الذي يهددها سواء من تركيا أو الهند أو الصين. [email protected] المزيد من مقالات باسم صادق