تبدو حالة الجدلية السياسية التي تشهدها البلاد وفوضي الاصوات الزاعقة, انعكاس لتضارب المصالح الخاصة والصراع علي انتزاع السلطة وانعدام الرؤي التوافقية بين جميع القوي السياسية ومحاولات سافرة للتدخل في رسم معالم خريطة التحول الديمقراطي لصنع ممر آمن للوصول الي سدة الحكم بعيدا عن اي منافسة جادة بين جميع القوي. اذ يسعي كل طرف لبسط نفوذه من خلال نظرياته الايديولوجية وعقائده المذهبية ومنابره الاعلامية وصولا لتحقق مكاسب السياسة دون ادني اعتبار للمصلحة العامة للبلاد او تهيئة المناخ المناسب لخوض التجربة الديمقراطية الوليدة في حين انه لاتوجد نظريات او قواعد ثابتة قابلة للنقل او الاقتباس من مجتمع إلي آخر. وكأننا امام تقسيم تركة شاغرة لا وارث لها ليدعي احقيته بها, الامر الذي يهدد برلمان الثورة بالرحيل ويجعله محلا للطعن لشبهة عدم دستورية ذلك النظام الانتخابي الذي بني عليه. وقد بدت نذر ذلك البطلان تلوح في الافق حيث احالت المحكمة الادارية العليا بعض مواد قانون الانتخابات الي المحكمة الدستورية العليا استنادا الي مبدأ الاخلال, بالمساواة بين المرشحين, حيث سمحت مواد ذلك القانون لمرشحي الاحزاب بالترشيح ايضا علي المقاعد الفردية فضلا عن اختصاصهم بثلثي مقاعد البرلمان وهو مايعد اهدارا لمبدأ تكافؤ الفرص لاسيما ان هناك سابقة قضائية في ذلك الصدد اذ قضت المحكمة الدستورية العليا عام1990 ببطلان مواد قانون الانتخابات لاخلاله بمبدأ المساواة بين المرشحين الفردي والقوائم وعلي اثرها تم حل البرلمان من1987 وهو مايقود البلاد إلي حالة من الصراع الفقهي في حالة قبول ذلك الطعن هل يقف اثره علي المقاعد الفردية التي شاركت فيها الاحزاب فقط ام يمتد الي جميع المقاعد الفردية كافة باعتبارها وليدة قانون باطل ام سوف ينال من البرلمان برمته باعتبار ان الاغلبية الغالبة للمصريين غير منتمين لاحزاب وان المقيدين بها نسبة لا تتعدي خمسة ملايين مواطن تقريبا لاسيما ان الاصوات والحركات التي دعت الي تلك التعديلات قد عجزت عن تكوين احزاب سياسية حتي تكتسب الشرعية في مواجهة باقي القوي السياسية وافراد المجتمع بما يسمح لها بممارسة العمل السياسي والحزبي علي اصول قانونية ومن تمكن منها من تكوين احزاب فشل في الحصول علي المقاعد الكافية تحت قبة البرلمان حتي نقف علي ماهية الوزن النسبي لها في الشارع المصري الذي تتحدث باسمه ودون تفويض لها بذلك وتفرض عليه القوامة السياسية والفكرية. ولايتسع ذلك المقام لاية مواجهات سياسية او اجتماعية حيث ان القضاء يتعامل مع هذه القضايا من منظور موضوعي بعيدا عن المصالح الفردية الخاصة. وهو مايهدد بوأد اول تجربة ديمقراطية حرة شهدتها البلاد وضياع اولي ثمار ثورة25 يناير ويلقي بظلال البطلان علي ماسوف يصدره البرلمان من تشريعات تعلقت بها أبصار المصريين.