جاء أول مشهد فى البرلمان صادما وغير متوقع، فهذا عضو يلوح للكاميرا عدة مرات فى تصرف أقل ما يقال عنه، إنه لا يليق بعضو فى مجلس النواب، وهذا آخر يبحث عن أى شىء يثير الانتباه إليه، ليكون مميزا عن الآخرين، فيضيف كلمة إلى القسم فى أثناء أدائه اليمين، ويلتف حوله أصدقاؤه لإعادة القسم بالنص الذى يلتزم به الجميع، وبعد محاولات يردده بلهجة سريعة وبطريقة غير لائقة، وهناك كثيرون افتعلوا بلبلة داخل المجلس، وحدث هرج شديد، فتم وقف إذاعة الجلسات على الهواء، وضاع على المواطنين متابعة ما يدور تحت قبة البرلمان كما هو بلا مونتاج، ولن تكتمل الصورة على هذا النحو أبدا، مما يفتح الباب للحديث عن الشفافية، وسيجعل الكثيرين من أعضاء المجلس يشوهون ما لا يروق لهم، من مناقشات وقرارات، بل وسوف ينسبون لأنفسهم مواقف وبطولات وهمية، وقد ندخل فى دائرة التكذيب، وطلب رفع الحصانة، وغير ذلك من الإجراءات التى تنتهى غالبا إلى لا شىء، والخاسر دائما هو المواطن الذى يفقد الأمل يوما بعد يوم فى اصلاح الأوضاع وعلاج المشكلات، وأحوال من انتخبهم لتمثيله فى البرلمان بهذه الصورة، ولكن ماذا يفيد الندم بعد فوات الأوان؟ وأحسب أن الخطوة العاجلة التى لا تحتمل أى تأخير هى أن يضبط «شلة المهرجين» فى المجلس أنفسهم، وأن يكونوا عند مستوى المسئولية، مع استمرار بث الجلسات على الهواء، لكى يتبين الناس حقيقة من انتخبوهم، ويعرفوا أنهم انخدعوا بوعود معسولة، وخطب رنانة، وأن كل ما كانوا ينتظرونه منهم ليس سوى سراب، فأمثال هؤلاء لا يعرفون إلى العطاء سبيلا، أو أنهم كما يقول المثل الإنجليزى الشهير «كثير الصياح قليل الإنتاج» أو هى «جعجعة بلا طحن»! لمزيد من مقالات أحمد البرى