كشفت «لجنة تقصى الحقائق» التى أمر الرئيس عبدالفتاح السيسى بتشكيلها، عن أوجه القصور والخلل وبطلان الاستدلال فيما نسب إلى المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، عن اكتشاف وقائع فساد خلال عام 2015 تتجاوز قيمتها 600 مليار جنيه. وقالت اللجنة فى بيان لها إلى الرأى العام أمس إنها واصلت عملها على مدى 14 يوما، امتثالا لرغبة الشارع المصرى فى استجلاء الحقائق، وأوضحت اللجنة أنه تم الاتصال برئيس جهاز المحاسبات نهاية الشهر الماضى للاستفسار ، فأفاد بأنه أعد «دراسة» بواسطة لجنة فنية من بعض العاملين بالجهاز، تتضمن الفترة بين عامى 2012 و2015، بعنوان: «دراسة عن تحليل تكاليف الفساد بالتطبيق على بعض القطاعات فى مصر»، دون الإشارة للمدى الزمنى للدراسة عند طرحها للرأى العام. وانتهت اللجنة إلى أن الدراسة المذكورة شابتها أوجه قصور وخلل شديد، أفضت إلى تأثيرات سلبية على الأوضاع الاقتصادية والسياسية للبلاد. وأجمل تقرير اللجنة صور القصور التى اعترت تصريحات المستشار جنينة فى خمسة بنود أساسية: أولها التضليل والتضخيم المتعمد فى حجم وقيمة ما يسمى «الفساد»، بتكوين وتجميع «أرقام» أكثر من مرة، مثل احتساب مبلغ 174 مليار جنيه، تمثل تعديات بمدينة السادات كأموال مهدرة على الدولة، رغم إثبات أجهزة الدولة تلك التعديات عام 2015. ولفت التقرير إلى «فقدان المصداقية»، عبر «تجميع مفتعل» لوقائع حدثت منذ عشرات السنوات، وإثبات استمرارها دون تصويب، كذريعة لإدراجها »المغرض« ضمن عام 2015، والمثال الصارخ واقعة التعدى على أراضى الأوقاف فى عشرينيات القرن الماضي، ومخالفات المبانى بهيئة المجتمعات العمرانية عام 1979، فى الوقت نفسه لم تتعرض «الدراسة» المذكورة لأى وقائع تخص الفترة الزمنية للعام المالى الحالى، وقد تبين عدم الانتهاء حتى تاريخه من التقارير السنوية المجمعة عن العام المالى 2013/2014 وما بعده.. وهو ما يكشف الإصرار على التضخيم والتضليل. ورصد التقرير ما سماه «الإغفال المتعمد» لملاحظات جهات التحقيق، سواء النيابة العامة أو الإدارية أو الإجراءات الحاسمة عبر المحاكمات، وما صدر عنها من أحكام بالإدانة أو البراءة، وكذلك إساءة توظيف الأرقام والسياسات وإظهار «الإيجابيات بشكل سلبى»، كاعتبار تأخر سداد مديونيات الشركاء الأجانب بقطاع البترول وجدولتها فسادا، والتغاضى عن الظروف السياسية والاقتصادية التى مرت بها البلاد وأخرت سداد المديونيات وعرضت هؤلاء الشركاء لخسائر. واستشهد التقرير فى هذا السياق بإدراج »الدراسة« مبلغ 134.64 مليار جنيه لعدم التزام هيئة المجتمعات العمرانية منذ إنشائها عام 1979 بتخصيص 5 كيلو مترات حول كل مدينة كأراضى بناء، مما عطل الاستفادة بتلك المساحة، دون مراعاة أن مثل هذه التصريحات غير المسئولة والدراسات غير الدقيقة يمكن أن تستخدمها «المنظمات الدولية» فى تصنيف وترتيب الدول. وشددت اللجنة على ما سمته «إساءة استخدام كلمة الفساد» وشيوع استخدامها بعيدا عما أقرته المواثيق الوطنية والدولية، وهو ما يثير الظلال والتساؤلات حول تصريحات رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات و«الدراسة» علما بأنها معدة بالاشتراك مع جهات أجنبية، مما قد يضر بالمناخ السياسى والاقتصادى للدولة، فى حين تسعى مصر بكل السبل لجذب الاستثمارات لتوفير فرص العمل والحياة الكريمة لمواطنيها. يذكر أن «لجنة تقصى الحقائق» التى شكلها رئيس الجمهورية تضم مسئولين من وزارات العدل، والتخطيط، والمالية، والداخلية برئاسة رئيس هيئة الرقابة الادارية وعضوية نائب رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات.
نص بيان لجنة تقصى الحقائق حول ال 600 مليار جنيه : فى الوقت الذى تجتمع فيه كل الجهود صوب بناء دولة ديمقراطية قوية تؤمن بالحوكمة والإدارة الرشيدة واقتلاع جذور الفساد بكل صوره وأشكاله . وتنفيذا لتكليف السيد رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة تقصى حقائق تضم عددا من المسئولين بوزارات العدل والتخطيط والمالية والداخلية وبرئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية وعضوية نائب رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات. وذلك للوقوف على حقيقة ما نشرته وسائل الإعلام فى 24/12/2015 من تصريحات منسوبة للسيد/ رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات عن اكتشافه وقائع فساد خلال عام 2015 تجاوزت قيمتها 600 مليار جنيه. وفى هذا الإطار فقد تم تحقيق الاتصال بالسيد/ رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات بتاريخ 27/12/2015 للاستفسار عن حقيقة ذلك التصريح، حيث أفاد بأنه قد أعد دراسة بواسطة لجنة فنية شكلها سيادته من بعض العاملين فى الجهاز برئاسته انتهت إلى صحة ذلك الرقم وأنه يتضمن الفترة من عام 2012 حتى عام 2015 وقام بإرسال نسخة من هذه الدراسة إلى اللجنة معنونة (دراسة عن تحليل تكاليف الفساد بالتطبيق على بعض القطاعات فى مصر) وذلك دون الإشارة للمدى الزمنى للدراسة. وفى ضوء هذه المداخلات وبالاستعانة بعدد من الأساتذة والخبراء فى علوم المحاسبة والاقتصاد والإحصاء والذين انضم إليهم عدد من السادة الأعضاء من داخل الجهاز المركزى للمحاسبات فقد مارست اللجنة عملها على مدار 14 يوما. وانتهت من تقريرها الذى بات ملكا للرأى العام الذى يطلب استجلاء الحقيقة وإزالة أى لبس أو غموض شاب تلك التصريحات. ويمكن إجمال تقرير اللجنة فى خمسة بنود أساسية تصف وتحلل ما اعترى تلك التصريحات وما شاب هذه الدراسة من قصور على النحو التالي: التضليل والتضخيم : أولا: التضليل والتضخيم فى حجم وقيمة ما سُمى بالفساد وذلك بتكوين وتجميع بعض الأرقام أكثر من مرة وتحت مسميات عدة فى أكثر من موضع وامتدادا لأسلوب التضليل والتضخيم تم احتساب مبلغ 174 مليار جنيه تمثل تعديات بمدينة السادات كأموال مهدرة على الدولة على الرغم من إثبات إزالة أجهزة الدولة لتلك التعديات بالكامل عام 2015. فقدان المصداقية : ثانيا: فقدان المصداقية حينما يتم ترتيب وتجميع مفتعل لوقائع حدثت منذ عشرات السنوات وإثبات استمرارها دون تصويب كذريعة لإدراجها المغرض ضمن عام 2015. وكمثال صارخ على ذلك تضمين واقعة التعدى على أراضى الأوقاف منذ عشرينيات القرن الماضى ومخالفات مبان بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة منذ عام 1979. فضلا عن عدم تعرض الدراسة غير المدققة لأى وقائع تخص الفترة الزمنية للعام المالى الحالي، خاصة وأنه قد تبين عدم الانتهاء حتى تاريخه من إعداد التقارير السنوية المجمعة عن العام المالى 2013/2014 وكذا عام 2014/2015. الإغفال المتعمد : ثالثاً: الإغفال المتعمد فى ما تم اتخاذه من قرارات حيال ملاحظات سبق إثباتها فى تقارير الأعوام الماضية وتم الرد عليها وإحالة بعضها لجهات التحقيق عند المقتضي، سواء النيابة العامة أو النيابة الإدارية، وتم اتخاذ إجراءات حاسمة إما بالحفظ أو الإحالة للمحاكمات، وصدرت أحكام فى بعضها بالبراءة أو الإدانة والأمثلة أيضاً عديدة. رابعاً: إساءة توظيف الأرقام والسياسات مما يظهر الإيجابيات بشكل سلبى ومنها على سبيل المثال: 1-اعتبار تأخر سداد مديونيات الشركاء الأجانب بقطاع البترول وجدولتها فسادا يتمثل فى قيمة فواتير الجدوله نظرا لغياب أو تغييب الحس الاقتصادى لأوضاع البلاد الاقتصادية، وما تعرضت له هذه الشركات من خسائر نتيجة الأحداث السياسية ودعاوى التحكيم. 2- إدراج مبلغ 134.64 مليار جنيه لعدم التزام هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة منذ إنشائها عام 1979 بتخصيص مساحة 5 كيلو مترات حول كل مدينة كأراضى بناء، مما عطل الاستفادة بقيمة تلك المساحات دون مراعاة أن تلك التقارير غير الدقيقة والتصريحات غير المسئولة يمكن أن تستخدمها المنظمات الدولية فى ترتيب وتصنيف الدول، والتى تعد أهم مدخلات تتخذ على أساسها مؤسسات التموين الدولية قراراتها. اساءة استخدام كلمة فساد : خامساً: إساءة استخدام كلمة الفساد ووضعها فى مواضع أبعد ما تكون عما أقرته القوانين والمواثيق الوطنية والدولية والتعميم والخلط بين الوقائع والإجراءات وبين ما تم حسمه وما لم يتم حسمه وبين ما هو عام وما هو خاص الأمر الذى يصور كل الجهود والمبادرات التى تبذلها الدولة على أنه لا طائل من ورائها. وهنا يثور التساؤل حول أهداف وجدوى إطلاق ذلك التصريح، علما بأن الدراسة معدة بالاشتراك مع جهات أجنبية مما قد يضر بالمناخ السياسى والاقتصادى للدولة فى الوقت الذى تسعى فيه بكل السبل لجذب الاستثمارات لتوفير فرص عمل وحياة كريمة لمواطنيها. هذا وقد تلقت اللجنة أثناء عملها العديد من المراسلات والشكاوى من داخل الجهاز المركزى للمحاسبات حول سياسات ومقترحات تتعلق بغياب العدالة وعدم الشفافية. وفى هذا الصدد فإن اللجنة تبدى خالص التقدير والاحترام لكامل قيادات وأعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات خاصة من أبدوا تعاونا أثناء عمل اللجنة وتؤكد على وطنيتهم ودورهم الرئيسى فى ضبط وتصويب الأداء المالى لكافة قطاعات الدولة والذى يمارسونه بكل كفاءة واقتدار. وترتيباً على ما سبق وبعرض التقرير التفصيلى على السيد رئيس الجمهورية وافق سيادته على الآتي: 1-إرسال تقرير اللجنة إلى السيد رئيس مجلس النواب. 2-تكليف اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد برئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء والتى تضم كافة الجهات المعنية بمراجعة جميع البنود التى شملتها الدراسة محل الفحص تفصيلا والتأكد من اتخاذ الإجراءات القانونية فى كل واقعة ويبقى القول الكلمة مسئولية .. والمحاسبة واجبة والمعرفة من حق الشعب .