مع كل فترة تخرج علينا الجامعات الحكومية بتقليعة جديدة تزيد من آلام وجراح التعليم الجامعى والذى يتدهور حالة عاما بعد عام وأصبح يخرج أعدادا سنويا من العاطلين بسبب عدم قدرته على إعداد الطلاب خلال مرحلة البكالوريوس والدراسات العليا بدون مهارات أو قدرات، بالإضافة إلى تواجد التدريب العملى على الورق فقط والتوسع فى منح الدرجات العلمية الماجستير والدكتوراه بدون خطة بحث حقيقية ومتطلبات تحتاج إليها سوق العمل. والشاهد الأعظم على الفوضى التى تعيشها هذه الجامعات لضعف دور المجلس الأعلى للجامعات الاحتجاجات اليومية للحاصلين على درجتى الماجستير والدكتوراه والوقوف على أبواب وزارة التعليم العالى ومجلس الوزراء ونقابة الصحفيين مطالبين بالبحث لهم عن عمل بالرغم من أن السبب من الحصول على الدراسات العليا ليس للتعيين بل للارتقاء بالعمل البحثى فى جميع القطاعات وفقا للدرجة العلمية. وتحت سمع وبصر المجلس الأعلى للجامعات تعلن هذه الجامعات عن درجتى الماجستير والدكتوراه المهنية مقابل سداد مصروفات مرتفعة للحصول عليها مع وقف التقدم للدرجتين أكاديميا والقصد الحصول على أموال كما حدث مع بداية فتح أبواب الالتحاق بالتعليم المفتوح. والأغرب من ذلك أن الجامعات لا تعلن للراغبين والمتقدمين إليها الفرق بين هذه الشهادات والشهادات الأكاديمية التى تمنحها، ثم يصبح لدى المجتمع أزمة شهادات يدخلنا فى دوامة خداع للحاصلين على هذه الدرجات تكشف عنها الأيام القادمة ويعيش المجتمع أزمات فى غنى عنها. وحول هذه القضية أكد الدكتور هشام مخلوف أستاذ السكان بجامعة القاهرة ورئيس جمعية الديموجرافيين والجمعية الإحصائية المصرية فى رسالة ل "الأهرام" تحت عنوان " قوانين التعليم وأزمة الحاصلين على الدكتوراه والماجستير" شىء عجيب أن نرى عشرات الحاصلين على درجتى الماجستير والدكتوراه يقفون على أرصفة وزارة التعليم العالى بل ويقطعون المرور بشارع قصر العينى للمطالبة بالتعيين بعدما حصلوا عليه من درجات علمية حيث إن هذه الظاهرة توضح أولا أن هناك نوعا من الخلل فى ثقافة هؤلاء الذين تربوا على أن الحكومة هى "ماما وبابا" وثانيا خلل أيضا فى اختيار طلاب الدراسات العليا للنقاط البحثية عند إعداد رسائلهم دون البحث عما تحتاجه سوق العمل، وثالثا إن مسئولية اختيار نقاط البحث لا تقع فقط على مسئولية الطالب فقط بل تقع كذلك على الأقسام العلمية بالكليات التى توافق على تسجيل سيل من الرسائل دون ضوابط علمية فعلية تراعى حاجة المجتمع من التخصصات العلمية وتراعى كذلك كفاءة الطالب وجودة المنتج العلمى للطالب من رسائل الماجستير والدكتوراه مما ينتج فى النهاية طوفان من الرسائل تم اعتمادها من الجامعات الحكومية عاما بعد عام ويعلم الله مستواها وأهمية نقاط البحث التى تناولتها هذه الرسائل . وقال وأخيرا هناك ظاهرة غريبة ظهرت فى الجامعات الحكومية ويقال إنها ستظهر قريبا فى مؤسسات التعليم العالى الخاصة وهى ظاهرة الشهادات المهنية حيث يمنح الطالب "شهادات الدبلوم أو الماجستير أو الدكتوراه المهنية" بأقل مجهود وبأعلى المصروفات.. وبأقل مجهود لأنهم ينتظمون فى دراسات شبه شكلية لساعات محدودة يومين فى الأسبوع بينهم الجمعة وبأعلى مصروفات حيث يدفع الطالب مبالغ تصل إلى 20 و30 ألف جنيه!!. وأوضح أن هذه الشهادات كما هو واضح من اسمها شهادات مهنية يفترض أن يحصل عليها الشخص لضمان التأهل لأداء وظيفة أو مهنة بالشكل الأمثل فى حقل مهنى متخصص دقيق ويتم الحصول عليها عادة من مجتمع مهنى أو مؤسسة تعليمية مهنية وليس من مؤسسات تعليمية أكاديمية. وبالإضافة إلى ذلك أن مثل هذه الشهادات كما هو واضح من اسمها شهادات مهنية أى تختلط فيها الدراسة النظرية والعملية، وقد يكون هذا مقبولا فى درجة الدبلوم التى تعتبر درجات لإعادة التأهيل لتخصصات تحتاج إليها سوق العمل. وتعجب الدكتور هشام مخلوف قائلا: كيف يقبل ويصدق المجلس الأعلى للجامعات على إنشاء تلك الشهادات أو ليس هذا بمثابة شراء شهادات مقابل اقل مجهود وأعلى مصروفات؟! وهل مجتمعنا فى حاجة إلى مزيد من شهادات الماجستير والدكتوراه فى تخصصات لا تحتاجها سوق العمل طمعا فى لقب دكتور وبالطبع سوف تختفى كلمة مهنى عند كتابة هذا اللقب حيث إن الخريج سوف لا يذكر أنها شهادة مهنية كما حصل فى الحاصلين على شهادة التعليم المفتوح؟. وأشار إلى انه للأسف الشديد إدارة الجامعات قد تسعد بعمداء الكليات الذين حققوا اكبر إيرادات كما قد تعتبرها الإدارة عوامل النجاح حتى ولو كان هذا على حساب جودة البرامج التعليمية التى يتم إنشاؤها تحت مسميات مختلفة لا توجد للآسف إلا فى جامعاتنا وبعد ذلك نقول ونكرر بصوت عال التعليم قاطرة التنمية.