إذا تأملت ما يستشهد به أهل الزيغ من أدلة دينية على أفعالهم الضالة، فلن تجدها أكثر من متشابهات يخضعونها لتأويل لم يأت به أحدٌ من أهل السلف، اعتماداً على فكر علمائهم المنحرف، وعلى هذا الأسلوب تأتى كل استدلالات جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات التى تريد أن تضع لأفعالها غطاءً دينياً زائفاً، سواء لتبرير خروجهم فى "هوجة" يناير 2011، أو لدعوتهم المخدوعين للخروج فى ذكراها هذا الشهر، وقد أصبح من الواضح أنهم لم ولن يتعلموا أبداً كيف يتخذون قراراتهم دون أن تطغى عليهم أهواؤهم، ثم يُصِرون –هم وأتباعهم- على إلباسها رداء الدين، والدين من أفعالهم براء. وفى السطور التالية أُذَكِّر من يدَّعون أنهم لا يتصرفون إلا من خلال دين الإسلام الحنيف ببعض الأحاديث النبوية، وأطالبهم ببحث أقوال علماء السلف الثقات فيها، فلعل ذلك يوقظهم من سباتهم العميق الذى يصرون على السقوط فيه: - سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:يَا نَبِيَّ الله، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْه، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَجَذَبَهُ الأشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ". (مسلم). - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهاَ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ، قَالَ: "تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ الله الَّذِي لَكُمْ". (متفق عليه). - "مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقيَ اللهَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لا حُجَّةَ لَهُ. وَمَنْ مَاتَ وَلَيسَ فِيْ عُنُقِه بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيْتَةً جَاهِلِيّةً". (مسلم) -عن حذيفة -رضي الله عنه- قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ" قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ الله إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ؛ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ". (مسلم) - عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، لا نَسْأَلُكَ عَنْ طَاعَةِ مَنِ اتَّقَى، وَلَكِنْ مَنْ فَعَلَ وَفَعَلَ، فَذَكَرَ الشَّرَّ، فَقَالَ: "اتَّقُوا الله، وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا". (أخرجه ابن أبي عاصم في السنة، وصححه الالباني). - عن ابن عمر -رضي الله عنهما -، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، إِلاَّ أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَة". (متفق عليه) وعدم السمع والطاعة هنا يكون فى الأمور التى فيها معصية فقط، مع استمرارهما فى الأمور الأخرى. - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- "عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِى عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ". (مسلم). - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئاً فَلْيَصْبِر، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً". (البخارى ومسلم). وأوجه طلبى الأخير لمُدَّعى العلم الذين أعلم أنهم لا يطيقون بذل مجهود ولو بسيط فى تخريج حديث واحد مع رغبتهم فى الحفاظ على مظهرهم الكاذب أمام المفتونين بهم، أدعوهم -قبل أن يشككوا كالعادة- أن يتقوا الله وأن يراجعوا تلك الأحاديث وغيرها، وأقوال الصحابة والسلف فيها، لعل الله يجعل لهم بها مخرجاً من الفتنة التى غرقوا فيها حتى آذانهم.. اللهم إنى قد بلغت.. اللهم فاشهد. لمزيد من مقالات عماد عبد الراضى