بعد أن كان يتحسس حلمه ليصبح محامياً شهيرا، بين عشية وضحاها وجد نفسه كفيف البصر، تبدل حاله، ولكن لم تتبدل إرادته، ولم توهن عزيمته. واستطاع استكمال دراسته فى كلية الحقوق حتى تخرج فيها، وتمكن من توظيف ملكاته بشكل صحيح يساعده على مواصلة الحياة، والمضى فى طريقه كما يريد, بعض هذه الملكات لا ندركها إلإ وقت الشدة، فقد اكتشف قدرته على التخيل وربط الأشياء بعضها ببعض وحفظ الأرقام.. إنه المحامى خالد حنفى 43عامًا الذى تم تعيينه نائبًا بالبرلمان منذ بضعة أيام، التقت به «صفحة صناع التحدى» لنتعرف منه على مسيرة حياته. يقول: ذات يوم بعد استيقاظى من النوم شعرت بشئ غريب فى عينى، وعندما حاولت قراءة أحد الكتب لم أتمكن، فذهبت إلى الطبيب، وأخبرنى أنه حدث ارتفاع شديد فى ضغط العين أدى إلى ضمور فى العصب البصرى، وذلك مقدمة لفقدانى البصر نهائيا، وبالفعل هذا ما حدث خلال أيام قليلة، وتعتبر هذه الحالة من الحالات النادرة جدا, وقد كنت وقتها فى العام الثانى بكلية الحقوق جامعة القاهرة، بعد هذه الواقعة بفترة قصيرة توفى والدى، ولحقت به والدتى، وهذه كانت أصعب المحن التى تعرضت لها فى حياتى. دراسة القانون وعن بداية مشواره المهنى حتى وصل إلى عضوية البرلمان يقول: بعد التخرج حاولت الالتحاق بأحد مكاتب المحاماة، ولكن لم يوافق أى محام على عملى بمكتبه بحجة أننى شخص كفيف, لذلك قررت أن أعمل بمفردى، وفى البداية كنت أعتمد على أحد إخوتى فى كتابة المذكرات أو قراءة كتاب فى القانون، ثم أصبحت أفعل كل شئ بمفردى, وفى الوقت نفسه كنت أواصل دراستى الأكاديمية حيث حصلت على دبلوم دراسات قضائية، وكنت الأول على الدفعة، ثم دبلوم قانون خاص, وحصلت على عضوية اتحاد المحامين العرب لفترة، وأصبحت المنسق العام للجنة ذوى الإعاقة بنقابة المحامين المصرية منذ عام 2005حتى الآن، كما شاركت فى الجلسات التحضيرية للوفد المصرى المسافر لاتفاقية الأممالمتحدة عام 2006. التكنولوجيا وذوو الإعاقة ويضيف: العقبات التى واجهتنى وأنا كفيف جعلتنى أفكر فى توظيف التكنولوجيا لخدمة ذوى الإعاقة، لذلك تعاونت مع إحدى شركات المحمول لإطلاق أول برنامج للعملة المصرية على الهواتف المحمولة للمكفوفين، وهو عبارة عن برنامج يعمل على أجهزة المحمول حيث توضع العملة اسفلة، فيقوم الهاتف بنطق قيمتها ليعرف الكفيف عدد النقود التى معه, أيضا تعاونت مع شركة مترو الأنفاق لتزويد المترو بخدمة صوتية للتنويه عن المحطات لمساعدة المكفوفين, كما قمت مع مكتبة الإسكندرية بإطلاق مشروع «سفارات المعرفة» وهو خاص بالشباب المكفوفين حيث ذهبت إلى محافظات مصر بصحبة فريق لتوعية هؤلاء الشباب بحقوقهم القانونية والدستورية، وقامت مكتبة الإسكندرية بتكريمى لجهودى فى هذا المشروع، كما حصلت على تكريم من المجلس القومى لحقوق الإنسان لإسهاماتى فى مجال ذوى الإعاقة، ومن خلال عملى عضوا بالجنة القانونية بالمجلس القومى لشئون الإعاقة قمت بتهيئة مجلس النواب ليستقبل ذوى الإعاقة من خلال تزويد القاعة بمترجمى لغة إشارة وقمت بتدريب نحو 240موظفا فى كيفية التعامل مع ذوى الإعاقة. رفع الأثقال بالأقدام يسترجع حنفى ذكريات الطفولة: كنت طفال شقيا جدا يحب الرياضة خاصة السباحة وتنس طاولة وركوب الدراجات، وفى مرحلة الشباب كنت ألعب رفع أثقال ولكن بأقدامى، ومن الهوايات التى أفادتنى كثيرا عشقى لسماع الإذاعة خاصة الأجنبية مما أثرى عندى اللغات كالإنجليزية والفرنسية. حلم العمر ويستكمل حنفى قائلا: لم أعلم بتعيينى فى البرلمان إلإ قبل ساعتين من صدور القرار، وكان مفاجأة كبيرة لى، وعندما علمت بأسماء باقى المعينين لاحظت أن متوسط أعمارهم 45عامًا، ولذلك أقول أن هناك تغييراً يحدث فى مصر حيث كان متوسط أعمار نواب البرلمان قبل ذلك نحو 65عاما, رغم وصولى إلى مجلس النواب إلا أننى مازلت أحلم بالحصول على الدكتوراه والتدريس فى الجامعة الذى أعتبره حلم العمر. نائب الشعب وفى نهاية الحوار يقول حنفى: أعتبر نفسى نائبًا عن الشعب المصرى كله وليس ذوى الإعاقة فقط، ولقد أصبحت مصالح الشعب المصرى كله أمانة فى عنقى، لذلك التشريعات الاقتصادية أولى أولوياتى لإنعاش الاقتصاد المصرى بما لا يمس هيبة الدولة إلى جانب مناقشة قوانين الأشخاص ذوى الإعاقة، والعمل على تفعيل القانون الخاص بالأشخاص ذوى الإعاقة بدلا من قانون المجلس القومى لشئون الإعاقة.