شهدت العلاقات المصرية الجزائرية تطورا ملحوظا عقب تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد الحكم فى عام 2014والتى تعد امتدادا لعلاقة طويلة بين بلدين ارتبط مصيرهما المشترك وليس أدل على قوة ومتانة العلاقات المصرية الجزائرية من طلب الرئيس الجزائرى السابق هوارى بومدين من الاتحاد السوفيتى عام 1973 شراء طائرات وأسلحة لإرسالها إلى المصريين عقب وصول معلومات من جزائرى فى أوروبا قبل حرب أكتوبر بأن إسرائيل تنوى الهجوم على مصر، وباشر الرئيس الجزائرى اتصالاته مع السوفيت لكنهم طلبوا مبالغ ضخمة فما كان من الرئيس الجزائرى إلا أن أعطاهم شيكا فارغا وقال لهم أكتبوا المبلغ الذى تريدونه، وهكذا تم شراء الطائرات والعتاد اللازم ومن ثم إرساله إلى مصر. وكانت الجزائر ثانى دولة من حيث الدعم خلال حرب 1973 فشاركت على الجبهة المصرية بفيلقها المدرع الثامن للمشاة الميكانيكية بمشاركة 2115 جنديا 812 صف ضباط و192 ضابطا جزائريا. وامدت الجزائر مصر ب 96 دبابة 32 آلية مجنزرة 12 مدفع ميدان و16 مدفعا مضادا للطيران وما يزيد عن 50 طائرة حديثة من طراز ميج 21 وميج 17وسوخوى 7. وقال الرئيس الراحل أنور السادات إن جزءا كبيرا من الفضل فى الانتصار الذى حققته مصر فى حرب أكتوبر - بعد الله عز وجل - يعود لرجلين اثنين هما الملك فيصل بن عبدالعزيز عاهل السعودية والرئيس الجزائرى هوارى بومدين، وخلال عام، ومنذ الأيام الأولى من توليه مقاليد الرئاسة، أولى الرئيس عبدالفتاح السيسى أهمية خاصة لإعادة مصر عربياً وخليجياً، وإزالة كل لبس أو سوء فهم، أو جمود وقطيعة شابت علاقات مصر مع أشقائها بالمنطقة، وكانت الجزائر هى المحطة الأولى للرئيس السيسى فى سلسلة زياراته الخارجية، وهو خيار غير متوقع، لأنها الدولة العربية والإفريقية التى لم يزرها رئيس مصرى منذ خمس سنوات، وتمكن بالفعل من تدشين مرحلة جديدة بين البلدين الشقيقين، وقد أعربت الجزائر عن استعدادها لمد مصر بالغاز مُساهمة منها فى حل مشكلة الطاقة التى تعانى منها مصر، وتم التنسيق مع الجزائر لصد المخاطر المشتركة ولاسيما القادمة من ليبيا فى ظل الأحداث المشتعلة هناك، وهى خطوة كانت ضرورية لحماية الأمن القومى المصري. وقد عبر الرئيس الجزائرى بوتفليقة عن امتنانه بهذه الزيارة بقوله: «مصر عرفت لأول مرة منذ سنوات رئيساً تستحقه». وتدرك مصر والجزائر أهمية بناء علاقات قوية وراسخة على أسس جديدة تمكنهما من مواجهة التحديات المشتركة التى يتقاسماها ومن هنا كان حرص مصر والجزائر على تطوير التعاون الثنائى فى كل المجالات: السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها. ولا يمكن إنكار المساندة التى أولتها الجزائر لمصر خلال عام 2014 فى أكثر من مناسبة والتى كانت تعكسها تصريحات مختلف المسئولين الجزائريين. ففى يناير 2014 أكد وزير الخارجية الجزائرى رمطان لعمامرة، أهمية مصر للقارة الإفريقية ودورها على الساحة الشرق الأوسطية، مشددًا على ضرورة استعادة مصر لمكانتها الطبيعية داخل الاتحاد الإفريقى، وأشار إلى أن محاولات عزل مصر أمر ترفضه الجزائر، مؤكدًا أن بلاده تساعد القاهرة على تجاوز كل الصعوبات التى تواجهها. وجاءت زيارة وزير الخارجية السابق نبيل فهمى، فى يناير الماضى، لتعطى زخمًا للعلاقات الرئيسية، سواء على المستويين السياسى أو الإعلامي، إذ ظهر على المستوى السياسى اهتمام المسئولين الجزائريين بهذه الزيارة، وكان استقبال الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة لوزير الخارجية المصرى السابق دليلًا على مكانة مصر فى قلب الجزائر وعلى أهميتها واعترافًا من الجزائر بدور مصر المحورى فى المنطقة العربية والإفريقية.. وكانت الرسالة التى بعث بها الرئيس المصرى السابق عدلى منصور للرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة، دليلًا آخر على حرص مصر على إطلاع الجزائر على آخر تطورات الوضع على الساحة الداخلية، رغم أن ذلك لم يكن هدف الزيارة الرئيسى، وإيمانًا بالدور الذى يمكن أن تقوم به الجزائر لمساعدة مصر فى اجتياز هذه المرحلة. ولم يكن المجال السياسى هو المعنى فقط بتوثيق العلاقات المصرية - الجزائرية، بل إن الشق الأمنى فى التعاون لم يقل أهمية عنه بالنظر إلى أن المخاطر والتحديات والتهديدات التى تواجهها مصر والجزائر واحدة.. ومن هنا كان اجتماع وزراء خارجية دول جوار ليبيا على هامش أعمال المؤتمر الوزارى ال 17 لحركة عدم الانحياز الذى استضافته الجزائر فى شهر مايو 2014، والذى أكدوا خلاله دعم دولهم لكل الجهود والمساعى والمبادرات الليبية من أجل إرساء الحوار الوطنى وتحقيق العدالة الانتقالية. كما شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر والجزائر دفعة قوية خلال عام 2014، أبرزها انعقاد الدورة السابعة للجنة العليا المصرية الجزائرية المشتركة برئاسة رئيسى وزراء البلدين إبراهيم محلب وعبد المالك سلال، والتى تم خلالها التوقيع على 17 اتفاقية مذكرة تفاهم بين البلدين شملت العديد من القطاعات منها فى مجال تنمية الصادرات وحماية المستهلك والتعاون بين بورصة الجزائر والبورصة المصرية والتأمين وإعادة التأمين، ومذكرة التفاهم فى مجال الخدمات البيطرية بين البلدين ومذكرة تفاهم للتعاون بين البلدين فى مجال التكوين والتدريب المهنى.