أقبلت كما الغزالة.. طفقت تملأ جرتها من بئرنا.. أطلت علي بوجهها الصبوح كوجه الصلاة. عربدت النشوة في داخلي.. كدت أهوي علي الأرض مسحورا بسحرها. . صافحت أذني ضحكاتها الكوثرية.. غالفت الأشجار والأطيار والأزهار; دنوت منها.. سبحت مفتونا بين شواطئ عينيها.. رشفت من أنفاسها الدافئة عطورا وعسلا ونبيذا.. وبخفة العصفور تطلعت إلي بنظرات حالمة.. ظامئة فيها كل أشواق الدنيا.. التمعت عيناي.. لو أننا نسرق ساعة من الزمان أحادثها فيها وتحادثني, لكنها فرت كنسر جارح.. بيد أنها خاصمتني, غابت كحمامة بيضاء تحت أجنحة الغروب.. ابتلعتها أشجار التفاح والرمان.. اجتاحتني رجفة الرحيل تلألأت الدمعات في عيني.. تكسرت أغصان السعادة في داخلي.. نفشت غربان الأحزان ريشها في هذه اللحظات الكئيبة تمنيت لو أن شيئا ما يعطل خطواتها وتستنجد بي أو وحشا ضاريا يعترض دربها وتستصرخني فتنشق الأرض عني كأبي فراس.. ساعتها سأضمها إلي صدري.. ألملم خصلاتها الثائرة, أرشف في لذة وسعادة قطرات الدموع من فوق أزهار خديها, وأروح ولهانا أعاتب الأجفان الخجولة وتعاتبني.. انساب دمعي دافقا من رجفة قد عاودتني.. سافرت نظراتي اليائسة إلي السماء انتظر إحسان القدر.. راقني منظر البدر الوليد وهو يتهادي بين النجوم علي استحياء.. قلبي يحدثني أنه يدعوني إلي الصلاة.. غرقت في ماء الوضوء وفي الدعاء. فجأة أقبلت علي كأبهي نساء الأرض, يساورها الجلال, وأقسمت لو وضأتني..