تنفجر «أرحام» المجتمعات إثر الاضطرابات والانتفاضات، والاهتزازات الاجتماعية والسياسية، وبعد الثورات سواء اكتملت، أم أجهضت واختطفت، وما يليها من مراحل فوضي، فتقذف بأجنة مكتملة الشر، كانت قد احتفظت بها طويلا، فى ظلمات ومغارات أحشائها، أجنة فائقة فى الخسة والوضاعة والقسوة والبلادة، لا تختلف كثيرا فى «سمتها» وحركتها، عن ذئاب الطبيعية، التى يعادلها فى الواقع، الذئاب المنفردة أو الوحيدة حسب التعبير الاستخباراتى التى تطلقها التنظيمات الإرهابية، للقيام بعمليات قتل للحياة الإنسانية. لم يكن «حماصة» و «ميكا» و «المجنون» ورابعهم الذى بلا اسم شهرة، إلا قطيعا من الذئاب الصغيرة المنفردة، قام بتغيير نشاط ملهى ليلى إلى فرن للصهر، أكلت نيرانه أجساد أكثر من سبعة عشر، من رواد المتعة والمجون، وهواة قضاء الليل فى «علبة»، عندما منع «حماصة» ورفاقه من دخولها، أشعلوا فيها النار، لرد الاعتبار والانتقام. ذئاب «حماصة» لا ينتمون إلى تنظيم إرهابى، هم يعملون لحسابهم الخاص، شأنهم شأن كثيرين، ممن يحرقون مصر كل يوم، وينتمون إلى كل طبقاتها، ويعبرون عن مستويات إنسانية، تبدأ من القمة والنخبة، وتنتهى بالذين يقبعون فى القاع، أو فوقه بقليل، ضحايا التشوهات الكبري، فى التعليم والثقافة والفن والدين والسياسة، وضحايا الفقر والعشوائيات، الذين يأخذون من «عبده موتة» قدوة للصعود والبقاء. الفارق بين ذئاب «حماصة» وذئاب المجتمع الأخرى، فقط فى اختلاف وسائل وأساليب الخراب والتدمير والتحريق. إن نظرة على مصر، التى تقف خارج «الملهي»، والتى لا تعرف طريق «الملهي»، تكشف عن أنها تواجه نفس مصير «الملهي»، وأن هذه الذئاب المنفردة، المنتشرة فى كل مكان، وتمارس جرائمها دون أن ينكشف أمرها، تهدد حياة المصريين. إن هذه الذئاب لا تقل خطورة عن ذئاب «حماصة»، بل هى أكثر خطورة، لأن «حماصة» ورفاقه أرادوا فقط أن يصوروا الجزء الثانى من فيلم «عبده موتة» فحرقوا الملهى، أما الذئاب الأخرى فتريد حرق مصر كلها! فى الختام.. يقول ألبير كامو: «لا تحكم على اختياراتى إذا لم تعرف أسبابى، ولا تحكم على أسبابى لأنك لم تعش حياتى». لمزيد من مقالات محمد حسين