حازم بدوي: اطمئنوا أصواتكم محصنة وإرادتكم نافذة    رئيس لجنة مدرسة اللواء أحمد عبد التواب بالفيوم يحمل طفلا ليدلي والده بصوته    التعليم: لا يجوز حرمان الطالب غير المسدد للمصروفات من دخول الامتحان/ مستند    نقيب المحامين يُصدر قرارا بإنشاء لجنة استشارية عليا لدعم وتطوير العمل المهني والنقابي    مدبولى: تكامل العلم والصناعة الطريق الوحيد للازدهار    إكليل زهور على النصب التذكارى ل«علييف»    سعر طن الحديد الخميس 11 ديسمبر 2025 في مصر    لافروف: روسيا تسعى لتسوية شاملة ومستدامة للنزاع فى أوكرانيا    انتقادات قاسية ورسائل مبطنة.. هل على أوروبا توقع نهاية الدعم الأمريكي لأوكرانيا؟    غزوة بيرون على قطاع غزة، أمطار غزيرة وفيضانات تفاقم أزمة النازحين في الخيام    وزير الدفاع الصومالى لترامب: ركز فى وعودك الانتخابية ولا تنشغل بنا    شاهد| كامل أبو علي لوزير الرياضة: مش هدخل الموسم الجديد بدون الاستاد.. حرام 70 مليون إيجارات    الاتحاد والمصري يتعادلان سلبيا في كأس عاصمة مصر    الشيخ يعلن تشكيل وادي دجلة لمواجهة بتروجت في كأس عاصمة مصر    استمرار توقف حركة الملاحة والصيد بميناء البرلس وسواحل المحافظة الشمالية    النيابة تذيع المرافعة في قضية طفل الإسماعيلية (فيديو)    الإعدام ل 3 من عائلة واحدة بسبب استعراض القوة وقتل شخص فى شبرا الخيمة    بعد أسبوع من البحث| اصطياد «تمساح الزوامل»    نصائح شعبة الذهب عند شراء الجنيهات والسبائك .. خاص    تحصين 320 كلبًا خلال أسبوعين في الدقهلية| صور    وصول يسرا ل حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025    عبلة كامل تتصدر تريند مواقع التواصل الاجتماعي.. لهذا السبب    «هما كده» أغنية جديدة لمصطفى كامل ويطرحها السبت    لبلبة من ختام البحر الأحمر: سعيدة بردود الفعل على جوازة ولا جنازة    دبلوماسى أمريكى سابق: إسرائيل تسعى لاستعادة السيطرة الكاملة على غزة    رئيس الوزراء يستعرض مشروع المنظومة القومية لتتبع المستحضرات الدوائية    تحذيرات عالمية من خطر هذا الشتاء.. ما هى سلالة أنفلونزا H3N2    حصاد الوزارات.. رئيس هيئة الدواء يبحث مع مسؤولى مؤسسة جيتس تعزيز التعاون    أشرف زكى عن عبلة كامل : مختفية عن الأنظار .. ونشكر الرئيس على رعاية كبار الفنانين    رئيسا العراق وتركمانستان يبحثان تعزيز العلاقات الثنائية    تعيين الدكتور طه عاشور نائبا لرئيس جامعة بنها    ميدو: صلاح يجب أن يغادر ليفربول.. وأشجعه على خطوة الدوري السعودي    «صحة قنا» تعقد اجتماعًا بمديرى المستشفيات لتعزيز جاهزية منظومة الطوارئ والرعاية الحرجة    تسليم 5 أجهزة تعويضية وكراسي متحركة للمرضى غير القادرين بسوهاج    ضبط شخص بحوزته كروت دعائية وأموال لشراء أصوات الناخبين في الأقصر    يزن النعيمات صفقة الأهلي المحتملة في الميركاتو الشتوي    تطورات الوضع في غزة تتصدر مباحيات الرئيس السيسي وملك البحرين    حبس عاطل بتهمة التحرش بفنانة شهيرة أثناء سيرها بالشارع في النزهة    محافظ كفر الشيخ: الانتهاء من تدريب وفد من 10 دول أفريقية على تقنيات تحسين تقاوى الأرز    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن فوز مصطفى البنا وحسام خليل بالدائرة الثانية بأطسا    المشاط»: 2.7 مليار يورو محفظة التعاون الجارية مع بنك الاستثمار الأوروبي    الليلة.. قناة الوثائقية تعرض فيلم محفوظ وهي    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    محمد سيحا يستعد لقيادة حراسة الأهلي في أول ظهور رسمي مع الفريق    الضباب الكثيف يلغي عددا من الرحلات الجوية إلى مطار حلب بشمال سوريا    منشور مثير من نجل سائق محمد صبحي بعد انفعال الفنان على والده    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع تطوير مدينة النيل الطبية    الخارجية السورية: إلغاء قانون قيصر يمثل انتصارا    ضربات أمنية لضبط الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    سباليتي: أداء يوفنتوس أمام بافوس كان محرجا في الشوط الأول    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة «قرة إنرجي» بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيسها    مؤسسة هولندية تتبرع بأجهزة ومعدات قيمتها 200 مليون جنيه لدعم مستشفى شفاء الأطفال بسوهاج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    مواعيد مباريات اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العاشق

مرتادو الحديقة العامة يتبدلون عليه كل يوم، يذهبون ليأتى غيرهم. إن كثيرين منهم لو أتى مرة ربما لا يعاود الثانية طوال حياته، إلا هذين العاشقين اللذين أعتادا أن يأتيا إلى الحديقة كل جمعة و لم يتخلفا عن الحضور لسنوات !
«تصوير تصوير»... بصوت جهورى يطلقها وهو يمضى بقدمين متثاقلتين على مدار اليوم يجوب الحديقة بشعره الأبيض كالثلج و قلبه الأبيض كالحليب و وجهه الأسمر الممتلئ بالتجاعيد، ويعتلى رأسه «كابه» الأزرق و يعلق فى رقبته كاميرته الفيلمية .
لا يلبث يمر كل بضع دقائق فى ممرات «الحديقة» ليعرض على مرتاديها التقاط صور لهم على مقربة من التماثيل الرابضة فى مداخلها، أو برفقة من يحبون، أو بجوار الورد و الرياحين المبللة بقطرات الندى و الماء. هو لا يعرض عليهم التصوير كتصوير مجرد, بل واقع الحال هو يدعوهم إلى أن يقتنصوا لحظة يوقفون خلالها مجرى الزمن ليبقى متوقفاً معهم للأبد !
يجلس العاشقان عصر كل جمعة فى تماه, ذات جلستهما المعتادة تحت ظل شجرة «البونسيانا», فى ذلك الركن القصى الذى يبعد كثيراً عن أعين المارة لكنه لا يبعد أبداً عن عين كاميرته التى تتقن القنص، يلتقيان و كل منهما يهيم حباً و شوقاً فى عينيّ الآخر و كأنه يراه لأول مرة و هو يغوص فى بحر عينيه !.
يتناولان الشطائر و يحتسيان الشاى والمثلجات و قد أخذا ينقشان على العشب الأخضر قلباً كبيراً يحوى اسميهما، ثم ينحتان جذع شجرة «البونسيانا» العتيقة ذات الورد الأحمر، ويخطان عليه على وقع تغريد العصافير بخط رقيق كلمتى «أحبك للأبد», ثم ينحتان بجانبها التاريخ، حتى أن محيط الشجرة «المنحوتة» صار أشبه بدفترعاشق يعج بالحب الخالد، ثم يناديان فى طقس معتاد «عم فوزى» ليلتقط لهما صورتهما جانب «صفحة الجذع» و هما يلتصقان ببعضهما فى تناغم و انجذاب متبادل كانجذاب نحل للرحيق، يقوم بعدها باستخراج صورة «الزمن الذى توقف» بعد ساعتين أثنتين على الأكثر!
إنه لم يشهد فى حياته مثل هذا الحب الصادق, الذى يشبهه و يذكره بنفسه، بعشقه لمحبوبته التى رفض أهلها أن يرتبطا معاً, وظل حتى اللحظة على العهد معها, لم يتزوج بغيرها و هى أيضاَ لم ترتبط بغيره ! لقد أهدته محبوبته كاميرته هذه على سبيل الذكرى لحظة فراقهما القدرى, ووضعت عليها ملصقاً كتبت عليه بخطها الرومانسى الرقيق «أحبك للأبد!», حتى أنه اعتزازاً بها رفض من يومها أن يستبدلها بكاميرا «ديجيتال» حديثة !
إن الذى أستوقفه كثيراً أن الحديقة العامة هذه, بل الحدائق بشكل عام, دأبت على أن تشهد النزوات و اللقاءات العابرة فقط، لكن هذين العاشقين النادريّن غيرا معتقدات ظنها تجذرت بداخله و حُفرت بأعماقه، لقد كان قبل أن يعرفهما قد فقد الأمل تماماً بوجود الحب الحقيقى جراء ما شاهده, حتى خًيّل إليه أنه ذهب بغير رجعة، إلا أنه بعدما التقاهما شعر بأنه يعانق روحه من جديد، أيقن أن الحب والوفاء للمحبوب سيظل فى هذا العالم حياً لا يموت !
توالت الأسابيع و العاشقان لم يحضرا, لا فى نفس موعديهما و لا فى غيره، لقد خلا مكانهما بجانب الجذع,كما تخلو للناظر سماء معبأة بالغيوم من النجوم,غاب الحب الحقيقى بغيابهما، تساقطت أوراق «البونسيانا» بعدما شحبت و أصفرّت و كأنها تئن من لوعة الغياب.
تُسائله نفسه: ما الذى حدث لهما؟ هل توجا حبهما بالزواج ثم سافرا خارج البلاد، أم أنهما انتقلا إلى حديقة أخرى ؟!.. ظلت تلك الأسئلة تحاصره و تطرق رأسه إلى أن واتاه ذلك المساء الذى لا يُنسى !
كان ذلك مساء يوم جمعة, فإذا به و هو يمر وسط ورد الحديقة مروره المعتاد و قد أخذ يجول بناظريه بحثاً عن زبائنه، إذا به على حين غفلة تعترضه «شوكة» آلمت روحه, حين تفاجأ بتلك الفتاة المحبوبة تجلس مع شخص آخر و هى تطالع صفحة عينيه بذات نظرات الحب الساهمة رغم تغير العينين اللتين أدمنت النظر فيهما ! .
بعدها بأيام قلائل وجد نفس الشاب «محبوبها» يجالس فتاة أخرى و يشنف آذانها بكلماته المعسولة التى لطالما تناهت لمسامعه وهو يمطر بها محبوبته -التى كانت- كل جمعة ألف مرة !
و الذى أدمى قلبه النازف أكثر أنهما طلبا منه - و بلا مبالاة- أن يمارس مهنته و يلتقط لهما الصور من جديد !
.هنا شعر بغصة أدمت قلبه و أثارت حنقه، قرر على أثرها أن يودع مهنته تلك و يكابد ما تبقى من حياته، كان صعباً عليه فراق محبوبته الكاميرا، بيد أنه لم يشأ أن يلوثها بتلوثات بنى البشر، ودعها دون الذهاب لغيرها كما هى عادته، بل ظل وفياً لها مطوقاً بها عنقه !
قرر «عم فوزى» اعتزال التصوير بغير رجعة، لأنه كان و ما زال و سيبقى يؤمن بأن هناك لحظات فارقة فى حياة الإنسان لا تتكرر, كلحظات الولادة و لحظات الموت ولحظات الحُب...!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.