عقوبة الاعدام هى العقوبة القصوى فى التشريع الجنائى، دول كثيرة تخلت عنها لتعارضها مع الحق فى الحياة، وأخرى تتمسك بها لارتباطها بثقافة هذه المجتمعات، ومصادرها التشريعية،وتعتبرها نوعا من القصاص والردع للعديد من الجرائم، بينما يرى آخرون أن عقوبة الاعدام لم تردع المجرمين فى كثير من الجرائم ومنها الاغتصاب والقتل وجلب المخدرات.. الخ.. اللواء دكتور ممدوح مجيد الباحث فى العلوم الجنائية والخبير القانونى يقول: لقد شغل موضوع عقوبة الاعدام – أوقتل النفس لجرم اقترفته , معاقب عليه فى القانون – الكثير من دارسى علم الاجرام والعقاب وكذلك الكثير من الحقوقيين والمهتمين بحقوق الانسان فى مصر والعالم , فكانت وجهات نظر الباحثين والعلماء دائما تختلف باختلاف البيئة التى عايشوها، أو الاتجاه الدينى الذى اتبعوه أو الافكار الفلسفية التى اعتنقوها, وهذا الانشغال الفكرى لعقوبة الاعدام لم يكن ليقف عند حدود البيئة أو الدين أو الفلسفة, بقدر ماكان يبرز خلال المناقشة فى أمر أحد القتلة أوالمعتدين على حقوق الناس، ومن ثم يجب أن نفرق أولا بين شرعية عقوبة الاعدام وبين الغاء عقوبة الاعدام أم الابقاء عليها، فالشرعية هى اقرار مبدأ هذه العقوبة, والالغاء هو عدم الحاجة لتطبيقها فى الوقت الحاضر، ويرى المؤيدون لعقوبة الاعدام أنه من حق الهيئة الاجتماعية فرض هذه العقوبة, لانه اذا كان المجتمع لم يعط حق الحياة, فهو لم يعط حق الحرية لاحد, مع الاعتراف بأن الحياة أثمن من الحرية, والاعتراض على عقوبة الاعدام يقضى معه على شرعية كل العقوبات الاخرى، واذا كانت عقوبة الاعدام خطر لانه من الجائز ان يخطأ القاضى, فعقوبة الحبس أيضا جائز أن يخطئ القاضى أيضا وهى تؤثر فى صحة الفرد وحياته بصورة لايمكن تلافى معها الضرر, وقد تكون عقوبة المؤبد أكثر ضررا من الاعدام، فضلا عن أن عقوبة الاعدام خففت كثيرا من أعداد المجرمين لتحقيقها الردع العام ، والاعتراض القائم على أساس عدم تناسب هذه العقوبة مع الجريمة, مردود عليه أن التناسب التام أمر غير ممكن, فتقدير الانسان للامور نسبى بصورة دائمة ،كما أن بلاء العقوبات طويلة المدة أخطر وأوقع من عقوبة الموت على قصر عذابها. بينما يرى المعارضون لعقوبة الاعدام والمطالبين بالغائها أن الغرض من العقوبة ليس معاقبة الشخص عن فعل وقع , بل منع وقوع مثل هذا الفعل مستقبلا ، وأيضا عقوبة الاعدام لايمكن تلافيها أو أصلاحها اذا نفذت على المحكوم عليه ثم تبين خطأ الحكم فلا مجال لتصحيح الخطأ. وكذلك عقوبة الاعدام لم تكن فى يوم من الايام رادعة للمجرمين، بدليل أن نسبة الجرائم التى يجوز فيها الحكم بالاعدام لم تقل فى البلاد التى أبقت على هذه العقوبة, ولم تزد فى البلاد التى الغت هذه العقوبة ،أضافة الى أن العقاب فى مدارس الدفاع الاجتماعى الحديث هدفه الاصلاح , فهل فى موت المجرم اصلاح له، كما يرى البعض ان الغاء هذه العقوبة واستبدالها بعقوبة رادعة مثل عقوبة الاشغال الشاقة المؤبدة تكون أنفع وأجدى للمجرم، وعلى الصعيد الدينى كما يعرض اللواء دكتور ممدوح مجيد, فالقرآن الكريم بعد أن أوجب القصاص فى القتل العمد، خيرنا بين القصاص وبين الصفح أو العفو فى مقابل دية أو مال ، فالقضية تحتاج للكثير من النقاش المتعمق وصولا الى مراعاة حقوق الانسان وتحقيق الردع والصالح العام .