الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بمشاركته في قمة المناخ بباريس، يحاول أن يؤكد من جديد اهتمام إدارته بقضايا التغير المناخي وملفات التقنيات الخضراء (الصديقة للبيئة)، وأيضا أطروحات الطاقة المتجددة. ولم يتردد أفراد إدارته أثناء حديثهم عن قمة المناخ في التذكير بأولوية التعامل مع التغير المناخي باعتباره قضية أمن قومي .. وانه قضية حيوية تخص العالم كله ومستقبل البشرية، وأن تبعات هذا التغيير الجاري حدوثه الآن سوف تكون وخيمة، وقد تظهر بشكل أخطر وأوسع في السنوات العشرين أو الثلاثين المقبلة. وبما أن الحديث عن هذا الأمر له جوانبه العلمية وأيضا توجهاته السياسية فإن الجدل المثار حوله في واشنطن وفي العواصم الأخري يخلط دائما كل الأوراق معا.. وهذا هو أيضا المتوقع حصوله في باريس بين كافة الدول والتيارات الفكرية والسياسية ومجموعات لها الكلمة، وغالبا لها المصلحة، في تحديد الأولويات والدفع بالأجندات. وقد حرص بن رودس نائب مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي، أثناء حديثه منذ أيام عن مشاركة الرئيس الأمريكي، علي القول بأن الولاياتالمتحدة ليست منخرطة في هذا العمل فقط بهدف جذب الانتباه تجاه القضايا بل إن الرئيس أوباما يركز علي أن يتم تحقيق أشياء .. واننا إذا تمكنا من تحقيق اتفاق حول اطارعمل طموح في باريس لمكافحة التغير المناخي فإن هذا سوف يكون تأثيرا ايجابيا وممتدا علي أجيال المستقبل في الولاياتالمتحدة وحول العالم. وكانت ادارة أوباما قد كثفت من دبلوماسيتها الخاصة بقضايا البيئة خلال السنة الماضية، وتحديدا مع الصين والهند والبرازيل. ومن المقرر أن يلتقي الرئيس أوباما بنظيره الصيني جينبنج، وأيضا برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. ولم يفت مراقبي الادارة الاشارة الي أن الصين من أكبر منتجي أو مسببي «الانبعاث الحراري»، وبالتالي فإن الحديث معا عن التعاون من أجل «التغيير المناخي» ضرورة. إن إدارة أوباما تذهب الي هذا اللقاء الدولي «قمة المناخ» لايجاد آلية دولية مشتركة ومنظومة متعاونة تقف بها الدول والحكومات علي امتداد العالم في مواجهة التغير المناخي. ولم يتردد الكونجرس الأمريكي بأغلبيته الجمهورية مع اقتراب «قمة المناخ» في إبداء عدم رضاه وعدم استعداده لاقرار ثلاثة مليارات من الدولارات طالب بها الرئيس أوباما للمساهمة في الصندوق الدولي الخاص بالمناخ الأخضر أي للمشروعات الرامية لحماية البيئة والحد من تغيرات المناخ. كما أن أكثر من عشرين ولاية يحكمها جمهوريون- شهدت رفع قضايا ضد قواعد وقوانين تبنتها وكالة حماية البيئة الأمريكية، والتي تطالب بخفض 32 في المائة من الانبعاثات الكربونية من محطات الطاقة القائمة. كما أن «التغير المناخي» صار في الفترة الأخيرة تحديدا مادة للانتقاد والهجوم و»السخرية» في المناظرات التليفزيونية بين المرشحين الجمهوريين للانتخابات الرئاسية الأمريكية. ان التغير المناخي يعتبره بعض الساسة خاصة أصحاب الفكر المحافظ والتفكير اليميني ضربا من الخيال، وليس له أساس علمي، وأن وراءه دوافع سياسية ليبرالية تسعي لابتزاز المخاوف البشرية مما قد يحدث من كوارث طبيعية في المستقبل. وتهدف أيضا ل»شيطنة اليمين المحافظ» وتصويره في صورة اللامبالي بمستقبل الكرة الأرضية والرافض للتفكير العلمي والتكاتف الدولي في مواجهة تحديات البشرية. إن ما تفعله ادارة أوباما ليس كافيا: هذا ما يقوله ويردده نشطاء حماية البيئة والمهمومون بشئونها. أما منتقدو الإدارة ومعارضوها فإنهم يرون أن ما تفعله ادارة أوباما في هذا الشأن غير مرغوب فيه وغير ضروري بالنسبة لأمريكا العظمي القوية وبالتالي فهو غير مفهوم وغير مقبول أبدا.